رياح وأوتاد: هل يجوز انتقاد القوانين وإجراءات الحكومة علناً؟

نشر في 20-07-2025
آخر تحديث 19-07-2025 | 19:49
 أحمد يعقوب باقر

سؤال يطرحه بعض الشباب، هل يجوز انتقاد أعمال الحكومة؟ وهل حرية الانتقاد مطلقة أم أن عليها قيوداً دينية ودستورية وقانونية؟

أما الدستور فقد أكد في المادتين 36 و37 حرية التعبير والكتابة والنشر، على أن تكون وفق الشروط والأوضاع التي يبينها القانون.

وقد صدّق الأمير على الدستور ولم يتم تعطيل هاتين المادتين، ولذلك، فإن حرية الرأي والانتقاد مكفولة، لكنها ليست مطلقة، وقد أكدت المحكمة الدستورية ذلك، وفي جميع بلاد العالم تمارَس الحرية وفق قوانينها.

وبيّن قانون المطبوعات والنشر الشروط والأمور المحظور نشرها، وهي التعرض للذات الإلهية والأنبياء والصحابة وآل البيت، وذات الأمير، والدعوة إلى الانقلاب على الحكم، والطعن في القضاء وكرامات الناس وكشف أسرارهم الشخصية والعملة الوطنية، وهذه الشروط توافق الشريعة الإسلامية. والحرية المقصودة بهذه النصوص هي في الأمور العامة والظاهرة، أما الانتقاد الخاص فمحلّه النصيحة الشخصية.

لكن، هل انتقاد القوانين وقرارات الحكومة علناً يؤدي إلى التحريض على الحكم أو التحريش على النظام كما يقول البعض؟! والجواب أنه متى ما التزم الناقد أو صاحب الرأي بأحكام القانون ومارس انتقاده بأسلوب علمي للأمور والمظاهر العامة، دون مساس بالأشخاص أو بذاءة في الألفاظ، وغلّب المصلحة على المفسدة، فإنه لا يُعدّ من قبيل التحريض، والأدلة على ذلك كثيرة، منها أمر الله تعالى لحكام المسلمين بالشورى، ومن المعروف أنه في الشورى تُجرى مناقشة الرأي والرأي الآخر، ومنها مناقشة الصحابة للنبي الكريم علناً في "بدر" و"أُحُد" و"الحديبية"، ومنها مناقشة عمر بن الخطاب للنبي في أسرى بدر، وحجاب أمهات المؤمنين، ومنها الحديث الشهير الذي رواه البخاري "أن رجلاً تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له، فهمَّ به أصحابه، فقال: دعوه، فإن لصاحب الحق مقالاً واشتروا له بعيراً فأعطوه إياه، فقالوا: لا نجد إلا أفضل من سنه، فقال الرسول: اشتروه وأعطوه إياه".

وهناك آداب أخرى يجب احترامها، وهي مستمدة من حديث "مَن رأى منكم منكراً"، فلا يجوز أن يتعدى إبداء الرأي إلى استخدام القوة، وهذا خطأ عظيم وقع فيه بعض المتطرفين، لأن استخدام القوة محصور فيمن يملك السلطة، مثل تغيير القوانين من قبل مجلس الأمة، أما تغيير المنكر باللسان فمعناه بالكلمة والكتابة والتعبير، وفق الشروط السابقة، وهو مقبول الآن في معظم بلاد العالم، وهناك بلاد قليلة شمولية لا تقبل إبداء الرأي، ولو حتى بالكلام، فعندئذ يجوز للمسلم السكوت والإنكار بالقلب دون الرضا والمتابعة.

أما في بلادنا، فقد سبق أن أبدينا رأينا وانتقدنا وبعض المتخصصين الأوضاع الاقتصادية والسياسية وبعض القوانين والمراسيم، وفق الشروط السابقة، دون أن نقع، بحمد الله تعالى، في جريمة أو مفسدة أو تحريض على النظام العام.

back to top