خبر وتعليق: رجال في ذاكرة التاريخ... اللواء محمد عبدالله السديراوي

نشر في 04-07-2025
آخر تحديث 03-07-2025 | 18:48
 مساعد الحمدان

القادة المبدعون جزء لا يتجزأ من تراثنا الوطني، لما لهم من فكر معتدل وحماس متزن في الكفاءة والتنظيم والقدرة على التأثير، حيث ضربوا أروع الأمثلة في مواجهة التحديات، وجعلوا نظم الأمور في دائرة الضبط والسيطرة.

وحديث قلمنا عن اللواء المتقاعد محمد عبدالله السديراوي (بوفيصل) القامة العسكرية، يشد الأذهان بحسن عرضه، ويهز القلوب بجميل لفظه، ويتمتع بملكة الإبداع أرساها بكل أمانة وشرف.

التحق بكلية علي الصباح العسكرية في 9 سبتمبر 1998، وقال عنه مُعلّمه «الأول» اللواء الركن ناصر عبدالعزيز السمحان: الزميل محمد السديراوي أحد طلبتي الذين أعتز بهم، وأفخر عندما كان طالباً في كلية علي الصباح ضمن الدفعة 29، رجل عشق العسكرية فعَشِقَته، وتميز بالهدوء والتواضع ومحاسن الفعال، صاحب خلق رفيع وأدب جمّ، في التدريبات يضفي روح المرح في رفع معنويات زملائه، ويترك بصمة واضحة في كل موقع يتواجد به، ونسأل الله له التوفيق في حياته القادمة.

تقلد السديراوي مناصب متعددة، منها حماية قصر السيف العامر، وحماية قصر دسمان، وموكب صاحب السمو، وعمل في مدرسة تدريب الحرس الأميري، والتي تعتبر العمود الفقري لوحدة الحرس، حيث تفرز قادة حماية مؤهلة، كما خدم في هيئة الاستخبارات والأمن، وله دور بارز في صقل الرجال بكلية علي الصباح العسكرية، وكيف لا وهو ابن هذه المؤسسة، بدأها طالباً ثم معلماً وانخرط في سرايا الطلبة والكتائب حتى أصبح آمراً لقيادة شؤون الطلبة؟ فحظي بالنظرة الثاقبة للوصول إلى الكمال المنشود، وكان محل إعجاب وتقدير القياديين، وكان من ضمن الفريق الذي عمل معي في قيادة شؤون الطلبة عندما كنت آمراً لها، فلم أر منه غير الإخلاص والجد والمثابرة، وكان يصنع من العجز قوة، لما له من ملكة إبداعية وخبرة مهارية في التحسين والتطوير، وكان يؤمن بما يعمل، ويعمل بما يؤمن به، وسمعته يوماً يقدم النصح والإرشاد في المهارات القيادية لطلبة الكلية فيقول: «إن المهارة القيادية تكتسب عن طريق التعلم والتجربة، وإن أعظم الدروس تتعلم من خلال الأخطاء، وهي التي تصنع الرجال والقادة»، وهذا يذكرنا بقول برنارد باسي: «القيادة وظيفة تولد من رحم الموقف المطروح، وأي شخص يمكن أن يكون قائداً إذا توفرت له الظروف المناسبة». من هنا يُدرك السديراوي أن من عمق الهزايم تُصاغ القوة، ومن تقلبات الحياة اليومية يولد التوازن، فرسم السديراوي المستقبل لوحدتِه بتصوراته الشمولية وشخّص الواقع ووصل إلى درجة التمكين، وهذه المرحلة تظهر فيها الأفكار الإبداعية.

وفي 5 يونيو 2025 ترجّل الفارس المبدع عن صهوة جواده بعد مسيرة حافلة بالعطاء في مجال التعليم وصقل المواهب، وترك إرثاً وبصمة لا تُنسى في نفوس طلابه ومرؤوسيه، فنسأل الله سبحانه أن يمتعه بالصحة والعافية، ويجعل أيامه مليئة بالسعادة والراحة.

ونختم زاويتنا بالحكمة القائلة: «الصداقة الحقيقية كالعلاقة بين العين واليد، إذا تألمت اليد دمعت العين، وإذا دمعت العين مسحتها اليد»... ودمتم ودام الوطن.

* باحث في إدارة الأزمات والأمن الوطني.

back to top