إسرائيل تستثمر في «فوضى السويداء»
• تل أبيب تقصف القصر الرئاسي وهيئة الأركان السوريَّين وتستعد لأيام قتالية
• اتفاق جديد لوقف النار يدمج المحافظة بالدولة ويعيد الجيش لثكناته وينزع السلاح الثقيل
• الهجري يرفض الهدنة... وواشنطن تسعى إلى خفض التصعيد خلال ساعات
• الشرع يتعهد بمحاسبة المنتهكين... وإدانة خليجية وعربية للاعتداءات الإسرائيلية
• الكويت تدعو إلى التهدئة وحقن الدماء وتدعم سورية في الدفاع عن أمنها
بعد 4 أيام من الاشتباكات الدامية، تترقب محافظة السويداء، جنوب سورية، التي تسكنها الأقلية الدرزية، المسار الذي تسلكه الأمور بعد التوصل إلى اتفاق جديد لوقف النار في المحافظة، هو الثاني خلال 24 ساعة، بعد أن شهدت سورية تطورات دراماتيكية في الساعات الأخيرة وصلت إلى ذروتها بقصف إسرائيل مبنى عسكرياً في المجمع الرئاسي، على جبل قاسيون في دمشق، ومقر هيئة أركان الجيش السوري في ساحة الأمويين وسط العاصمة السورية، والذي تعرض لأضرار بالغة، وأكثر من 160 هدفاً في السويداء ودرعا، في إطار ما تقول تل أبيب إنه تدخل لحماية الأقلية الدرزية.
ولم ينجح وقف إطلاق النار الذي أعلنته السلطات السورية الانتقالية، أمس الأول، في وقف الاقتتال ووضع حد للانتهاكات التي تعهّد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع بوقفها ومحاسبة مرتكبيها وحماية جميع المكونات، وشهدت بعض أحياء مدينة السويداء وقرى أخرى في ريفها اشتباكات عنيفة بين مسلحين دروز وفصائل مسلحة سنية، وسط اتهامات لمسلحين منضوين بقوات الأمن بالمسؤولية عن الانتهاكات، أو منح المسلحين السُّنة غطاءً لظواهر مثل حرق ونهب المنازل الدرزية وصولاً إلى الإعدامات الميدانية.
ووسط إدانات خليجية وعربية وإسلامية للاعتداءات الإسرائيلية على سيادة سورية، ودعوات أميركية إلى وقف الضربات الإسرائيلية وفتح حوار بين تل أبيب ودمشق، كشف مصدر بوزارة الداخلية السورية عن التوصل إلى وقف ثانٍ لإطلاق النار، يتضمن نشر حواجز أمنية في مدينة السويداء، وضم المنطقة إلى سيادة الدولة بالكامل.
وقال رجل الدين الدرزي يوسف جربوع، المحسوب على التيار الوسطي بين الدروز، إن الاتفاق ينص على وقف جميع العمليات العسكرية وعودة الجيش إلى ثكناته، وضمان الاندماج الكامل للسويداء في الدولة السورية، ووقف التصعيد العسكري والهجمات على حواجز الأمن، وتشكيل لجنة مراقبة من الدولة والمشايخ لتنفيذ الاتفاق، ونشر قوات أمن مُشكَّلة من أبناء المحافظة، واحترام حرمة البيوت والالتزام بحمايتها من أي اعتداءات، والتوافق على آلية لتسليم سلاح الفصائل الدرزية الثقيل وتفعيل مؤسسات الدولة، وتأمين طريق دمشق - السويداء.
في المقابل، رفض رجل الدين الدرزي حكمت الهجري، الذي يقود المعارضة الدرزية ضد سلطات دمشق الجديدة، الاتفاق، داعياً إلى القتال «حتى تحرير كامل السويداء».
وكانت تقارير إسرائيلية أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لعدة أيام من القتال في سورية، وتحدثت إذاعة الجيش عن إصدار رئيس الأركان إيال زامير أوامر بنقل فرقتين عسكريتين من قطاع غزة إلى منطقة الجولان المحتلة.
