الكويت: التزام راسخ بمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص
• «الخارجية»: تعزيز الجهود لمنعها وحماية الضحايا واتخاذ كل التدابير الوقائية والتشريعية اللازمة
جددت وزارة الخارجية تأكيدها التزام الكويت الراسخ بمكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص باعتبارها انتهاكا صارخا لكرامة الإنسان وحقوقه الأساسية.
وأكدت الوزارة، في بيان لها أمس الأول، حرص الكويت على تعزيز جهودها الوطنية والدولية، لمنع هذه الجريمة وحماية الضحايا، واتخاذ كل التدابير الوقائية والتشريعية اللازمة، انطلاقاً من مسؤولياتها القانونية والحقوقية.
وتضمن تقرير لـ «كونا» بهذا الشأن أنه مع حلول ذكرى اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص الذي وافق أمس الأول (الأربعاء) تمضي الكويت ومنظمة الأمم المتحدة قدما في طريقهما نحو تعزيز التعاون الوثيق، ومضاعفة الجهد في مناهضة جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين بكل أشكالها من جهة، وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها من جهة أخرى.
وتشكل جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين تهديدا عالميا، فهي من أخطر الجرائم التي تُرتكب عبر الحدود الدولية في صورة جريمة منظمة عابرة للحدود الوطنية، تتغذى عليها شبكات إجرامية منظمة، حيث يتم التعامل مع الإنسان على أنه مجرد سلعة مادية لجني الأرباح.
ومن هنا برزت الحاجة إلى تضافر جهود المجتمع الدولي لوضع سياسات معنية بمكافحة هذه الجريمة عبر صياغة اتفاقيات دولية تجرم كل مظاهرها، وتوفير سبل الحماية للضحايا وتوعيتهم بحقوقهم الإنسانية، واتخاذ التدابير الرادعة بحق المتاجرين بالبشر، وتعزيز التعاون بين الدول في شأن تبادل الخبرات والمعلومات حول الأساليب المستخدمة لاستهداف الضحايا.
اتفاقيات ومواثيق دولية
وفي هذا الشأن قامت الأمم المتحدة ممثلة بأجهزتها المعنية بإبرام العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، أبرزها اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 2000 اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين المقترنين بها والمكملين لها، أولهما لمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص لاسيما النساء والأطفال، والآخر لمكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو.
ويشير النظام القانوني الكويتي إلى انضمام الكويت في سنة 2006 إلى هذه الاتفاقية والبروتوكولين المقترنين بها والمكملين لها، كما قامت في سنة 2013 باتخاذ التدابير التشريعية الجزائية الملائمة لمواجهة هذه الجرائم عبر إقرارها قانون مكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.
وبادرت الكويت في سنة 2018 بإنشاء لجنة وطنية لمنع الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، تتلخص رؤيتها بكويت خالية من الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومناهضته، وبناء مجتمع واع بمخاطر هذه الظاهرة والسعي نحو القضاء عليها.
كما وقعت الكويت في سنة 2023 إعلان نوايا مع مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، في شأن توفير إطار للتعاون والتفاهم فيما يتعلق بمسائل منع وقمع ومعاقبة جرائم الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.
وتلاها في سنة 2024 توقيع مذكرة تفاهم بين الجانبين، تهدف إلى تبادل الآراء الفنية والاستشارية والتشاور حيال التجارب الدولية المتعلقة بتطبيق النظم والاستراتيجيات ذات الصلة بمكافحة هذه الجرائم.
الأمم المتحدة اعتمدت في عام 2000 اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة لمنع الاتجار بالبشر
شراكة ممتدة
وبهذه المناسبة، أعرب المدير الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في دول مجلس التعاون، القاضي د. حاتم علي، في تصريح لـ «كونا» عن اعتزازه وتقديره للشراكة الممتدة مع الكويت، ممثلة بلجنتها الوطنية الدائمة لمكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين ووزارتها وجهاتها المعنية منذ عقود من الزمن في تحدي الاتجار بالبشر سواء بمكافحته أو الوقاية منه أو رعاية وحماية ضحاياه.
وأشاد د. علي بالجهود التي تبذلها الكويت للنهوض بهذا الملف الوطني، عبر بناء وتطوير قدرات العاملين في الوزارات والجهات الأعضاء في اللجنة الوطنية، بالإضافة إلى وضع الأطر القانونية والتشريعية، ووضع أسس منظومة الإحالة الوطني.
