في المرمى: خلافات شخصية... رياضة وطن!
هل يُعقل أن تتحول الرياضة من منصة للمنافسة الشريفة إلى ساحة لتصفية الحسابات الشخصية؟ نعم، في بلاد العجائب كل شيء معقول! يكفي أن يختلف اثنان من أصحاب القرار – لأسباب قد تكون بحجم فنجان قهوة بارد – حتى تُشلّ حركة اتحاد، أو يُعطل دوري، أو حتى يُمنع فريق من السفر.
رياضتنا اليوم لا تُدار وفق خطط أو أهداف ولا حتى أحلام، بل تُدار بـ«ردود الأفعال»، ووفق من «يحب» ومن «يزعل»، ومن كان بالأمس حليفاً، يصبح اليوم خصماً لدوداً فقط ومن يخالفني اليوم، أشتكي بطولته غداً، ومن لا يبارك لفريقي في بيان رسمي، أعاقبه بتحريض لاعبيه أو أقاضيه على تسجيلهم، وهكذا تمشي الأمور!
المؤسسات الرياضية تحوّلت إلى جبهات قتال خفية، البيانات تُصاغ وكأنها بلاغات عسكرية، والتصريحات النارية تُطلق من كل صوب بلا رقيب، وكل ذلك لا لشيء سوى استعراض النفوذ، أو «تكبير الرأس»، وكأننا في مسلسل تركي طويل.
وها نحن اليوم نصل إلى زمن الشكاوى بأثر رجعي! نادٍ يحرّض لاعباً على نقض عقده، وآخر يشتكي على مشاركة لاعب بعد أن انتهت المباراة، وطرف ثالث يذكي النار بتصريحات إعلامية ملغومة، أما الرابحون فهم كُثر: وكلاء، إعلاميون، إداريون... وحتى بعض «المتلونين» من الجماهير وغيرهم، الكل يريد نصيباً من الكعكة، أو على الأقل صورة للظهور، أو «ترند» سريع قبل أن تبرد المعركة.
الجميع بات يتقن فن «التحكيم الرياضي الدولي»، والجميع يهدد بالتصعيد لـ«فيفا»، حتى أصبحنا نسمع عن قضايا قديمة يُنفض عنها الغبار لتُرفع أمام اللجان وكأننا في محكمة لا تنام.
أما الجمعيات العمومية فهي إما غائبة، أو غارقة في الولاءات والاصطفافات، لا تملك موقفاً إلا بعد التنسيق والاتصال والتحزّب، وكأن مستقبل الرياضة ليس في الحسبان.
الأدهى والأمر أن المتضرر الأول والأخير هو الرياضي، اللاعب، المدرب، والمشجع الذي لم يعد يفهم لماذا كل هذا، «مصلحة اللعبة» أصبحت شماعة تعلق عليها الخيبات، بينما الحقيقة أن اللعبة الوحيدة التي تُمارس باحتراف هي لعبة النفوذ!
بنلتي
لو أن هذه الخلافات تُترجم إلى نتائج داخل الملعب، وهذا الكم من الشكاوى والبيانات واللوبيات استُثمر في تطوير الأكاديميات، أو صقل المدربين، أو دعم المواهب، لكان لدينا منتخب يحترمه الخصوم، وكنا نقارع أكبر فرق القارة... لا ملف رياضي يحترق على طاولة هيئة تحكيم! لكننا بدل ذلك، نلعب ونشارك كل موسم في مشهد عبثي: «من يقصي من؟ في اللجنة، في القرار، وحتى في اللقاء التلفزيوني»... والرياضة «على الله».