جلدة باخا

أخبار متواترة في غضون الأسبوع الماضي عن القبض على ساحر. أخبار متعددة طوال العام عن تهم السحر وإلقاء القبض على السحرة في العالم العربي، كما أن عدداً من قساوسة العالم الأول يواجهون تهماً متفرقة متصلة بالدجل وطرد الأرواح زيفاً وزوراً. في جلسة خاصة جداً بأحد مقاهي السيجار التي ارتادها مساء بعد يوم طويل جداً أقضيه عادة بين العمل والالتزامات الشخصية، وفي منتصف حرق لفافة التبغ السويسرية الخاصة بي، وإذا باثنين من الرجال ممن يطلق عليهم أهالي «منتصف العمر» في شد وجذب بأطراف الحديث، وتراشق نصوص قانونية لم أستطع تمييز أغلبها.

هذا الموقف حصل وكان، والأجمل من هذا كله حين اتضح لي من بعد التعارف والسلام أن أولئك الرجال من الشخصيات القانونية الراقية في دولة الكويت، واحتدم النقاش الذي أصبح ثلاثي الأطراف من بعد دخولي شخصياً على الخط ليأخذ منحى قانونياً جاداً يجاوب السؤال التالي: هل السحر والشعبذة مجرمان في القانون؟!! الإجابة وبالعقل والمنطق هي حتماً «لا»، فهل يعقل أن أحضر جناً وعفاريت في قاعة المحكمة كشهود؟! أم أستطيع أن أدلل بأن الشيخ «الفلاني» قد تمكن أخيراً من جلب الحبيب؟! أم أن عين الهدهد الذي ابتاعه المسكين كان مغشوشاً بل كانت عين زرزور مثلاً؟!!

وحينها ومن بعد التواصل مع أحد المحامين الثقات عرفت أن القضية هي في الأصل تكيف كقضية نصب واحتيال خاضعة لأحكام المادة 232 من قانون الجزاء الكويتي كمثيلاتها من المواد المنطبقة على المسألة. واستذكرت حينها القانون المزعوم لبعض أعضاء مجلس الأمة فيما يخص معاقبة السحر!! عموماً ليس هنا مربط الفرس، قضايا السحر والطقوس السوداء بازدياد على مستوى عالمي لتدخل بها مسائل غريبة من أمور شركية والعياذ بالله وطقوس شيطانية.

وقد تدخل تلك القضايا بجنايات كبرى كذلك على حسب نوع القضية، وعليه وجب وضع قوانين صارمة واضحة، ومراجعة ذاك المقترح السابق في المجلس، ومعرفة إن كانت هناك حيثيات تسد ثغرات قانونية كبرى للجرائم المرتبطة بالسحر والشعبذة من باب جنائي وليس محاربة العفاريت المرتبطة بالساحر ذاته كما روج آنذاك. والله كريم وهو المستعان.

على الهامش:

«دايرا ليك جلدة باخا اللي قولتها لك تقول واخا» - مقولة فلكلورية من مملكة المغرب يعتقد بها الأولون أن تلك المسماة بـ «جلدة باخا» قد وصفت لجلب الحظ وتصافي النفوس والحب. شخصياً حاولت أن أعرف ما هي تلك «الجلدة»، هل هي نبات أم ماذا ولكن لم أوفق؟ وهي على أغلب الظن عشبة نباتية.