علاقة أميركا والغرب بإسرائيل إلى متى؟
الأسئلة التي دائماً ما يتم طرحها حول علاقة الغرب مع اليهود، ولماذا كُل هذا الدعم؟ أهي عقدة تأنيب الضمير للتكفير عن جرائم الهولوكوست؟ ولماذا دخلت الولايات المتحدة على هذا الخط؟ وما المصالح المشتركة التي تربطها مع الكيان الصهيوني؟ وهل ما تقوم به بسبب النفوذ الاقتصادي والسياسي والإعلامي اليهودي؟
ولفهم طبيعة تلك العلاقة لا بد من الرجوع للبدايات، للوقوف على الأسباب دفعت بريطانيا لدعم إقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين. ولنبدأ بالخلفية السياسية التي تأصَّلت أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث كانت بريطانيا تبحث عن أي دعم يقوي من موقفها العسكري والاقتصادي والسياسي، فمن هنا وجدت ضالتها في اليهود، الذين كانوا أعينها في أوروبا، وذراعها الاقتصادية والإعلامية بأميركا.
نتائج هذه العلاقة كانت تحصيل حاصل، من خلال وعد بلفور، الذي قدَّمه وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى اللورد روتشيلد، حيث كانت فلسطين، آنذاك، تخضع للانتداب البريطاني، مما مكَّنها من تنفيذ وعدها على الأرض.
القضية الفلسطينية تُعد من أكثر القضايا تعقيداً في التاريخ الحديث، فالمشروع البريطاني سمح بإقامة الدويلة اليهودية، لكنه لم يكن ليستمر لولا دخول الولايات المتحدة على خط الاحتضان، بعد أن أصبحت القوة رقم واحد في العالم، لدورها في الحرب العالمية الثانية، مما نتج عنه تحوُّلات جيوسياسية مكَّنت أميركا من الاستحواذ والسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، عبر استخدامها لإسرائيل كذريعة لتأكيد نفوذها.
من المهم أيضاً عدم تجاوز الموروث الديني وتنامي التيار الديني (خصوصاً البروتستانت الإنجيليين)، الذي يعتقد أن عودة اليهود إلى فلسطين تحقيق لنبوءات توراتية.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: لماذا تقدِّم الولايات المتحدة الأميركية كُل هذا الدعم لدويلة إسرائيل؟ وهل فعلاً «اللوبي» اليهودي مُسيطر ويتحكَّم في مفاصل أميركا الاقتصادية والسياسية والإعلامية، أم أنها مبالغات، وأن العكس صحيح، لكونها المستفيدة من وجود إسرائيل للسيطرة على المنطقة؟
حقائق:
كيف يكون لليهود كُل هذه السيطرة على اقتصاد أميركا إذا ما رجعنا إلى حجم الاقتصاد الإسرائيلي، ومقارنته بحجم الاقتصاد الذي تمثله الولايات المتحدة من حجم التجارة العالمية؟ وهل من المعقول التصديق بتأثير اليهود على الاقتصاد الأميركي وتأثيرهم على الانتخابات إذا ما نظرنا إلى أعدادهم، مقارنةً مع أي جالية أخرى؟ وماذا عن فوز مسلم بالانتخابات التمهيدية لمدينة نيويورك، والتي يُفترض أن تكون معقل اليهود؟
فكرة سيطرة الإعلام اليهودي على توجيهات الرأي العام الأميركي قد تكون واقعية قبل عقد أو عقدين من الزمان أيام الصحف الورقية ومحدودية القنوات الفضائية، إلا أن واقع اليوم اختلف كثيراً، بعد شيوع منصات التواصل الاجتماعي، وتحوُّل الصحف الورقية إلى إلكترونية، وماذا عن حجم التظاهرات المناهضة لسياسات إسرائيل التي انطلقت في معظم المدن الأميركية والجامعات العريقة؟
الخلاصة:
يهود أميركا استطاعوا زرع ثقافة هيمنتهم في عقول الساسة الأمريكان، إلا أنه في المقابل هناك تغيُّر كبير في عقلية المواطن الأميركي تجاه إسرائيل، بعد الجرائم وحرب الإبادة التي تقوم بها في قطاع غزة، وربما بالسنوات القليلة سينقطع هذا الدعم، لذلك تجد هذا الاستذباح من النتن ياهو في تأمين هذا الكيان، من خلال محاولاته المستميتة في توريط أميركا معه.
ودمتم سالمين