وأضاف «عملنا معا على تطوير التشريع الكويتي لمكافحة الاتجار بالأشخاص والهجرة غير الشرعية، حتى أصبحت الأطر القانونية والتشريعية لدولة الكويت على أرقى المستويات والمعايير الدولية للأمم المتحدة، كما عملنا أيضا على وضع أسس منظومة الإحالة الوطني للتعاون في تنسيق وكشف وفحص الحالات المشتبه في أنها اتجار بالأشخاص، وإحالتها إلى الجهات الأمنية والقضائية المعنية، كما عملنا معا على وضع معايير الحماية والرعاية الصحية والاجتماعية والقانونية لضحايا الاتجار بالبشر».
وأشار إلى الجهود المشتركة لمكتب الأمم المتحدة مع اللجنة الوطنية في ربط أواصر التعاون ما بين اللجنة ليس فقط على المستوى الوطني، إنما على المستوى الإقليمي مع باقي الجهات المعنية في دول مجلس التعاون عبر الملتقى الحكومي الذي تعتز الأمم المتحدة بالشراكة في تنظيمه سنويا لقيادات اللجان الوطنية بدول الخليج العربي ودول الجوار الذي استضافته الكويت هذا العام.
وأشاد بالجهود التي تبذلها الوزارات والجهات الأعضاء في اللجنة لتطوير منظومتها الوطنية كل في مجال تخصصه، حيث أنشأت وزارة الداخلية إدارة متخصصة بمكافحة الاتجار بالأشخاص، علاوة على إنشاء مجموعات العمل المتخصصة في النيابة العامة، وإنشاء الدوائر المتخصصة في القضاء للنظر في قضاياها، كما نظمت وزارة الخارجية ممثلة بإدارة شؤون حقوق الإنسان ومعهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي الكويتي برامج تدريبية لبناء قدرات العاملين في المجال الدبلوماسي والقنصلي للوقاية والتوعية والتعامل مع هذه القضايا.
وقال «لدينا اتفاق شراكة وتعاون موقع رسميا مع اللجنة الوطنية، ونعمل الآن على وضع برنامج عمل منسق ومنهجي للسنوات المقبلة تتمكن عبره دولة الكويت ليس فقط من تطوير منظومتها الوطنية بل لتصبح نموذجا في الارتقاء بالمنظومة الوطنية لمكافحة هذه الظاهرة وحماية ورعاية ضحاياه».
وأضاف أن اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص يعد مناسبة مهمة للتعاون مع الدول في تسليط الضوء على حجم ومخاطر هذا التحدي، واستعراض الجهود الوطنية والدولية التي تبذل لمواجهته، معربا عن خالص شكره للكويت ممثلة بلجنتها الوطنية وجهاتها المعنية على شراكتها مع الأمانة العامة للاتفاقية وتعاونها المتواصل للتطوير والارتقاء بالقدرات والتفاعلات الوطنية مع هذا التحدي العملاق.
تشريعات شاملة
بدوره، قال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة لدى البلاد مازن أبوالحسن في تصريح لـ «كونا»، إن شعار هذا العام «الاتجار بالأشخاص جريمة منظمة - ضعوا حدا للاستغلال» يسلط الضوء على الحاجة الملحة لتفكيك الشبكات الإجرامية وضمان الدعم الشامل للناجين.
ورأى أبوالحسن أن الكويت أظهرت التزاما راسخا بمكافحة الاتجار بالأشخاص عبر نهج متعدد الجوانب، إذ سنت تشريعات شاملة مثل القانون (رقم 91 لسنة 2013) في شأن مكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، الذي يوفر إطارا قانونيا متينا للتصدي لهذه الجرائم عن طريق تجريم جميع أشكال الاتجار بالأشخاص كما ينص على عقوبات صارمة للمخالفين.
وأفاد بأن الكويت قامت فيما يتعلق بدعم الضحايا بإنشاء مراكز ايواء، أحدثها مركز ايواء العمالة الوافدة للرجال، إذ يتم تقديم مساعدة شاملة لضحايا الاتجار بما في ذلك الرعاية الطبية والدعم النفسي والاجتماعي وخدمات إعادة الإدماج.
ولفت إلى إبداء الكويت التزامها بالتعاون الدولي في مكافحة هذه الظاهرة، إلى جانب مشاركتها بفعالية في المبادرات الدولية لمكافحتها وتعاونها مع المنظمات مثل المنظمة الدولية للهجرة، بهدف تعزيز جهودها.
