رياح وأوتاد: مكان غزة وغيرها في الانتقاد العلني
وصل إليّ عبر وسائل التواصل فيديو منتشر للشيخ عثمان الخميس، بعنوان «رسالة إلى حكام المسلمين»، يدعوهم فيها إلى تقوى الله في مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، ويستنهض هممهم لنصرة غزة وأهلها، وإذا كانوا لا يستطيعون القتال فلا بُد من نصرتهم مادياً ومعنوياً، وأن الدول التي طبّعت مع العدو عليها سحب سفرائها والامتناع عن التطبيع، وأن القضية ليست قضية «حماس» وإسرائيل، وإنما هي قضية فلسطين وبيت المقدس والاعتداء على المسلمين.
وأيضاً فيديو آخر منتشر للإمام ابن باز، يقول فيه إن نصرة المسلمين في فلسطين وفي كل مكان واجب شرعي، وينتقد فيه تفرُّق الدول الإسلامية وعدم تحكيم الشريعة، وأنهم آثمون بهذا التفرق.
وفيديو ثالث للمفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، ينكر فيه قيام هيئة مُعيّنة بإقامة حفلات معيّنة والاختلاط فيها.
وفتاوى أخرى مشابهة للشيخ ابن عثيمين ينكر فيها الربا ويحذّر من عاقبته.
جميع هذه الآراء قيلت علناً من علماء أفاضل لا يجيزون التطرف والإرهاب والخروج على النظام العام، لذلك أبدوا آراءهم في الأمور والظواهر العامة وفق الشروط والضوابط الشرعية والقانونية التي تبيّن للعامة ولمتخذي القرار الرأي الذي يرونه في هذه المواضيع من أجل الإصلاح، من دون تحريض أو تحريش.
ومثل ذلك أيضاً في المجال الاقتصادي تقارير «الشال» الأسبوعية للمستشار جاسم السعدون والأستاذ محمد البغلي وغيرهما من الاقتصاديين الكويتيين، وهي لا تخلو من النقد، وكذلك التقارير الدولية الاقتصادية الخارجية التي تُنشر في صحفنا مقيّمةً أو ناقدةً للاقتصاد الكويتي؛ مثل تقرير بلير الذي قال إن الكويت أمام قنبلة ديموغرافية، وكذلك ماكنزي، ووكالة فيتش، وغيرها.
ومن الآراء الناقدة أيضاً مواقف بعض دول أوروبا وأميركا الجنوبية وإفريقيا المعروضة في التلفزيونات، وتعتبر أفضل بكثير من مواقف الدول العربية؛ سواء من جانب الجموع الشعبية وطلبة الجامعات والدعوة إلى المقاطعة وطرد سفراء الصهاينة، إضافة إلى رفع قضية على نتنياهو ووزير دفاعه أمام المحكمة الجنائية الدولية.
الخلاصة أن إبداء الرأي وانتقاد أعمال الحكومات في الأمور العامة والظاهرة هو من المُسلّمات المعمول بها في الكويت والعالم الحُر، وتنشر بين العامة بمختلف أشكال النشر والعلانية، وأحياناً السرية، وتتخطى بالوسائل الحديثة الحدود السياسية، وهي على طرفَي نقيض بين التطرف والغلو في النقد، وبين الجفاء عنه وتحريمه، ولكن الصحيح أنها يجب أن تُمارَس وفق الضوابط الشرعية والقانونية التي تم شرحها في المقال السابق بحمد الله.