دول «التعاون» في حالة تأهب وتدعو إلى وقف التصعيد
اتصالات خليجية واسعة للتنسيق واستعداد أمني سعودي... و«عمل عن بُعد» وإخلاء طرق بالبحرين
مع انضمام الولايات المتحدة إلى الهجمات على إيران التي بدأتها إسرائيل في 13 الجاري، رفعت دول الخليج حالة التأهب القصوى تحسباً لاحتمالات اتساع رقعة الصراع في المنطقة وزيادة مخاطر التلوث الإشعاعي جراء الضربات العسكرية على منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية.
وفي وقت فعّلت الكويت خطة الطوارئ الخاصة بها لضمان استمرارية الأعمال المالية والخدمية بكفاءة عالية، للحفاظ على سلامة الأداء الحكومي في جميع الظروف، قرّرت البحرين، اليوم، تفعيل العمل بالوزارات والأجهزة الحكومية عن بُعد بنسبة 70 بالمئة حتى إشعار آخر، في ظل الظروف الإقليمية وتطورات الأوضاع الراهنة، وبما تقتضيه السلامة العامة.
وفي حين استثنت البحرين، التي تستضيف مقر الأسطول الأميركي الخامس، «القطاعات التي يتطلب عملها الحضور الشخصي، والتي لديها إجراءات عمل خاصة في حالات الطوارئ»، حثت المواطنين والمقيمين على استخدام الطرق الرئيسية فقط عند الضرورة «من أجل إفساح المجال لاستخدام الطرق من قبل الأجهزة المعنية»، وذلك عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضربات على المنشآت النووية في إيران.
وأفاد مصدران مطلعان «رويترز»، اليوم، بأن السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، في حالة تأهب أمني قصوى بعد الضربات الأميركية، التي سبق لإيران أن توعدت بالرد عليها باستهداف أصول واشنطن في المنطقة، بما في ذلك القواعد العسكرية بالخليج.
إلى ذلك، أعلن الحرس الوطني بالكويت والسلطات البيئية والنووية في السعودية والإمارات والبحرين والعراق وإيران «عدم رصد أي آثار إشعاعية على بيئة دول الخليج العربية، نتيجة الاستهدافات العسكرية الأميركية للمرافق النووية الإيرانية، مؤكدة أن «جميع القياسات كانت ضمن حدود الخلفية الإشعاعية الطبيعية».
ولي العهد السعودي يبحث مع قادة مجلس التعاون تداعيات الهجوم على إيران
وعبَّرت السعودية اليوم عن «قلق بالغ» إزاء التطورات المتسارعة في إيران، وجدَّدت تأكيدها على ما ورد في بيانها السابق الصادر في 13 الجاري، الذي دانت فيه الهجمات على الأراضي الإيرانية، مؤكدةً موقفها الثابت برفض أي تدخلات تنتهك سيادة الدول، وبذل كافة الجهود لضبط النفس والتهدئة وتجنّب التصعيد.
من جانبها، دانت عُمان، الوسيط الرئيسي في المفاوضات النووية، «العدوان غير القانوني» على إيران، داعية إلى خفض «فوري وشامل» للتصعيد.
وقالت وزارة الخارجية القطرية إن الدوحة تأسف «للتدهور الذي بلغته الأمور» بقصف المنشآت النووية الإيرانية، مشيرة إلى أنها تتابع بقلق تطورات الأحداث، وأضافت الوزارة، في بيان، أن هناك ضرورة لوقف العمليات العسكرية، والعودة فوراً للحوار والمسارات الدبلوماسية لحلّ القضايا العالقة.
كما أعلنت الإمارات أنها تتابع بقلق تصاعد المواجهة العسكرية في المنطقة، داعية إلى «ضرورة تغليب الدبلوماسية والحوار لحل الخلافات، وضمن مقاربات شاملة تحقق الاستقرار والازدهار والعدالة».
وأعربت الإمارات عن قلقها البالغ من استمرار التوتر في المنطقة واستهداف المنشآت النووية الإيرانية، وطالبت بضرورة الوقف الفوري للتصعيد، لتجنب التداعيات الخطيرة وانزلاق المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار.
وأجرى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مباحثات هاتفية مع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي مقدمتهم أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى، وسلطان عمان هيثم بن طارق وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، كلٌّ على حدة. كما تلقى اتصالات من رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية بأن اتصالات الأمير محمد تناولت التطورات الأخيرة ومستجدات الأحداث في المنطقة وتداعيات الهجوم الإسرائيلي على إيران، بما في ذلك استهداف الولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية.
وجرى خلال الاتصالات الهاتفية التأكيد على تضامن دول مجلس التعاون الخليجي في هذه الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة لبذل الجهود اللازمة لضبط النفس وتجنب التصعيد وحل جميع الخلافات بالوسائل الدبلوماسية.
وفي اتصاله مع ماكرون وميلوني، بحث ولي العهد السعودي تداعيات استهداف أميركا للمنشآت النووية الإيرانية، وأكد موقف المملكة الداعي لبذل الجهود كافة لضبط النفس وتجنب التصعيد وحل جميع الخلافات بالوسائل الدبلوماسية.
وفي اتصال مماثل، بحث أمير قطر مع رئيس الإمارات محمد بن زايد عددا من المستجدات ذات الاهتمام المشترك خاصة هجوم الاحتلال الإسرائيلي على إيران، وأكدا على ضرورة خفض التصعيد والتوصل إلى حلول دبلوماسية.
وسبق أن توعدت طهران باستهداف الأصول الأميركية في المنطقة، بما في ذلك القواعد العسكرية، إذا ما تعرضت لهجوم أميركي.
وتستضيف البحرين مقر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، وتوجد كذلك قواعد أميركية في السعودية والكويت وقطر والإمارات.
وقال حسن الحسن، الباحث في سياسات الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «بما أن الحرب لم تُحتو خلال الأعمال القتالية المباشرة بين إسرائيل وإيران حتى الآن، فإن التدخل الأميركي المباشر يمثل علامة فارقة تهدد بجر دول الخليج، ولا سيما البحرين والكويت وقطر، التي تستضيف منشآت عسكرية أميركية كبيرة، إلى الصراع».
وأشار إلى أن خطر اندلاع صراع مفتوح بين الولايات المتحدة وإيران قد يغرق المنطقة في صراع مدمر وربما طويل الأمد.
وقال عبدالعزيز العنجري المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، ومقره الكويت، إن التصعيد الأخير نقل الخليج من موقع المتابع إلى موقع المتأثر المباشر.
وأضاف العنجري «هناك قلق واضح لدى صناع القرار بشأن أمن الطاقة والممرات الحيوية، وقلق شعبي حول المصير، والمعيشة والاستقرار»، مشيراً إلى أن الخليج «لم يعد على هامش الصراع، بل في قلبه».
واعتبر العنجري أن حكومات الخليج مطالبة بموقف مشترك يعبر عن مصالحها الجماعية «وليس ردود أفعال منفردة» إضافة إلى تنسيق المواقف الأمنية، لمنع تحول الخليج إلى ساحة اشتباك بالوكالة.