اختربت لندن!!
القراء الأكارم متابعو كتاباتي المقالية على مدار السنين والعقود الماضية يعلمون أن لي ارتباطاً ببعض البقاع المتناثرة على وجه المعمورة، ومن ضمنها الأراضي البريطانية. هي علاقة عائلية بها طابع «النوستالجيا» نظراً للزيارة لها واسترجاع ماضٍ بالنسبة لي سحيق بالوصف. المشكلة ها هنا أنه وعلى مدى السنوات القليلة الماضية سُنَت عادة «غير حميدة» بين الناس وخصوصاً الكويتيين في وصف عامي ينم عن التذمر أو ملاحظة تغيرات في زوار بعض الدول الغربية. تأتي وتجلس في مكان ما لتجد أن الحوار قد انقلب فجأة إلى وصف بلد ما بالأخص إنكلترا بجملة: العرب خربوا لندن!!
أقبل حديثاً عفوياً من أناس ثقافتهم محدودة أو أقمرت ذوائبهم وطوتها أجيال النسيان والجهالة، ولكن حديثاً كهذا حتماً لا يسر وينم عن فكر «يميني» متجذر في بيئة ملأتها العصبية على بعض المكونات الاجتماعية ليصبوا جام غضبهم على تغيير السياسات في بعض الدول. في رحلة قصيرة إلى العاصمة البريطانية (لندن) منذ قرابة الأسبوعين وجدت أن الأسعار وبعد حسبة بسيطة جداً، قد تضاعفت أربع إلى خمس مرات على مدار عقدين من الزمن. بالطبع تأتي الملامة من «ربعنا» أن الفئة الفلانية أو العلانية هي من أفسدت تلك العاصمة السياحية أو ذاك المكان، وعن جهالة تامة.
لندن تغيرت ديموغرافياً وأصبحت عاصمة عالمية بحق وحقيقة، ولا تستقطب إلا من هم أصحاب الدخول المرتفعة أو ذوو مكانة معينة ليكونوا سياحاً بها. أما طبيعة لندن الاقتصادية فهي مركز مالي عالمي، كانت وما زالت، بل دخل الآن نموذج المطور العقاري بها ليتشارك أكثر من مالك في عقار واحد للحد من قوائم الانتظار للسكن. والسؤال هنا الذي يطرح نفسه: ما الذي يجعل شخصاً ما ينتهج عقلية الملامة لفئة اجتماعية دون أخرى في «خراب» وجهة سياحية؟!! الإجابة وببساطة تكمن في الحاضنة الاجتماعية التي تتسبب في هذا الفكر. والله كريم وهو المستعان.
على الهامش: اتخذت وزارة المالية قراراً منذ قرابة الأسبوعين فيما يتعلق بالانتفاع من أراضي الدولة. قامت قائمة أصحاب الشاليهات. تراجعت الحكومة عن قرارها من بعد. وهنا لا يعنيني صحة القرار وأثره البتة، بل طريقة صناعة ودراسة واتخاذ القرارات في الدولة التي وإن وجب بات من المهم صناعتها بمهنية واحترافية كبرى، وهي ليست المرة الأولى التي تتخذ حكومة كويتية قراراً ومن ثم تتراجع عنه.