خور عبدالله... ملف محسوم ومماطلة لا تنتهي
يبدو أن بعض الأصوات داخل العراق لا تكلّ ولا تملّ من إثارة ملف خور عبدالله بين الحين والآخر، وكأن الاتفاقيات الدولية يمكن التعاطي معها حسب المزاج السياسي أو الظرف الداخلي. والحقيقة التي لا جدال فيها أن هذا الملف محسوم دبلوماسياً وقانونياً ودولياً منذ سنوات، بموجب اتفاقية ملزمة وموثقة، أُبرمت برضا الطرفين، وصدّق عليها البرلمان العراقي ذاته، وأودعت لدى الأمم المتحدة.
لكننا – في كل مرة – نُفاجأ بمحاولات جديدة لإعادة فتح الملف، أو التشكيك في الاتفاقية، أو ترويج تفسيرات مجتزأة لا تصمد أمام أي منطق قانوني. وآخر هذه المحاولات جاءت متنكرة في هيئة «رأي داخلي»، وكأنها تسعى إلى كسب ودّ الشارع العراقي أو التغطية على إخفاقات سياسية بفتح ملفات خارجية.
والمفارقة أن هذه المحاولات تتجاهل عمدا ما يقوله كبار المسؤولين العراقيين أنفسهم، فها هو رئيس المحكمة الاتحادية العليا في العراق يكتب في صحيفة الشرق الأوسط رأياً قانونياً واضحاً يؤكد فيه أن اتفاقية خور عبدالله «ملزمة للطرفين»، ولا مجال للتراجع عنها. ومع ذلك، يستمر البعض في إطلاق «إبر بنج» إعلامية كلما أراد صرف الأنظار عن أزمات الداخل.
ما يحدث باختصار هو توظيف سياسي لقضية مغلقة، ومثل هذا التوظيف لا يضر بالكويت – فموقفها القانوني واضح ومدعوم – بل يضر بثقة المجتمع الدولي في التزام العراق بتعهداته، ويؤثر على صورة الدولة العراقية ذاتها، كعضو يسعى إلى الاستقرار والانفتاح.
ربما آن الأوان أن يُغلَق هذا الباب تماماً، لا عبر التصريحات فقط، بل من خلال موقف رسمي عراقي لا يكتفي بالتبرؤ من الأصوات النشاز، بل يوقفها عند حدّها.