تهريب المهاجرين من أخطر الجرائم التي تُرتكب عبر الحدود الدولية في صورة جريمة منظمة عابرة للحدود الوطنية تتغذى عليها شبكات إجرامية منظمة
دورات تدريبية
ولفت إلى العمل الذي قامت به بعثة المنظمة الدولية للهجرة منذ ما يقارب 14 عاما بالتعاون مع حكومة الكويت على تعزيز آليات ومبادرات مكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص، مبينا أن المنظمة بدأت بتنظيم دورات تدريبية حولها منذ بداية عام 2010 لأعضاء السلطة القضائية تحت رعاية وزير العدل، وبالتعاون مع وزارة العدل ومعهد الكويت للدراسات القضائية والقانونية.
وذكر أن عدد الدورات التدريبية وورش العمل التي عقدتها المنظمة لمكافحة هذه الجريمة في الكويت حتى يومنا هذا تجاوز 36 مبادرة (دورات تدريبية وورش عمل وجولات استطلاعية) بما فيها تصميم آلية الإحالة الوطنية، والتي تم اعتمادها من وزارة العدل في عام 2020 وتدريب ما يتجاوز 900 موظف حكومي، وتنظيم تسع حملات توعوية مخصصة للجمهور حول مكافحة هذه الجريمة.
وأكد أبوالحسن أهمية بذل جهود مستدامة بالتعاون مع الكويت لمواصلة تعزيز الأطر القانونية، وتوسيع خدمات دعم الضحايا، وتعزيز الوعي العام لمواكبة تطور شبكات الاتجار بالأشخاص.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت يوم 30 يوليو من كل عام يوما عالميا لمكافحة الاتجار بالأشخاص، بهدف زيادة الوعي بحالاتها والتوعية بمعاناة الضحايا وحماية حقوقهم.
وعرفت الأمم المتحدة جريمة الاتجار بالبشر بأنها تجنيد أشخاص أو استخدامهم أو نقلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بالإكراه سواء باستعمال القوة أو بالتهديد باستعمالها أو بغير ذلك من أشكال الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو القسر أو استغلال السلطة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا عينية، وذلك بغرض الاستغلال الذي يشمل استغلال دعارة الغير أو أي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو نزع أعضاء من الجسد.
«العدل»: نهج متكامل لمكافحتها
أكد وزير العدل رئيس اللجنة الوطنية الدائمة لمكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، المستشار ناصر السميط، أن حماية الإنسان من جرائم الاتجار لم تعد خياراً بل مسؤولية وطنية تستدعي عملا مؤسسيا مشتركا على مدار العام.
وقال المستشار السميط، لـ«كونا»، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، الذي صادف أمس الأول، إن الكويت ممثلة في اللجنة الوطنية الدائمة لمكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين تتبنى نهجا متكاملا يجمع بين الوقاية والتشريع والرعاية، ويستند إلى مبادئ الشفافية والمحاسبة.
السميط: حماية الإنسان من هذه الجرائم مسؤولية وطنية تستدعي عملاً مؤسسياً مشتركاً
ولفت إلى استمرار دولة الكويت في تطوير أدواتها لمواجهة هذه الجريمة بأساليب عصرية تواكب التحولات الدولية وتحديات الفضاء الرقمي، مشدداً على أهمية الشراكة المجتمعية والإعلام المسؤول.
واعتبر أن الوعي العام هو خط الدفاع الأول، وأن النجاحات الحقيقية «تقاس بمدى قدرتنا على الوقاية قبل وقوع الضرر»، وأكد الثقة بأن الجهود الوطنية المتضافرة والمتناغمة مع المعايير الدولية ستثمر بيئة آمنة تصان فيها الحقوق ويحترم فيها الإنسان دون تمييز.
وكانت دولة الكويت بادرت عام 2018 بإنشاء لجنة وطنية لمنع الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، تتلخص رؤيتها في كويت خالية من الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين ومناهضته وبناء مجتمع واع بمخاطر هذه الظاهرة والسعي نحو القضاء عليها.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت 30 يوليو كل عام يوما عالميا لمكافحة الاتجار بالأشخاص، بهدف زيادة الوعي بحالات الاتجار بالبشر والتوعية بمعاناة الضحايا وحماية حقوقهم.