دمشق تتجه شرقاً لاحتواء الضغوط وموازنة تموضعها
• الشيباني يزور موسكو وينسق مع الصين... ويبحث مع ديرمر فضّ الاشتباك
بعد استقباله السفير الصيني، شي هونغوي، مرة جديدة، يتوجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني اليوم إلى موسكو للقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف لأول مرة، في زيارة غير مسبوقة، أثارت تساؤلات بشأن توقيتها وأهدافها، خصوصاً في ظل تزامنها مع إجرائه مباحثات هي الثانية من نوعها مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر اليوم أيضاً في باكو.
وفي أوج التصعيد الإسرائيلي الجديد بمحافظة السويداء خلافاً للتعهدات المتتالية بخفض التوتر والتهدئة بالجنوب، برزت زيارة الشيباني الأولى إلى موسكو منذ إطاحة بشار الأسد في ديسمبر الماضي، ومن المقرر أن يبحث خلالها مع لافروف العلاقات الثنائية، خصوصاً في آمال موسكو في مواصلة تشغيل قاعدتيها البحرية والجوية في سورية.
وتأتي زيارة الشيباني استجابة لدعوة رسمية وجّهها لافروف له في مايو الماضي، عقب مشاورات ثلاثية تناولت ملفات التطبيع بين أنقرة ودمشق والتنسيق الأمني في الشمال السوري.
ورغم الحديث الرسمي عن «تعزيز التعاون الثنائي»، تُقرأ هذه الزيارة في سياق أوسع لمحاولات موسكو تثبيت تموضعها الاستراتيجي في سورية بعد سقوط نظام الأسد، خصوصاً مع تقلّص قدرتها على المناورة بفعل الحرب في أوكرانيا، وتزايد النفوذ الإيراني، إلى جانب الضغوط الغربية.
ووفق تحليل لمعهد كارنيغي، تسعى موسكو لتأمين مواقع استراتيجية طويلة الأمد، تشمل ميناء طرطوس وقواعد عسكرية على الساحل السوري، وهو ما يفسّر توقيت الزيارة، خصوصاً في ظل التقارب السوري - الروسي - الصيني، الذي ظهر بوضوح خلال لقاء الشيباني السفير هونغوي.
وأكد السفير الصيني، خلال اللقاء، دعم بكين لوحدة وسيادة الأراضي السورية ورفضها للاعتداءات الإسرائيلية، كما شدد الطرفان على تعزيز التعاون ضمن مبادرة «الحزام والطريق»، في تحرُّك يُنظر إليه كجزء من إعادة رسم الاصطفافات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
في المقابل، لا يُستبعد أن تكون هذه التحركات بمنزلة أوراق ضغط مؤقتة تستخدمها دمشق في قنوات خلفية مفتوحة مع عواصم غربية، وفق تقارير لمجموعة الأزمات الدولية، لاسيما أن مفاوضات غير معلنة تُجرى مع واشنطن وبعض العواصم الأوروبية بشأن العقوبات والإصلاحات الأمنية.
وفي هذا المشهد المعقّد، تبدو زيارة الشيباني إلى موسكو محاولة مزدوجة لتأمين غطاء استراتيجي من الحليف الروسي، وإرسال رسائل سياسية للغرب مفادها بأن استمرار التصعيد العسكري والاقتصادي قد يدفع دمشق أكثر نحو الاصطفاف الكامل مع المحور الشرقي.
في موازاة ذلك، يعقد الشيباني وديرمر اليوم اجتماعاً جديداً في باكو، سيتمحور حول «الوضع الأمني خصوصاً في جنوب سورية».
والاجتماع المقرر في باكو هو الثاني بين الشيباني وديرمر، بعد لقاء مماثل استضافته باريس برعاية أميركية في 12 يوليو الجاري.
وتمحور لقاء باريس الذي عقد الجمعة حول «التطورات الأمنية الأخيرة ومحاولات احتواء التصعيد في الجنوب»، إضافة إلى «إمكانية إعادة تفعيل اتفاق فضّ الاشتباك» لعام 1974، بحسب ما نقل التلفزيون السوري.
على الأرض، تشهد محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية تصعيداً ميدانياً غير مسبوق، حيث أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع ضربات إسرائيلية استهدفت مقاتلين من البدو وميليشيات موالية للحكومة في ريف المحافظة الغربي، رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشار المرصد إلى تحليق مكثف لطائرات استطلاع ومروحيات إسرائيلية فوق مناطق مختلفة من جنوب سورية خلال الساعات الماضية، تزامناً مع تقارير عن غارات استهدفت مواقع دفاعية في منطقة الثعلة وقرى على حدود السويداء ودرعا.
وفي حين لم يصدر تعليق رسمي من الجيش الإسرائيلي، أكد مصدر في حركة «رجال الكرامة» أن القصف استهدف تجمعات عسكرية للنظام، وسط توتر أمني مستمر منذ اندلاع الاشتباكات بين مسلحين دروز وعناصر من العشائر في 13 الجاري، التي تسببت حتى الآن في مقتل أكثر من 1100 شخص، وفق تقارير حقوقية.