وحذر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من الوضع في السويداء وجنوب سورية، متعهداً بدفع «الجيش الإسرائيلي للعمل على إنقاذ الإخوة الدروز والقضاء على عصابات النظام».
وتوعّد وزير الدفاع يسرائيل كاتس بتوجيه «ضربات موجعة» للجيش السوري، قائلاً إن الضربات ستتواصل «لتصفية القوات التي هاجمت الدروز حتى انسحابها الكامل». وجاء التدخل الإسرائيلي بعد أن حاول مئات الدروز عبور السياج الحدودي والدخول للأراضي الإسرائيلية.
وفي مواجهة التصعيد الإسرائيلي، أصدرت دول عربية وإسلامية ومنظمات إقليمية بيانات متلاحقة تندد بالعدوان.
وأعربت الكويت عن إدانتها واستنكارها الشديدين للاعتداءات الإسرائيلية، وطالبت المجتمع الدولي ومجلس الأمن بردع تلك الانتهاكات، حفاظاً على أمن واستقرار المنطقة.
وأكدت وزارة الخارجية موقف الكويت الثابت والداعم لسورية ووقوفها إلى جانبها في الحفاظ على أمنها واستقرارها.
ورحبت الوزارة بإعلان دمشق وقف إطلاق النار بالسويداء، مؤكدة ضرورة تهدئة الأوضاع، واتخاذ كل ما من شأنه حقن الدماء.
بدوره، قال الأمين العام لمجلس التعاون جاسم البديوي إن «استمرار هجمات الاحتلال على سورية يعد تصعيداً غير مسؤول واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي لتحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة». وشدد البديوي على موقف مجلس التعاون الثابت والداعم لوحدة سورية وسلامة أراضيها، ورفضه التام لأي تدخل خارجي يمس بسيادتها.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو، إن واشنطن تتواصل مع الجانبين، وتأمل في خفض التصعيد خلال ساعات، في حين وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما جرى بسوء تفاهم بين دمشق وتل أبيب، وأنه تحدث مع الجانبين ويتطلع إلى خفض التوتر، مُجدِّداً ضرورة مساعدة سورية للوصول إلى الاستقرار.
وفي تفاصيل الخبر:
تسببت الاشتباكات المتواصلة في منطقة السويداء جنوب سورية، التي تسكنها الأقلية الدرزية، وأوقعت أكثر من 300 قتيل وشهدت انتهاكات، إلى تصعيد إسرائيلي كبير ضد دمشق، حيث قصفت القوات الاسرائيلية، مبنى بالمجمع الرئاسي في قاسيون بدمشق، ومقر هيئة أركان الجيش السوري في ساحة الأمويين وسط العاصمة السورية، وأكثر من 160 هدفاً في السويداء ودرعا، في إطار ما تقول تل أبيب إنه تدخّل لحماية الأقلية الدرزية، التي يقيم الكثير من أبنائها في إسرائيل، ويحملون جنسيتها.
ميدانياً في السويداء، لم ينجح وقف إطلاق النار الذي أعلنته السلطات السورية الانتقالية، أمس الأول، في وقف الاقتتال ووضع حد للانتهاكات، وشهدت بعض أحياء مدينة السويداء وقرى أخرى في ريفها اشتباكات عنيفة بين مسلحين دروز وفصائل مسلحة سنية.
ووسط إدانات خليجية وعربية وإسلامية للاعتداءات الإسرائيلية على سيادة سورية، ودعوات أميركية إلى وقف الضربات الإسرائيلية، أفاد مصدر في وزارة الداخلية السورية عن التوصل إلى وقف ثانٍ لإطلاق النار، يتضمن نشر حواجز أمنية في مدينة السويداء، وضم المنطقة إلى سيادة الدولة بالكامل.إدانة خليجية وعربية للاعتداءات الإسرائيلية
وقال رجل الدين الدرزي يوسف جربوع، إن الاتفاق ينصّ على وقف جميع العمليات العسكرية وعودة الجيش إلى ثكناته، وضمان الأمن والاندماج الكامل في الدولة السورية، ووقف التصعيد العسكري والهجمات على حواجز الأمن، وتشكيل لجنة مراقبة من الدولة والمشايخ لتنفيذ الاتفاق، ونشر قوات أمن مشكلة من أبناء محافظة السويداء، واحترام حرمة البيوت والأمنيين، والالتزام بحمايتها من أي اعتداءات، والتوافق على آلية لتسليم السلاح الثقيل وتفعيل مؤسسات الدولة، وتأمين طريق دمشق - السويداء.
