العراق إلى أين؟... والسيناريوهات المحتملة (3)

نشر في 09-07-2025
آخر تحديث 08-07-2025 | 18:18
 إلياس حنا

لا بُد من الاعتراف أن العامل الأميركي قد يُغيّر أي سيناريو، فالقوة الأميركية في المنطقة جاهزة، ومعزّزة بالأسطول البحري، ويدها على الزناد. ويفرض التحليل في هذا الإطار توقّع بعض السيناريوهات، وهي على الشكل التالي:

• مهما كانت السيناريوهات، فإيران تبدّلت، المنطقة تبدّلت، ولا بُد من إعادة رسم نظام اقليمي جديد يقوم على التوازنات التي استجدت، لكنها قد تنتقل من لعب دور المعطّل سابقا (Disruptor) كدولة إقليمية عظمى، مع مشروع مُمأسس على الأرض، في الهيكلية والتجهيز، وقادرة على التدخل ضد الكل ساعة تشاء، الى دور المعطّل كدولة ضعيفة.

• سقوط النظام: إن سقوط النظام، يُحتّم إيجاد البديل، وهذا البديل إن كان في داخل أو خارج إيران هو موجود صوريّا، وهو غير قادر على محو كل ما أنتجه نظام الثورة الإسلاميّة منذ عام 1979، النظام الذي أنتج ثقافة مختلفة عن العقل القومي القديم، كما أنتج ثقافة عسكرية لها أسسها العميقة إن كان في الداخل أو الخارج، فهل ستتفلّت الأقليات في الأطراف عن المركز؟ وهل سيدور صراع على السلطة بين المعارضة الخارجية والمنظومة الأمنية الداخلية؟

لكن الأكيد، أن المنظومة الأمنية الداخلية لها اليد العليا، فهل سيدور صراع على السلطة بين المنظومات الأمنية؟... الأكثر احتمالا.

وماذا عن البُعد الديني للحكم؟ ماذا لو استهدف مرشد الثورة شخصيا؟ في هذه الحالات الممكنة، تتفلّت الأطراف - الوكلاء من سلطة المركز، لكنها وبسبب ولائها للداخل في كل الأبعاد، وبسبب قربها الجغرافي من المركز، قد تصطفّ حتما ضد المعارضة في الخارج، أو قد تتوزّع في ولائها على الأطراف العسكرية بالداخل، في حال حصل خلاف داخلي للإمساك بالسلطة.

في هذه الحالة الفوضوية، سيتأثر الوجود الأميركي بالمنطقة، خاصة العراق، اللهم إلا إذا سحب الرئيس ترامب جنوده من العراق. ولأن «الحشد الشعبي» بكل مكوناته، هو الأقوى في الداخل العراقي سياسيا، وشعبيا، وعسكريا، فقد يسعى الى الإمساك بالسلطة، الأمر الذي يجعله يصطدم بالجيش الوطني، وفي هذه الحالة من الصراع، سيقع العراق في مستنقع دموي داخلي جديد، الأمر الذي سيجعله مفككا، وتتحرر الأطراف، خاصة الأكراد، من سلطة المركز، وبدل البحث عن دور إقليمي استراتيجي، كما سلوك صدام حسين سابقا، سيتخذ الصراع على السلطة في العراق أبعادا كثيرة، منها المذهبية، والاثنية، وحتى البُعد الفقهي.

في هذا السيناريو، الأكثر استفادة هي إسرائيل، لأنها تكون قد حققت عدة أهداف بضربة واحدة، أسقطت النظام، وضربت المشروع النووي والقدرات الصاروخية والمسيّرات لإيران.

وفي ختام هذا السيناريو، قد يمكن القول إن إسرائيل هي الأكثر استفادة من هذا الوضع، وذلك بسبب البُعد الجغرافي عن آتون الاقتتال.

• بقاء النظام - الضعيف: ينص هذا السيناريو على إضعاف النظام، لكن دون تغييره، وذلك عبر ضرب الأسس التي قام عليها، إن كان في البُعد النووي، الصاروخي والمسيّرات، وحتى في الأحلام الإقليمية، ويفضل الكثير من الخبراء هذا السيناريو، خاصة بعد تجربة تغيير النظام في كل من ليبيا، وخاصة العراق.

في هذه الحالة، ينشغل الداخل الإيراني في ترتيب وضعه ووضع الأولويات، والتحضير لمرحلة مع بعد المرشد الحالي، وعليه، سيكون الاهتمام على وحدة الأرض، وحدة الشعب، وخلق آليّة لإعادة توزيع السلطة والثروة.

وقد تشهد هذه المرحلة صراعات بين القوى التي يرتكز عليها النظام، خاصة في البعد العسكري، وفي هذا السيناريو، قد تتخلى إيران عن الكثير من الوكلاء، خاصة الأبعد عنها جغرافيا، لكن مع إبقاء العلاقة مع الميليشيات العراقية، بهدف الحفاظ على قدرة التأثير الإيراني في الوضع السياسي العراقي الداخلي، خاصة وإننا قلنا أعلاه إن العراق هو من المسلّمات الأهم للأمن القومي الإيراني.

في هذا السيناريو، يبقى التركيز العراقي على الداخل، على توزيع السلطة، على الصراع على السلطة، خاصة بين الجيش والميليشيات، وعلى السعي لمنع تفلُّت الأطراف العراقية.

• سيناريو هجين: في هذا السيناريو، تتدخل أميركا الى جانب إسرائيل، لكن دون القدرة على الحسم وإسقاط النظام، حتى ولو تم استهداف المرشد الأعلى. قد تعمد إيران الى إغلاق مضيق هرمز وتهديد أمن الطاقة العالمي، كما «باب المندب» عبر الحوثيين. استهداف المصالح الأميركية في المنطقة، خاصة مركز ثقلها المتمثل بالقواعد العسكريّة، الموجودة تقريبا في كل دول الخليج. قد تُحرّك إيران ما تبقّى من الوكلاء لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الإسرائيلية، والأميركية حتى الخليجية، وذلك على غرار عملية استهداف «أرامكو» عام 2019.

في هذا السيناريو، تتحرّك الميليشيات العراقية لتهديد أمن الدول في محيط العراق المباشر، خصوصا أنها غنية بالأهداف الأميركية، ويُعتبر هذا السيناريو هو الأسوأ لمنطقة الشرق الأوسط، وخاصة للدول المجاورة لإيران.

* خبير عسكري واستراتيجي

back to top