براك «راضٍ» عن رد لبنان على نزع سلاح «حزب الله»
• مبعوث ترامب يدعو بيروت إلى الحوار مع إسرائيل أسوة بسورية
أعلن المبعوث الأميركي، توم براك، أمس، من بيروت أنه «راض» حيال ردّ السلطات اللبنانية على طلب واشنطن بشأن نزع سلاح «حزب الله»، محذّراً في الوقت نفسه من أن لبنان «سيتخلّف عن الركب» إن لم يتحرك تماشياً مع التغيرات الإقليمية الحاصلة.
وقال السفير الأميركي إلى تركيا والمبعوث الخاص إلى سورية خلال مؤتمر صحافي في ختام لقائه مع الرئيس اللبناني جوزيف عون «أنا ممتنّ للرد اللبناني (...) الرد مدروس وموزون. نحن نعمل على وضع خطة للمضي قدما، ولتحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى الحوار».
وتابع: «ما قدّمته لنا الحكومة كان رائعا. في وقت قصير جدا، وبطريقة معقّدة جدا، أشعر برضا لا يُصدق حيال هذا الرد».
واضاف: «لا نملي على لبنان ما يجب عمله بخصوص حزب الله، وعلى لبنان أن يتعامل مع الحزب وليس الولايات المتحدة»، مشددا على أن «المسار يجب أن يبدأ من الداخل، وهناك يكمن التحدي وعلى كل فريق أن يتخلى عن شيء».
وأكد أنه «ليس على لبنان الالتزام بأي جدول زمني خصوصاً أنه يريد صيغة حول ما يريد تحقيقه ونحن هنا للمساعدة، والمشكلة في لبنان ليست إيران بل عجز اللبنانيين عن الاتفاق فيما بينهم».
جعجع يعتبر الرد اللبناني غير دستوري ويدعو إلى بحثه في جلسة لمجلس الوزراء
وحذّر براك في الوقت نفسه من أن «المنطقة تتحرّك بسرعة هائلة» ولبنان «سوف يتخلّف عن الركب».
وأشار إلى أن «الحوار بدأ بين سورية وإسرائيل»، معتبراً أن على لبنان أن يتجّه نحو «الحوار» أيضاً. وقال «اعتقادي أن اسرائيل تريد السلام مع لبنان... لكن التحدي هو كيفية الوصول إلى ذلك».
وأضاف أن «حزب الله هو حزب سياسي، وله جانب مسلح أيضاً. يحتاج حزب الله إلى أن يرى أن هناك مستقبلا له، وأن هذا الطريق ليس معدّا ليكون ضدّه فقط».وأعلنت الرئاسة اللبنانية في منشور على موقع إكس أن عون سلّم براك «أفكارا لبنانية لحلٍّ شامل خلال الاجتماع».من ناحيته، وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري اجتماعه مع براك بأنه «كان جيداً وبناءً، آخذاً بحرص كبير مصلحة لبنان وسيادته وهواجس كل اللبنانيي، وكذلك مطالب حزب الله».
بدوره، قال رئيس وزراء لبنان نواف سلام، في مؤتمر صحافي، إن المبعوث الأميركي قدم ورقة لتنفيذ آليات اتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل، مشددا على أنه لابد من الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية والوقف الكامل للأعمال العدائية، وأضاف: «قدمنا مجموعة أفكار لبراك لتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل، وبحثنا معه أفكاراً تتعلق بخطوات متلازمة بين الانسحاب الإسرائيلي من لبنان وسحب سلاح حزب الله».
وقال مصدر رسمي لبناني، مفضّلا عدم الكشف عن هويته، إن الجانب اللبناني كان سلّم رداً أولياً للجانب الأميركي قبل يومين، طلبت واشنطن إجراء تعديلات عليه.
وأضاف المصدر أن المسؤولين اللبنانيين «اجتمعوا خلال عطلة نهاية الأسبوع وأعدّوا النسخة الأخيرة».
