لماذا ذهب جينسن هوانغ إلى الصين؟
توجَّه الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، جينسن هوانغ، إلى الصين بهدف جعل المنصات التكنولوجية الأميركية هي المعيار العالمي للذكاء الاصطناعي، عبر اكتساب حصة سوقية أوسع، والانخراط مع دول أخرى باستخدام البنية التحتية الحاسوبية المطورة في الولايات المتحدة. ولتحقيق ذلك، لابد من العمل في أكبر سوق للذكاء الاصطناعي خارج أميركا.
لكن في واشنطن، أثار ذلك انتقادات. السيناتورة الديموقراطية إليزابيث وارن، والنائب الجمهوري جيم بانكس، أرسلا رسالة إلى هوانغ في مايو، متسائلين عن سبب «إثراء منظومة الابتكار لدولة استبدادية». وعادا الأسبوع الماضي برسالة أخرى ينتقدان فيها لقاءه برجال أعمال صينيين، في إشارة إلى تشكيكهما للمرة الثانية في وطنية أحد أهم الرؤساء التنفيذيين في أميركا.
هذه الاعتراضات تكشف عن سوء فهم عميق لكيفية حفاظ أميركا على تفوقها: ليس بالخوف والانكفاء، بل بالقوة والانخراط.
استراتيجية هوانغ تتماشى مع نهج الرئيس دونالد ترامب: الانفتاح على الجميع، والمنافسة في كل مكان، وتجنُّب التخلي عن الأسواق بدافع أيديولوجي. ترامب لم يعزل أميركا، بل تفاوض مع دول أكثر من أي رئيسٍ حديث، وبنى نفوذاً لمصلحة الصناعة الأميركية. على النقيض، شهد عهد الرئيس جو بايدن تقلص حصة أميركا في أسواق الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات بالصين، فيما اكتفى بإلقاء المحاضرات الأخلاقية من دون نتائج ملموسة.
«إنفيديا» لا تنتهك ضوابط التصدير، ولا تسلِّم أسراراً حساسة للصين. على العكس، أسست مركز امتثال في الصين، لضمان التقيُّد بالقوانين الأميركية، وأوقفت مبيعات شرائح معينة بعد قرار حديث من مكتب الصناعة والأمن الأميركي. ومع ذلك، تواجه الشركة مخاطر خسائر بمليارات الدولارات في ظل القوانين المتغيِّرة.
ما لا يفهمه المنتقدون أن بيع شرائح «إنفيديا» للصين لا «يغني» نظامها البيئي، بل يُبقيه مرتبطاً بالنظام الأميركي. امتلاك الأجهزة ليس كافياً، القيمة الحقيقية تكمن في المنصة: البرمجيات، وأدوات المطورين، والمجتمع التقني الذي بنته «إنفيديا». كلما اعتمد المطورون الصينيون على وحدات معالجة الرسوميات الأميركية، ازداد ترسيخ هيمنة البرمجيات الأميركية، على حساب شركات مثل «هواوي».
حرمان الصين من شرائح «إنفيديا» لن يوقف تقدُّمها، بل قد يسرِّعه. فقد ساعدت قيود التصدير السابقة على توفير فرصة مبكرة لـ «هواوي» لتوسيع بنيتها التحتية للذكاء الاصطناعي، وهي تستعد حالياً لإطلاق ملايين الشرائح سنوياً. أفضل طريقة للحفاظ على تفوق أميركا، هي أن تجعل منافسيها يشترون منك بدلاً من منافسيك.
ترامب يفهم هذا المبدأ: انخراط استراتيجي يجمع بين الضغوط والمكافآت، ورسوم جمركية عند الضرورة، لكنه لا يقطع قنوات التفاوض. أما مقاربة بايدن الأكثر انعزالية، فقد دفعت عملاء وشركاء نحو الصين.
الريادة التكنولوجية تعني النفوذ والتبني العالمي. «إنفيديا» تلعب لتربح، وانتصارها هو انتصار لأميركا. عندما يشكك سياسيون في وطنية رئيس تنفيذي لأغراض دعائية، فإنهم يقوضون قوة الاقتصاد الأميركي. الانسحاب يعني الخسارة، المنافسة تعني الفوز.
هوانغ وترامب يُدركان هذه الحقيقة: دعوا أميركا تنافس، وستفوز.
*الكاتب آرون جين