أحمد نبيل: لم يعد هناك مكان لفن البانتومايم
• الصامت الضاحك يعيد البسمة لرواد «المسرح القومي»
بعد 13 عاما من اعتزاله الفن، عاد رائد فن البانتومايم في مصر، الفنان أحمد نبيل، ليكشف العديد من الأسرار في مسيرته الفنية، خلال ندوة نظمها المهرجان القومي للمسرح المصري في إطار تكريمه المستحق، حيث احتفى المهرجان بتجربته المميزة في عالم الفن، وصدور كتاب «الصامت الضاحك» الذي يوثق مسيرته الفنية والإنسانية.
وقال الفنان أحمد نبيل إنه اتخذ قرار اعتزال الفن عام 2012، بعدما شعر بأنه لم يعد هناك مكان حقيقي لفنه في المشهد العام، مؤكدا أنه كان منذ صغره مفتونا بالحركة أكثر من الكلمة، ولم يجد نفسه في فن الإلقاء أو النكتة بقدر ما وجدها في التعبير الجسدي وتقديم المشاهد الصامتة والكوميديا الحركية.
وأضاف: «كانت بدايتي من الإسكندرية، وشاركت في تأسيس فرقة ثلاثي أضواء المسرح، قبل انضمام الفنان الضيف أحمد، وقدمت معهم أعمالا ناجحة مثل حواديت، وبراغيت، وغيرهما، وتركت الفرقة بناءً على رغبة الفنان جورج سيدهم، ورغم ذلك لا أزال أكن لجورج كل التقدير والاحترام، وحزنت وبكيت كثيرا عندما علمت بخبر وفاته، وقد زرته قبل الوفاة فرأيت دموعا في عينيه كأنه يعتذر لي».
«لسنا ملائكة»
وتناول نبيل في حديثه الجانب الخفي في حياته الفنية، ودوره خلف الكواليس كمساعد مخرج في فيلم «لسنا ملائكة»، وأشار إلى أن هذه المرحلة كانت بوابة انطلاقه، لكنها لم تكن نهاية الرحلة، حيث بدأ اهتمامه الجاد بفن البانتومايم في منتصف السبعينيات، بعد عودته من منحة دراسية في موسكو، ليصبح أحد أبرز وجوه هذا الفن في مصر.
واستطرد: «كنت أقلد الضيوف الذين يزوروننا في المنزل، والمدرسين في المدرسة، وكنت أعشق الأفلام الصامتة وخاصة أعمال شارلي شابلن، حتى انني كنت أرتدي زيه وأؤدي مشاهد من ابتكاري»، وتابع: «لقائي الأول مع مصطلح البانتومايم جاء عام 1960، حين عرفني مدير مكتبة بالإسكندرية بهذا الفن وأهدى لي كتبا مترجمة عنه، وبدأت أتدرب بجهد حتى حصلت على منحة للدراسة بالخارج وحققت المركز الثالث بين فنانين من 43 دولة».
وأشار إلى بيته في الإسكندرية، والذي قال عنه إنه كان بمنزلة «بيت العيلة» للفنانين، ومنهم سعاد حسني وفريد شوقي وغيرهما، واللذان كانا عندما يحضران للإسكندرية يأتيان إليه أو لوالدته حتى لو لم يكن موجودا، ويأكلان السمك الذي تطهوه خصوصاً لهما.
مسيرة
من جانبه، ذكر محمود التميمي، مؤلف كتاب «الصامت الضاحك»، الذي يتناول مسيرة أحمد نبيل، أن الكتاب لا يقتصر على توثيق تجربة أحمد نبيل مع فن البانتومايم فقط، بل يرصد مسيرته الكاملة منذ نشأته في الإسكندرية وحتى لحظة اعتزاله، مرورا بجميع المحطات الفنية والإنسانية التي شكّلت شخصيته وأعماله، مؤكدا أن حبه لأحمد نبيل منذ الثمانينيات هو ما دفعه إلى كتابة هذا الكتاب، فكان دائما يراه كائناً استثنائيا في أدائه وتكوينه، فهو تجربة فنية وإنسانية تستحق التوثيق.
وقالت الكاتبة الصحافية هبة محمد علي: «حين نتحدث عن الفنان أحمد نبيل فنحن لا نستعيد مجرد سيرة فنية، بل نفتح بابا على إنسان نقي، وفنان نادر، آمن بأن الإبداع لا يحتاج إلى صخب، بل إلى صدق، فبصمته في الأداء الصامت كانت أبلغ من الكلام، وحضوره الإنساني قبل الفني كان كفيلا بأن يترك أثرا لا يُنسى في كل من اقترب منه، وأحمد نبيل هو الفنان الذي جعل من البساطة مدرسة، ومن الصمت لغة، ومن الحركة حياة، واليوم، لا نحتفي فقط بتكريمه، بل نحتفي بتجربته التي أثرت الوجدان قبل أن تُدوَّن في كتاب».