القيادة أنقذت التعليم

نشر في 13-07-2025
آخر تحديث 12-07-2025 | 19:53
 بدر خالد البحر

في بيانها الأسبوع الماضي، أشادت الجمعية الكويتية لجودة التعليم بجهود وزير التعليم العالي، د. نادر الجلال، والقائمين معه على خطة البعثات التي جاءت بتوجُّه واضح نحو التخصصات الطبية، مستحوذةً على الحصة الأكبر بقائمة التخصصات، بعدد 1429 بعثة من أصل 3007، إضافة إلى التخصصات النوعية الأخرى المتوافقة مع أولويات الدولة كالذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، لمواكبة احتياجات المرحلة المقبلة.

فأي حلمٍ حاربنا لأجله سنوات كجمعية حتى صار حقيقة، وخاصة في اقتصار البعثات على الجامعات بدول أجنبية وخليجية فقط؟!

إن ذلك يعود بنا إلى منتصف 2023 حين توافقت رؤية الوزارة مع المطالب التي نادت بها الجمعية، بعد دراسة خلصنا فيها إلى ضرورة ابتعاث طلبة الطب والصيدلة للدول الأجنبية ووقف الابتعاث للدول العربية، وهي قناعة توصلت إليها الوزارة نظراً لجودة الدراسة الإكلينيكية بالجامعات الأجنبية ومدتها الأكاديمية وكفاءة التدريبات المهنية والعملية، وشروط التخصص العالية الدقة، والمعايير الصارمة التي تفتقدها جامعات بدول عربية تأكدت منها الوزارة بعد زيارة وتقييم وفودها المتخصصة لتلك الجامعات، ووضع رؤية تحليلية لمتطلبات سوق العمل من الأطباء والصيادلة المؤهلين، ووفق معايير الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي، واتساقاً مع ما تم التوصل إليه من ضعف الأداء وقلة كفاءة بعض الأطباء الذين تخرّجوا أخيراً في دول عربية، وهو ما تزامن مع اعتراف القائمين على التعليم بمساوئ هذا القطاع في تلك الدول.

ورغم كل ما توصلت إليه الوزارة آنذاك من تقييمات وقرارات، فقد دخلنا في مواجهة شديدة مع بعض النواب، وخصوصاً باللجنة التعليمية البرلمانية، السيئة الذكر، ممن وضعوا مصالحهم فوق مصلحة التعليم والوطن إرضاءً لناخبيهم، فضغطوا على وزير التعليم العالي حينها للبدء بتحويل مئات الطلبة الذين كانوا يدرسون الطب على حسابهم الخاص إلى حساب الوزارة، وهم مسجلون في جامعات عربية ليست ضمن القوائم المعتمدة، لوجود مثالب كثيرة في جودتها الأكاديمية والإكلينيكية، جامعات تسهّل تخريج الطلبة الخليجيين أحياناً بعد خمس سنوات، في حين تتطلب دراسة الطب سبع وثماني سنوات، وذلك لسرعة حصول تلك الجامعات على أموال الابتعاث، بينما تتعامل بمهنية مع مواطنيهم وتطول مدة دراستهم!

«المسخرة» هذه التي ارتكبها النواب استفزت الجمعية، فأسرعنا بمواجهة الوزير، الذي فتح بابه مشكوراً، وبدت عليه الضغوط وراح يختلق أعذاراً واهية حين وبّخناه على سوء قراره، ولما وجّهنا له سؤالاً محدداً: كم عدد الطلبة الذين ستقبلهم؟ أجاب: لا أعلم!

فتأكدنا حينها من ضعف الوزارة وسوء المخرجات القادمة وخضوع الحكومة لمساومات النواب، وبذلنا بعدها مزيداً من الجهود حتى وصلتنا رسالة بأن هناك محاولات لتعطيل جزء من قرار ضم البعثات لحين احتمال حل المجلس.

وكما شاهدنا حالياً تغيّراً كبيراً على مستوى الجامعة وخطة البعثات، فقد شاهدنا أيضاً تطوراً جذرياً في وزارة التربية بقرارات جريئة غير مسبوقة من الوزير جلال الطبطبائي من غربلة وتدوير وإحالة للنيابة وإعادة كفاءات للوزارة وتثبيت آخرين، لينطلق معاليه لوضع منظومة جديدة متكاملة للمناهج وفق معايير دولية.

إن على الجميع أن يعوا أن كل إنجازات التعليم الحالية هي من توفيق الله سبحانه، ثم من نتائج ما حققته القيادة العليا للبلاد في حقبة الحزم، حين علّقت مجلس الأمة، كي لا تخوض وتتغول أيادي بعض نوابه في التعليم، لتحقيق مصالحهم، وعيّنت الكفاءات وأفسحت المجال لوزراء التعليم الحاليين للبدء بالإصلاح، الذي نأمل أن يشمل جميع القطاعات، ومنها هيئة التطبيقي وبعض الجامعات الخاصة، التي لا تزال بحاجة إلى تصحيح السياسات والإجراءات، وتغليظ شروط القبول، وإعادة الهيكلة، ومحاربة الفساد لتفادي مجرد تخريج طلاب بدلاً من الارتقاء بالبحث العلمي وبالتعليم.

***

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.

back to top