رياح وأوتاد: ماذا يمكن أن تفعل الحكومات؟
عرضت قناة itv الإنكليزية تقريراً من مستشفيات غزة عن الأطفال الذين يموتون يومياً بسبب نقص الأدوية والأغذية. هذا التقرير المصور الذي تقشعر منه الأبدان اتخذته مدخلاً للإجابة عن سؤال أحد الإخوة: ما الذي يمكن أن تفعله حكومات العرب والمسلمين وهذه حالهم من الضعف والاعتماد على الغرب؟ ولو كنّا مكانهم، فهل تعتقد أن بإمكاننا أن نفعل شيئاً؟
لا شك أن بإمكان حكومات العرب والمسلمين أن تفعل الكثير، لأنهم مسؤولون أمام الله ثم أمام شعوبهم. أما مجرد السكوت عن الإجرام الذي يحلّ بفلسطين دون أن يحركوا ساكنا، فإنه يخل بمسؤوليتهم، لأن القاعدة الشرعية العالمية تنص على «أينما تكون السلطة تكون المسؤولية»، خصوصاً أنهم يحكمون مئات الملايين من العرب والمسلمين، وتقع تحت أيديهم ثروات هائلة يمكنها أن تخدم قضايا المسلمين.
أقل ما يمكن أن يفعلوه هو اتفاق الكلمة والعمل الجاد والفعّال على فك الحصار وإيصال الغذاء والدواء إلى أهل غزة، والتهديد الجماعي لمصالح أي دولة تقف دون ذلك.
وأيضاً، ما الذي يمنع العرب من إنشاء وتمويل لوبي داخل أميركا لخدمة قضية فلسطين العادلة، أسوة باللوبيين الصهيوني والإيراني، خصوصاً أن الرأي الشعبي هناك مقبل على تحوُّل كبير؟ وأكبر دليل هو التظاهرات العارمة في الجامعات، وانتخاب المسلم زهران من قبل الحزب الديموقراطي لمنصب عمدة نيويورك، وهو الذي أعلن أنه سيقبض على نتنياهو إذا جاء إلى نيويورك، مما جعل ترامب يستشيط غضباً، وأيضاً كتابات كبار المفكرين، وتبنّي دول في أوروبا وأميركا الجنوبية قيام دولة فلسطينية، إذاً، فكل الظروف والقانون الدولي مهيأة لنجاح لوبي عربي إسلامي، والتقصير يعود إلى الحكومات.
أوَ لا يمكن للدول العربية - أو على الأقل المتفقة منها - مقاطعة البضائع الصهيونية؟ أوَ لا يمكنهم القيام بإعلام عربي موحد يصل إلى العالم بأسره، في سبيل إنشاء تحالف دولي مطالب بالحق والشرعية، والسعي لتحقيق كونفدرالية عربية بين المتفقين منهم في السياسة الخارجية والدفاعية؟
ألا يمكنهم إفساح المجال للشعوب لتقوم بدورها في العمل السياسي السلمي الذي يكشف الإجرام الصهيوني ويردع المؤيدين للصهاينة وتطبيعهم مع مغتصب المقدسات والأرض والأرواح؟ إن المشاركة الشعبية وحرية التعبير والتنمية الحقيقية لها دور كبير في وعي الشعوب وإرجاع الحقوق.
لذلك، فالحكومات العربية والإسلامية مسؤولة، ولا يصح أن يتبنوا المبادرة السعودية - العربية، ثم لا يفعلوا شيئاً على أرض الواقع ويكتفوا بشعارات الشجب والاستنكار.
وأخيراً، عندما سُئل الشيخ ابن باز في محاضرة عن سبب عدم نصرة المسلمين، قال: كيف يُنصرون وهذه حالهم من الفرقة، وعدم حكم أكثرهم بما أنزل الله، ولم يُعدوا العدّة كما أمر الله؟!