خطاب الكراهية والقيم الاجتماعية

نشر في 04-07-2025
آخر تحديث 03-07-2025 | 18:33
 نايف صنيهيت شرار

لا شك في أن الكراهية فعل مقيت وصفة ذميمة لا تجد لها مكاناً في القيم الإنسانية السامية، ولم تُذكر في موضع إلّا وأجمع الكل على رفضها، مما دفع المنظمات والمؤسسات الدولية إلى تكثيف الجهود لمكافحتها، ومن أبرزها اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوليو 2021 الاحتفال باليوم الدولي لمكافحة خطاب الكراهية بمبادرة من المملكة المغربية، وذلك في إطار حملة عالمية للتوعية ضد هذه الظاهرة، تحت شعار «لا لخطاب الكراهية».

وفي هذا الإطار، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بإعلان يوم 18 يونيو من كل عام يومًا دوليًا لمكافحة خطاب الكراهية، حيث يُعدّ خطوة صائبة لمكافحة التمييز وكراهية الأجانب، إذ يدعو جميع الأطراف المعنية إلى تكثيف جهودها للحد من خطاب الكراهية بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وترى الأمم المتحدة أن خطاب الكراهية يُعد إنكارًا للقيم الأساسية التي يقوم عليها ميثاقها، مثل احترام كرامة الإنسان، المساواة، والسلام.

ومع تطور تقنيات الاتصال الحديثة، ولا سيما «التواصل الاجتماعي»، شهد خطاب الكراهية زيادة ملحوظة واتخذ أبعادًا تنذر بالخطر، لذا أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات فعالة لتعزيز الوعي والتثقيف، وتطوير الإطار القانوني والقيمي لمكافحة الظاهرة، بما يضمن التماسك الاجتماعي والسلام العالمي.

وتُعرِّف الأمم المتحدة خطاب الكراهية بأنه «أي نوع من التواصل الشفهي، الكتابي، أو السلوكي الذي يتضمن لغة تمييزية أو ازدرائية تجاه شخص أو مجموعة بناءً على الهوية، الدين، الانتماء الإثني، الجنسية، العِرق، اللون، الأصل، نوع الجنس، أو أي عامل آخر من محددات الهوية».

محلياً، تبذل الكويت جهوداً على المستويين الرسمي والشعبي، لمواجهة الكراهية والحد من تأثيرها السلبي، وتعزيز قيم التسامح ونبذ العنف والتنمر وسَن تشريعات قانونية تهدف إلى حماية المجتمع من خطاب الكراهية بجميع أشكاله.

ونرى أنه لمقاومة خطاب الكراهية، لا بُد من نشر الوعي بين أبناء المجتمع، وذلك من خلال الآليات التالية: تعزيز التربية القيمية، من خلال نشر الوعي حول خطورة الكراهية، وذلك عبر المناهج الدراسية والبرامج الثقافية، وترشيد «التواصل الاجتماعي»، عبر سنّ تشريعات تُلزم المنصات بمراقبة المحتوى، واتخاذ إجراءات فعالة للحد من نشر خطاب الكراهية وتعزيز دور الإعلام الإيجابي، وذلك بالعمل على توجيه الإعلام لترويج خطاب التسامح والسلام، وتقبُّل الرأي الآخر ونبذ التطرف، فضلا عن تفعيل القوانين، وفرض عقوبات صارمة على الأفراد أو الجهات التي تروج لخطاب الكراهية، والاهتمام بالتنشئة الأسرية، من خلال ترسيخ دور الأسرة في التربية الإيجابية للنشء وحثه على قبول الآخر أيًّا كان مذهبه أو دينه.

في النهاية، يبقى القول إن مواجهة خطاب الكراهية مسؤولية مجتمعية مشتركة تتطلب تضافر الجهود بين الأفراد، والمؤسسات، والدول، فالتوعية والتثقيف إلى جانب التشريعات القانونية، يمثّلان الأساس الذي يضمن تحقيق مجتمع يسوده التفاهم والمحبة، وكما ترى الأمم المتحدة، فإن مكافحة خطاب الكراهية ليست مجرد التزام قانوني، بل واجب إنساني وأخلاقي.

back to top