واستبعدت مصادر درزية أن يصمد وقف النار، وسط اتهامات لقوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية بدعم المسلحين السنّة والتورط في الانتهاكات.
دروز يحاولون العبور من إسرائيل إلى سوريا
إسرائيل تتدخل
وجاء التدخل الاسرائيلي بعد أن أطلقت قوات حرس الحدود الإسرائيلية قنابل الغاز لتفريق متظاهرين دروز إسرائيليين تجمعوا على السياج الحدودي في محاولة منهم للعبور إلى داخل الأراضي السورية ودعم المقاتلين الدروز المحاصرين من ثلاث جهات، وتمكن العشرات من الدروز من العبور فعلا.
وبعد ضربات تحذيرية، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف مبنى عسكرياً في المجمع الرئاسي على جبل قاسيون، ومقر هيئة الأركان السورية الذي تعرّض لدمار كبير.
ونقلت القناة 12 العبرية عن مصادر أمنية بأن التقديرات تشير إلى أن إسرائيل تتجه لعدة أيام من القتال في سورية. وتحدثت إذاعة الجيش عن إصدار رئيس الأركان، إيال زامير، أوامر بنقل فرقتين عسكريتين من قطاع غزة إلى منطقة الجولان السورية المحتلة.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه هاجم منذ ليل الثلاثاء ـ الأربعاء الماضية 160 هدفاً للنظام السوري معظمها بالسويداء، موضحاً أن قواته تستعد لضرب أهداف حكومية إضافية.
وحذر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من أن الوضع في السويداء وجنوب سورية خطير جداً، متعهداً بدفع «الجيش الإسرائيلي للعمل على إنقاذ الأخوة الدروز والقضاء على عصابات النظام».
وتوعد وزير الدفاع يسرائيل كاتس بتوجيه «ضربات موجعة» للجيش السوري، قائلاً إن الضربات ستتواصل «لتصفية القوات التي هاجمت الدروز حتى انسحابها الكامل».
وأشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن إسرائيل لا تستبعد تنفيذ تدخُّل بري في سورية لحماية الدروز، في وقت عزز الجيش الإسرائيلي وجوده على الحدود مع سورية بثلاث سرايا جديدة، تحسباً للتطورات التالية ومنع الخرق الجماعي للسياج الحدودي من دروز إسرائيل.
وكان الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، دعا نتنياهو إلى «الاختيار بين الشراكة مع الدروز أو داعش»، مطالباً بـ «إيذاء النظام السوري لإجباره على الانسحاب».
معركة السويداء
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن عدد الغارات الإسرائيلية على محافظة السويداء ومحيطها ارتفع إلى سبع خلال 24 ساعة فقط، مشيراً إلى استهداف آليات مدرعة، قوافل، مواقع قيادة، ومستشفى السويداء الوطني، مما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من العسكريين والمدنيين، وتدمير بنى تحتية.
وفي أول تعليق من قصر الشعب، أكدت الرئاسة السورية أنها «تتابع الانتهاكات المؤسفة» في السويداء، وشددت على أن «حقوق أبناء المحافظة مصونة، ولن نسمح لأي طرف بالعبث بأمنهم»، متعهدة بفتح تحقيق شامل ومحاسبة المتورطين، مؤكدة أولوية الدولة في بسط النظام والاستقرار.
وبعد انهيار اتفاق وقف النار الأول، قالت وزارة الداخلية السورية، إن «قوى الأمن الداخلي بالتعاون مع وحدات من وزارة الدفاع تمكنت من طرد المجموعات الخارجة عن القانون من مركز مدينة السويداء، وإعادة مظاهر الاستقرار إلى شوارعها»، مشيرة إلى تثبيت نقاط أمنية في المدينة بعد اجتماعات موسعة مع وجهاء وأعيان المنطقة.
