تطبيقات الصحة النفسية
مع تزايد الضغوط اليومية، أصبحت تطبيقات الصحة النفسية ملاذاً سريعاً للعديد من الأشخاص، خصوصاً لمن لا يستطيعون زيارة مختص نفسي.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن تستبدل تلك التطبيقات بجلسات الطبيب النفسي، أم هي مجرد مسكّن رقمي لمشكلات أعمق؟
تشير الإحصاءات إلى أن سوق تطبيقات الصحة النفسية بلغ 5.05 مليارات دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 16.50 ملياراً بحلول 2030، بمعدل نمو سنوي يبلغ 16.3 بالمئة.
أما من حيث التوزيع الجغرافي، فإن أميركا الشمالية تستحوذ على 45 بالمئة من السوق، بينما تعد آسيا والمحيط الهادئ الأسرع نمواً بحصة 30 بالمئة ومعدل نمو سنوي يبلغ 19.2 بالمئة.
وفي حقيقة الأمر، هناك فوائد عديدة تقدمها هذه التطبيقات من بينها الوصول السهل، فلم تعد بحاجة لمواعيد أو انتظار، بل يمكن استخدامها في أي وقت وأي مكان، إلى جانب التكلفة المنخفضة مقارنة بجلسات العلاج التقليدي، وأيضاً التنوع من حيث توفير تمارين التأمل وتقنيات التنفس وحتى جلسات مع معالجين افتراضيين.
ومن أهم مميزات تطبيقات الصحة النفسية غياب الوصم الاجتماعي، خصوصاً أن البعض يتجنب العلاج النفسي خوفاً من الأحكام الاجتماعية، وهذه التطبيقات توفر بديلاً خاصاً وآمناً. ولكن السؤال الآن: هل تكفي تلك التطبيقات وحدها؟
رغم المزايا العديدة، فإن هناك جوانب سلبية قد تجعل هذه التطبيقات أقل فاعلية مما تبدو عليه، فهي ليست بديلاً عن العلاج الحقيقي، فقد تخفف الأعراض، لكنها لا تعالج الأسباب العميقة للمشكلة.
بخلاف غياب التفاعل الإنساني، فالعلاقة بين المريض والمعالج تقوم على الثقة والتواصل العاطفي، وهو ما تفتقده هذه التطبيقات. والأخطر والأهم مخاوف الخصوصية، فهذه التطبيقات تعتمد على تخزين بيانات حساسة مثل المشاعر والمخاوف قد يكون خطراً إذا لم تكن البيانات محمية جيداً. إلى جانب أن هذه التطبيقات ليست مدعومة بخبراء متخصصين، وبعضها يقدم نصائح قد تكون مضرة أكثر من كونها مفيدة.
ورغم هذه المخاوف، فإن نسبة استخدام تطبيقات الصحة النفسية في العالم العربي في ازدياد، إذ أظهرت دراسة في السعودية أن 75.5 بالمئة من المشاركين يستخدمون الإعلام الرقمي للحصول على معلومات حول الصحة النفسية، بينما يعتمد 27 بالمئة منهم على تطبيقات متخصصة.
أما في مصر، فقد أطلقت وزارة الصحة منصة للصحة النفسية في 2022، واستقطبت أكثر من 52 ألف زائر خلال بضعة أشهر، مع إجراء 3357 جلسة علاجية افتراضية، وكانت الفئة العمرية الأكثر استخداما تتراوح بين 15 و25 عاماً.
السؤال الآن، هل نستخدمها أم لا؟
الجواب ليس أبيض أو أسود. يمكن أن تكون هذه التطبيقات أدوات مساعدة رائعة، لكنها يجب ألا تكون الحل الوحيد. إن كنت تعاني مشكلات نفسية عميقة، فلا غنى عن الاستعانة بمعالج متخصص. أما إن كنت تبحث عن وسائل يومية لتخفيف التوتر وتعزيز الرفاهية النفسية، فقد تكون هذه التطبيقات خياراً جيداً، شرط أن تختارها بحذر.
وفي النهاية، تذكر أن العناية بصحتك النفسية لا تأتي من شاشة هاتف فقط، بل من تواصلك الحقيقي مع نفسك ومع من حولك.