عن الاغتراب البيئي... من نفاية إلى دواء!

نشر في 09-07-2025
آخر تحديث 08-07-2025 | 20:01
 د. سلطان ماجد السالم

نستهل هذا المقال ببعض الأرقام والحقائق لنضع الأمور في نصابها الواقعي الصحيح... مادة الباراسيتامول المعروفة والمتوافرة في كل منزل على شكل مسكنات نستخدمها لإزالة صداع الرأس والأوجاع والآلام المزمنة والتي تكون موجودة في أدوية كالبانادول والليمبسب وغيرهما، لها سوق عالمي ضخم له «شنة ورنة»، وقد صنعت بحجم 275 ألف طن في سنة 2024، ومن المتوقع زيادة حجم إنتاجها بواقع ما يزيد على 4 في المئة حتى حلول عام 2035.

أما عن سوق المسكنات بشكل عام Painkillers فقد فاق 80 مليار دولار في سنة 2022 ومن المتوقع أن يصل إلى 109 مليارات دولار بحلول عام 2028. أسواق الأدوية العالمية تتحكم في صادرات دول عظمى، وشركات الدواء في الواقع لها كلمتها على حكومات ولوبيات عدة حول العالم، فهم صناع ومتخذو القرار في آن واحد، كما تعتبر تلك الشركات الآمر الناهي في التجارب الإكلينيكية على المرضى الذين يعانون أمراضاً مختلفة حول العالم، وهو أمر مهم وكبير وجب التوقف عنده حتماً والتفكر فيه ملياً، فحين يخرج علينا إنجاز علمي من اسكتلندا تحديداً، تلك البلاد التي أعطت العالم المضادات الحيوية من خلال البريطاني فليمينغ والمطاط الصناعي وغيرهما من إنجازات، بأن المسكنات وتحديداً مادة الباراسيتامول يمكن إنتاجها الآن من النفايات البلاستيكية، فهنا وجب التأمل والتفكر في المسألة ملياً وجلياً.

مجموعة بحثية من جامعة أدنبرة الاسكتلندية خرجت بخبر ليس بصادم بل مبتكر حقاً يتلخص في تمكنهم من معالجة النفايات البلاستيكية الصلبة من جانب، ومن جانب آخر تصنيع مادة الباراسيتامول التي تعتبر الأهم في المسكنات المتداولة يومياً لدينا. نوع النفايات المستهدفة هذه المرة مهم أيضا، إذ عمد الفريق البحثي إلى استهداف القناني البلاستيكية المتداولة والتي يصنع منها ما يفوق 350 مليون طن سنوياً من المادة البكر، وهي من لدائن البولي اثيلين تيراثاليت PET ليتم تفكيكها إلى حمض التيريثاليك وجعل بكتيريا اليكولاي E. Coli الشائعة بهضمها لإنتاج الباراسيتامول.

هذا العمل المبتكر حقاً هو خلاصة فكر بحثي علمي صرف لم يأت مصادفة بل نتاج عمل دؤوب وبحث مستمر، والأهم من هذا كله هو الاستثمار به على مستوى صناعي عملي وعلمي. ومن هنا، وهو هدف آخر لهذا المقال، أؤكد على أمرين مهمين، أولا: ليس كل فكرة تنجح في المختبر يمكن أن تنجح على مستوى تجاري أو صناعي، فهنا تدخل مسألة دراسة الجدوى وضخ أموال واستثمارات كبرى لتطوير هذه الأفكار والنتائج المخبرية إلى واقع ملموس، وعليه نصحح الفكر بأن التجربة الناجحة تكون مشروعاً ناجحاً دون ضخ استثمارات لتطويرها ورفع مستواها إلى المقياس الصناعي، أما الأمر الآخر فيتمحور حول تطبيق هذه الفكرة في دولة الكويت وهو مقترح ينطلق من هذا المقال ليتم تبنيه ومن ثم الاستفادة منه ووضع لبنة أولى مبتكرة في صناعة الأدوية في الدولة، والله كريم وهو المستعان.

على الهامش:

خرج علينا خبر بأن قبول الطلبة في كل من جامعة الكويت وجامعة عبدالله السالم سيكون حصراً للكويتيين فقط، وأي وافد سيكون قبوله وفقاً لوجود شواغر فقط.

بحسب ما أعرف فإنه وإلى حلول سنة 2026 فالتنوع وكون الطلبة فائقين ومن جنسيات مختلفة، يجعل تصنيف الجامعة أفضل بحسب تصانيف الـ QS وTHE. ويتراوح وزن معامل تأثير التنوع من فائقي الطلبة من جنسيات عالمية ما بين 2.5 الى 5 في المئة، علينا أن نعي أمراً مهماً بأن العلم لا يعرف جنساً ولا جنسية، والغلبة للفائق فقط.

هامش أخير:

من أقوال الشاعر ميثم راضي التي نسبت له وأعجبتني:

أتساءل كيف تقبض الملائكة أرواح الذين يموتون جوعاً... أتلوح لهم برغيف خبز؟!

back to top