لا تدرعم!
بداية المقال: التِدِرعم -بكسر التاء والدال- تعني باللهجة العامية الكويتية الدخول لمكان ما دون استئذان أو التحدث من دون تفكير.
في مشهد يتكرر يومياً في المستوصفات والعيادات الحكومية، حال مراجعتك للعيادة ستجد نفسك فجأة محاطاً بأكثر من شخص -في نفس الغرفة- من دون مقدمات «والدور دورك» ستجد معك بعض المرضى، والبعض من الطاقم الطبي، وبعض الأطفال، وجميعهم يقتحمون عليك وقتك وموعدك، وستجلس بينهم وتشعر أنك «شَبَح»! تشكي علّتك أمام الجميع لا خصوصية، لا استئذان، ولا أدنى احترام لحرمة المريض، ولا لوجودك أساساً!
هذه الظاهرة التي نُسميها في لهجتنا «تدرعم» - أي الدخول المفاجئ وغير المبرر دون إذن- تحوّلت من تصرّف فردي إلى سلوك مجتمعي معتاد بشكل غير مبرر. والمصيبة أن البعض يبرر ذلك بـ «أنا مستعجل»، أو «بس باخذ دقيقة»، دون أدنى تفكير بأن المريض الذي أمامه قد يكون في وضع حرج، أو يناقش أمراً صحياً حساساً، لا يحق لأحد الاطلاع عليه.
أنا شخصياً، خلال زيارة عادية لأحد أطباء المستوصف التابع لمنطقتنا، وفي غضون 10 دقائق فقط، اقتحم العيادة أربعة أشخاص أثناء موعدي، واثنان من الطاقم الطبي دخلا دون حتى أن يطرقا الباب. إلى متى يستمر هذا السلوك دون أي رقابة أو محاسبة؟ أين حق المريض في الخصوصية؟ وأين هيبة الطبيب الذي لا يستطيع أن يُكمل فحصاً دون مقاطعة؟ لم أستطع أن أكمل جملتين على بعض دون مقاطعات سخيفة.
الخصوصية في العيادات حق أساسي تكفله القوانين الطبية والأخلاقية والإنسانية، كما أن احترام وقت الآخرين أحد أسس المجتمع الحضاري، لذلك نطالب بتطبيق غرامات فورية على كل من يقتحم ويدرعم في العيادات دون موعد أو إذن، وكذلك على «طارقي الأبواب»، سواء كان مراجعاً أو من الكادر الطبي. ويجب أن تُعمم تعليمات واضحة وصارمة داخل المرافق الصحية تضمن تنظيم الدخول، وتمنع هذه العشوائية التي تسيء للمريض والطبيب والمنظومة الصحية على حد سواء.
فهذه السلوكيات الفوضوية وسوء الأدب يجب إنهاؤهما بالقانون، وإذا لم يُوضع لهما حد، فلن نتقدّم خطوة واحدة في تحسين جودة الرعاية الصحية أو احترام الإنسان داخل أروقة المستشفيات. نحتاج إلى القليل من الثقافة واللباقة!