رياح وأوتاد: حُمّى الزيادات والنظرة المتكاملة
لا شك في أن زيادة رسوم الانتفاع بأراضي الدولة مطلوبة، خصوصاً للأراضي التي تُستخدم للترفيه والاستراحات، لكن الزيادات للأراضي الصناعية والخدمية والزراعية والتعليمية والجمعيات التعاونية تحتاج إلى وقفة ونظرة اقتصادية كلية، وليس مجرّد نظرة تحصيل وزيادة للإيرادات التي ستذهب بالتأكيد للمصروفات الحكومية الجارية، والتي لن تغطي عجز الميزانية ولن تصحح، بل ستخالف الهدف الأساسي لجميع الخطط الخمسية، وهو زيادة فرص عمل الكويتيين في القطاع الخاص لتخفيف العبء الكبير عن الدولة، وتشجيع المستثمر المحلي والأجنبي.
زيادة الشاليهات يجب أن يرافقها تحسين الخدمات، مثل الطرق المهترئة حالياً وإيصال المياه وأعمال النظافة والمحافظة على البيئة.
أما الزيادة الكبيرة والعشوائية للأراضي الخدمية والصناعية فستؤدي إلى آثار تضخمية، أي ارتفاع الأسعار على المستهلك الكويتي، وربما تؤدي إلى عقود مصطنعة بين المستفيد الأصلي والمستأجر منه، والأخطر أنها ستؤدي إلى انصراف الشباب عن العمل الحر والخاص، بسبب زيادة التكلفة، إضافة إلى انصراف رؤوس الأموال إلى الخارج، وهي ضربة جديدة للاستثمار المحلي المباشر الذي يعاني أصلاً هروب رؤوس الأموال، وهذه الضربة تضاف إلى الضربة التي سبقتها بوجوب أخذ العامل إذن صاحب العمل قبل السفر، فكيف لرؤساء ومديرين أجانب وعددهم بالآلاف وهم يسافرون باستمرار أخذ الإذن مرة تلو الأخرى؟ فهل يجوز أن يعامَلوا بهذه الطريقة بسبب هروب عمالة متدنية؟ وهل هذا الإجراء يتفق مع دعوة المستثمر الأجنبي للاستثمار داخل الكويت؟
كان على الحكومة أن تتوسع في توفير الأراضي الخدمية والصناعية والتعليمية، وكل أرض الدولة متاحة للحكومة حسب القانون، مما سيزيد الإيرادات ويوفر المزيد من فرص العمل للشباب، كما أنه سيزيد المنافسة ويقلل الأسعار على المستهلك، وهو أفضل من الزيادة العشوائية لإيجارات المناطق الحالية المحدودة المساحة، كما كان عليها أن تكون حصيفة ومتناسقة، فلا تصرف المليارات في أمور من جهة، وترفع الإيجارات على المستهلك من جهة أخرى!
أما الزيادات الكبيرة على الجمعيات التعاونية، فلا شك أنها ستؤدي إما إلى زيادة أسعار البضائع أو انخفاض كبير في الأرباح السنوية للمواطنين، وكلاهما يشكّل ضربة لدخل الأسرة الكويتية التي كانت ترغب أيام المجلس في تحسين مستوى المعيشة، وقد تلحقهما ضربة ثالثة إذا تمّت زيادة الرسوم، حيث يتم التلويح المستمر بذلك، أو تم تحويل الجمعيات إلى شركات، وهذا مع العلم بأن أموال الجمعيات التعاونية تعتبر حسب القانون أموالاً خاصة.
كان على الحكومة أن تعمل بنظرة اقتصادية متكاملة تخدم أهداف الاقتصاد الكويتي والأسرة والشباب، يرافقها زيادة متدرجة ومعقولة لأملاك الدولة حسب أهداف التخطيط الأساسية، وليس مجرّد رفع للأسعار.