وخلال زيارة سابقة إلى بيروت في يونيو الماضي، سلّم براك إلى المسؤولين اللبنانيين رسالة من الإدارة الأميركية تطلب التزاما رسميا بنزع سلاح حزب الله.
ووصف مراقبون سياسيون ما جرى بأنه نجاح للبنان في «كسب المزيد من الوقت والتمهل أمام المهل الأميركية في إطار الوصول إلى صيغة لحصر السلاح بيد الدولة والتزام تطبيق قرار وقف إطلاق النار من قبل إسرائيل وتحقيق الانسحاب».
وأضافوا أن «ما عمل عليه المسؤولون اللبنانيون هو فتح الباب أمام مفاوضات قد تكون مكوكية مع الولايات المتحدة في سبيل الوصول إلى اتفاق، ولكن من دون الحصول على ضمانات واضحة أو جدية بمنع إسرائيل من مواصلة خروقاتها وضرباتها».
وبحسب مصادر متابعة، فإن صيغة الرد اللبناني الأولى التي جرى التوصل إليها قبل أيام أرسلت إلى الأميركيين للاطلاع عليها لكنهم لم يوافقوا عليها، واعتبروا أن فيها ثغرات كثيرة، وخصوصاً لجهة الإقرار الصريح في سحب السلاح. طلب الأميركيون تعديلات على هذا الجواب، ولذلك شرعت اللجنة الثلاثية بتكثيف الاجتماعات للوصول إلى صيغة ملائمة، وبناء عليه تم إضافة هذه التعديلات وأهمها أن الدولة اللبنانية ملتزمة بحصرية السلاح في يدها، وهي الجهة المخولة بامتلاك قرار الحرب والسلم، علماً بأن حزب الله لم يكن يوافق على مسألة تسليم السلاح أو سحب السلاح ويطالب بتركه إلى الحوار الداخلي اللبناني.
وقد حصلت «الجريدة» على أبرز بنود الرد اللبناني وهي: تفكيك وسحب السلاح الفلسطيني، داخل المخيمات وخارجها، وتفكيك منشآت حزب الله جنوب الليطاني، في سياق تعزيز سلطة الدولة وبسط سيادتها، وتثبيت منطقة خالية من أي مظاهر مسلحة خارج إطار الدولة، والانسحاب الإسرائيلي من النقاط الخمس والمناطق المتنازع عليها وعلى رأسها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وتأكيد تطبيق اتفاق الطائف والقرار 1701، وتفعيل «لجنة الميكانيزم»، ووقف الاعتداءات، ورعاية عربية لمسار العلاقة اللبنانية - السورية بما يضمن عودة النازحين السوريين بصورة آمنة وكريمة، ويشدد على أهمية ضبط الحدود اللبنانية - السورية، والتمسك بخطاب القسم والبيان الوزاري، سيما في ما خص حماية السيادة، وتطبيق الإصلاحات، والتمسك بمرجعية الدولة ومؤسساتها.
وبحسب المصادر، من المقرر ان يناقشت براك مع إدارته ومع الإسرائيليين أيضاً الرد اللبناني، مع الإشارة إلى أن الملاحظات الأميركية أو الردّ على الردّ اللبناني يُفترض أن يتسلمه لبنان بعد حوالى أسبوع، على أن يعود براك بعد حوالي أسبوعين إلى بيروت لمتابعة النقاش.
في المقابل، رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن الردّ اللبناني «غير دستوري وغير قانوني أو حتّى رسمي»، مشيرا إلى أن «المادة 65 من الدستور نصّت على التالي: تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء الذي يضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ودون استثناء». وأكد أن «المطلوب من رئيس الحكومة أن يدعو مجلس الوزراء إلى الاجتماع من دون إبطاء، بعد أن يكون قد أطلع الوزراء على ورقة برّاك، وأن تتم مناقشة الورقة في اجتماع، أو اجتماعات متتالية لمجلس الوزراء مكتملا لاتّخاذ الموقف الدستوري الرسمي منها».