الكرد في سورية
للكاتب الكردي شيرزاد شيخاني مقال قيّم بعنوان «أكراد سورية... صحوة متأخرة» يدرس فيه ضعف تحرّكهم مقارنة بغيرهم من أبناء عمومتهم أو إخوتهم في الدول المجاورة، (راجع «الشرق الأوسط» 2011/4/15).
وقد نشر المقال وسط صخب «الربيع العربي»، عندما انقلب العالم العربي من المغرب إلى المشرق، وتغيّرت مصائر دول وزعامات.
يقول شيخاني إن معظم القوى السياسية الكردية لم تتجرأ طوال تاريخها النضالي السلبي سوى على طرح بضعة مطالب متواضعة لا تتجاوز المطالبة ببعض الحقوق الثقافية، «بل إن كثيراً من تلك الأحزاب لم تتجرأ على المطالبة حتى بحق التحدث بلغة الأم القومية، على الرغم من أن معظم الأحزاب الكردية تدّعي أن عدد السكان الأكراد في البلد يربو على ثلاثة ملايين نسمة (عام 2011)، ويضيف الكاتب أن حجم الأكراد السكاني «كبير لا يتناسب مع تلك المطالب المتواضعة».
ويردف شيخاني أن الكرد في سورية تعرّضوا للقمع، وكانوا الحلقة الأضعف بين أكراد المنطقة، وكان شعار حزب العمال الكردستاني في ترکیا تأسيس دولة كردستان الكبرى، في حين كانت حركة أكراد العراق «أعرق الحركات النضالية في عموم المنطقة»، ورضوا بالحكم الذاتي الذي تطور فيما بعد.
ومن مطالب أكراد سورية، يقول شيخاني بإعطاء حق الحصول على الجنسية السورية لمئات الآلاف من الأكراد السوريين، وهو المطلب الذي تحوّل عبر نصف قرن من الزمن إلى حلم كردي بعيد المنال.
وقد صدر «مرسوم جمهوري الآن» - يقول شيخاني - بإعطائهم هذا الحق، ولكن الأكراد صاروا يطالبون بالاعتراف الدستوري بوجود قوميتين، وإطلاق حرية الأحزاب، وتأسيس إدارة ذاتية، وحلّ مجلس الشعب الحالي، وغيرها من المطالب التي باتت تخيف الكثير من القوى القومية من عرب سورية خشية التقسيم.
وكان من المطالب الكردية إجراء إحصاء سكاني شفاف في عموم البلاد، ومنح الكرد كل الحقوق التي تترتب على ثقلهم السكاني وواقعهم الديموغرافي.
ويضيف شیخاني أن کرد سورية جزء من أكراد المنطقة في تركيا والعراق وإيران. ويقول إن المؤرخين يُرجعون تاريخ وجود الكرد في سورية إلى عهد «امبراطورية ميديا»، التي شملت منطقة الجزيرة الحالية، ثم وقعوا ضحية لاتفاقية سايكس - بيكو.
وعن مناطق الكرد يقول الكاتب:
«ويعيش الأكراد السوريون في مناطق وجودهم الحالية منذ العصور القديمة، وبشكل رئيسي في مدن محافظة الحسكة التي تقع في الشمال الشرقي من سورية على الحدود العراقية - السورية - التركية، إضافة إلى أنهم يقطنون في كل من عفرين والقرى المحيطة بها، وكوباني - عين العرب، في محافظة الرقّة، ولهم وجود ملحوظ في المدن الرئيسة كدمشق، إذ يقدّر عددهم فيها بنحو 300 ألف كردي، موزعين على أحياء وادي المشاريع، وركن الدين، والمزة جبل، إضافة إلى بعض الضواحي الأخرى.
وفي حلب لهم وجود كثيف في الشيخ مقصود والأشرفية، ويبلغ تعداد الأكراد، حسب أكثر الدراسات الكردية 15 بالمئة من تعداد السكان، أي ما يقارب 3 ملايين، ويُعتبرون القومية الثانية في البلاد.
ويتكلم الكرد السوريون اللغة الكردية، وتحديدا اللهجة «الكرمانجية»، لكن الدولة تمنع تعلّم اللغة الكردية وتمنع تعليمها رسمياً، لذلك فإنّ تعلم الأكراد للغتهم الكردية يتم داخل أسرهم، كما أن هناك تضييقاً على ممارسة الكرد لاحتفالاتهم العامة (عید نوروز)، وحتى الخاصة أحياناً، حيث يحتاجون لموافقة الأمن السياسي لإقامة الأفراح في الصالات ومجمعات الأفراح».
وعن صعوبات تعلّم اللغة الكردية الأخرى أنه لا يُسمح للأكراد بفتح المدارس، كما تم تجريد الآلاف من الجنسية السورية.
لقد انتقل ملف الكرد في سورية إلى نظام جديد قيد التشكل حالياً، ولا يمكن التنبؤ باتجاهات تطوّر ملامحه. وقد وُجّه سؤال صحافي إلى السيد فهد الزيباري، المسؤول الكردي الذي زار الكويت للمرة الثالثة، من الإعلامي ناجح بلال: هل أثرت الإطاحة ببشار الأسد على أكراد سورية؟
فأجاب الزيباري: «فرحنا كثيراً عندما ضمت الحكومة السورية الجديدة بعض القيادات الكردية، ونتمنى أن يعم السلام على سورية بشكل عام والأكراد بشكل خاص».
بقي الكثير للحديث عنه في ملف الكرد وكردستان!