وأضافت أن بعض الفصائل المسلحة نقضت التفاهمات وعادت للهجوم على عناصر الشرطة، متهمة إسرائيل بتنفيذ غارات دعماً لتلك المجموعات، أدت إلى مقتل عدد من عناصر الجيش والأمن، فيما وصفته بـ «العدوان السافر على السيادة السورية».
وأكدت وزارة الدفاع السورية، من جهتها، أن قوات الجيش ترد على مصادر النيران بدقة، مع مراعاة قواعد الاشتباك، مطالبة المدنيين بالتزام حظر التجوال المعلن «حفاظاً على سلامتهم».
في المقابل، قال الشيخ حكمت الهجري الذي يقود المعارضة الدرزية لسلطات دمشق الجديدة، إن قوات الأمن انتهكت وقف النار ودخلت مع المسلحين وشكلت لهم غطاء لارتكاب انتهاكات كبيرة.
وبحسب المرصد السوري، بلغت حصيلة القتلى منذ بدء الاشتباكات الأحد الماضي أكثر من 300 قتيل، منهم 82 مدنياً، بينهم أربع نساء وأربعة أطفال، بالإضافة إلى 156 من عناصر الجيش والأمن العام، و64 مسلحاً درزياً، و18 من البدو. كما وثق المرصد 21 عملية «إعدام ميداني» بحق مدنيين.
وفي مواجهة التصعيد الإسرائيلي، الذي وصل على حد مطالبة وزير الشتات، أميحاي شيكلي، بتصفية الشرع، أصدرت دول عربية وإقليمية بيانات متلاحقة تندد بالعدوان.
واتهم الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، إسرائيل بانتهاك سيادة سورية وخرق القوانين والأعراف الدولية وتهديد الاستقرار الإقليمي، مؤكداً أن «استمرار هجمات الاحتلال يعد تصعيداً غير مسؤول واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي لتحقيق الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة».
وشدد البديوي «على موقف مجلس التعاون الثابت والداعم لوحدة سورية وسلامة أراضيها، ورفضه التام لأي تدخّل خارجي يمس بسيادتها أو يفاقم من معاناة شعبها، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته لوقف هذه الانتهاكات الخطيرة، ومحاسبة مرتكبيها.
إلى ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي مارك روبيو: «نشعر بقلق بالغ إزاء الضربات الإسرائيلية في سورية، ونأمل أن تتوقف»، مشيراً إلى أن واشنطن تعمل مع جميع الأطراف لوقف القتال الدائر بسورية.
ونقل موقع أكسيوس أن إدارة الرئيس دونالد ترامب لا تدعم مزيداً من التصعيد، وطلبت من إسرائيل وقف الهجمات.
بدوره، قال المبعوث الأميركي توم برّاك: «نندد بشدة بالعنف ضد المدنيين في السويداء ويجب محاسبة الجناة»، مضيفاً: «نقطة توقف. على جميع الأطراف التراجع خطوة للوراء والانخراط في حوار هادف يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار». وأضاف: «بيان الرئاسة السورية قوي، لكن يجب اتخاذ إجراءات لإنهاء العنف».
من جانبها، شددت الرئاسة التركية على أنها ستواصل دعم وحدة أراضي سورية «كما فعلت دائماً». وجددت «الخارجية» التركية إدانتها للغارات الإسرائيلية، معتبرة أنها تهدف إلى تقويض جهود سورية لإرساء السلام والأمن، وأكدت أن حكومة الشرع لديها فرصة تاريخية للعيش بسلام والاندماج في العالم بعد إطاحة بشار الأسد في ديسمبر.
ودعت فرنسا إلى وضع حد «للانتهاكات ضد المدنيين» في السويداء. وقالت إن «الانتهاكات التي تستهدف المدنيين والتي ندينها بشدة، يجب أن تتوقف»، داعية إلى «وقف فوري للمواجهات» وإلى أن تحترم جميع الأطراف وقف إطلاق النار.