في المرمى: جمعية عمومية بنكهة «90 ثانية»!

نشر في 02-07-2025
آخر تحديث 02-07-2025 | 11:48
 عبدالكريم الشمالي

في مشهدٍ لا يثير الدهشة قدر ما يثير الحسرة، اجتمعت الجمعية العمومية للاتحاد الكويتي لكرة القدم وانتهت... لا، لم تنتهِ بعد يوم طويل من النقاشات الساخنة، ولا بعد صراع مرير بين التيارات المتصارعة، بل انتهت في زمن قياسي مدته دقيقة ونصف فقط، حسب ما أعلن رئيس الاتحاد الشيخ أحمد اليوسف لوسائل الإعلام، أحد عشر بنداً طُرحت، أحد عشر «نعم» رُفعت، وانتهى العرض.

لمن لا يعرف حال كرتنا المحلية، قد يظن أن هذا الاجتماع القصير كان انعكاساً لتنظيم احترافي، وكفاءة إدارية عالية، وربما ظنّ البعض أن الأمور تسير وفق خطط محكمة ورؤية واضحة وأن الاتحاد يعيش أزهى عصوره، لكن الحقيقة، وبكل أسف، أن هذه الجمعية العمومية ليست إلا مرآة لواقع الرياضة الكويتية الباهت وأن هذا الاختصار المهين ما هو إلا صورة مصغّرة عن العبث المزمن في رياضتنا، حيث الجمعيات العمومية ليست سوى ختم مطاطي، ومصادقة شكلية على فشل يتكرر دون حياء.

فالجمعيات العمومية في رياضتنا وهذه إحداها – وبلا تعميم ظالم – تحوّلت إلى منصات «رفع يد»، لم يكلّف المجتمعون أنفسهم حتى عناء التمثيل على الشارع الرياضي بجلسة مطوّلة أو نقاش شكلي، ولا أحد تجرأ على مناقشة خروج المنتخب الوطني المخزي من تصفيات كأس العالم، أو فضائح التحكيم، أو تدني مستوى المسابقات، أو حتى فوضى البنية الإدارية، وكأن هذه الأمور مجرد تفصيل هامشي لا يستحق «ثلاث دقايق» من وقت الجمع الموقر، وكأن كل شيء على ما يرام... «مرّروها بس».

قد يحق فعلاً للشيخ أحمد اليوسف أن يخرج من الاجتماع وهو مبتسم، ويعلن بكل فخر أن الجمعية انتهت في دقيقة ونصف، وأن البنود الأحد عشر حُسمت بسرعة خاطفة بثقة كاملة من عموميته، فكل رئيس يتلقى دعماً كاملاً من جمعيته العمومية يحق له أن يفرح، ولكن هل هذا فعلاً إنجاز؟ هل التصويت بالإجماع وفي وقت قياسي هو ما نحتاجه فعلاً؟ أم أن ما نحتاجه هو النقاش، والمصارحة، والاختلاف البنّاء حتى بين الخصوم؟

التصفيق الجماعي والتصويت السريع لا يصنعان منتخباً قوياً ولا مسابقات محترمة، والتطور لا يُبنى على «اللوبيات» المضبطة مسبقاً، ولا على الموافقات الجماعية الخالية من التفكير، بل على الحوار، وتبادل الرؤى، وطرح المقترحات حتى لو كانت مزعجة، أما أن تُغلق كل الأبواب في وجه أي اقتراح مختلف بحجة «الوقت لا يسمح» أو «الاقتراح مرفوض شكلاً»، فهنا نكون قد صنعنا مسرحية جماهيرها غير موجودة، وممثلوها لا يحفظون حتى السيناريو، فمن المخجل أن تُرفض الاقتراحات لمجرد أنها تعكر صفو الإجماع، ولو كان هناك اختلاف، فمن غير المقبول أن يُسكت بالصمت أو التجاهل، نحن بحاجة إلى جمعيات عمومية تتكلم، لا تصمت، تناقش، لا تبارك فقط، تحاسب، لا تبارك «التمرير».

بنلتي

في الكويت، الجمعية العمومية الرياضية صارت تشبه ختم العيادة... تمرّ سريعاً، لا أحد يسأل، ولا أحد يشرح، والنتيجة؟ «حالة مزمنة من الفشل مع توصية بالراحة التامة» أما المحاسبة والمراجعة فهي مؤجلة، كحال كل شيء عندنا، إلى «موعد غير مسمى، أو أقرب جمعية بـ90 ثانية أخرى».

back to top