إنترلاكن... حكايات يرويها الجمال وسط تعانُق المياه والجبال

• ليست مجرد وجهة سياحية بل أسلوب حياة مؤقت يخرج منه الزائر أخفّ وأصفى

نشر في 23-06-2025
آخر تحديث 25-06-2025 | 17:56
في مشاهد طبيعية تعانق فيها الجبال شموخ السماء، وتحاكي أجواؤها صفو بحيرتيها الساحرتين، يمكن لزائر إنترلاكن السويسرية أن يخوض تجربة غير مسبوقة وهو يشق عمق وديانها الخضراء وكأنه في حلم ممتع لا يريد أن ينتهي، في لقطات لا تنسى، تحتفظ بها مخيلة الذاكرة في أثمن بقاعها، لتغدو قصة بديعة تروى وتعاش ولا تنتهي آثارها.

حين تنظر من نافذة قطارك المتجه إلى إنترلاكن، تشعر بأنك على موعد مع لوحة حيّة، حيث تتعانق البحيرات والقمم، وتتماوج ألوان الطبيعة كأنها في سباق هادئ نحو قلبك. إنترلاكن، المدينة الصغيرة الواقعة بين بحيرتي «برينز» و«تون»، ليست مجرد محطة في رحلة سياحية، بل هي قلب نابض للجمال السويسري الخالص، وعنوان لتجربة متكاملة تمزج بين المغامرة، والهدوء، والفخامة الهادئة. إنّها ليست مكاناً للزيارة السريعة، بل للحياة البطيئة، حيث تحتفي الطبيعة بكل زائر، وتدعوه للتأمل والسكون، أو للمغامرة والانطلاق، فرغم قلة عدد سكانها (أقل من ستة آلاف نسمة)، لكنها تستقبل مئات الآلاف سنوياً.

لؤلؤة الطبيعة بين بحيرتين

تقع المدينة الساحرة بين بحيرتين: «بحيرة برينز» من الشرق، ذات المياه الفيروزية الهادئة، و«بحيرة تون» من الغرب، بلونها الأزرق العميق، في واحدة من أجمل المناطق في سويسرا، وكأنها جزيرة صغيرة محاطة بالصفاء. الاسم نفسه يعني «بين البحيرات»، وهي تسمية دقيقة لهذه المدينة الصغيرة التي تبدو كأنها شرفة مفتوحة على الطبيعة، تتيح للزائر رؤية الماء والجبال والخضرة في لقطة واحدة.

يمكنك أن تبدأ يومك برحلة بحرية على متن قارب بخاري كلاسيكي في بحيرة تون، مروراً بالقرى الصغيرة، والقلاع القديمة مثل قلعة شادو التي تحكي قصص القرون الوسطى، ثم تختتم بجلسة عند أحد المقاهي المشرفة على المرفأ، وفي بحيرة برينز، يمكن أن تكون التجربة مختلفة: بركوب قارب سريع يلامس سطح الماء بسرعة، أو بتأمل التلال الخضراء التي تنعكس على سطح البحيرة، وكأنك داخل مرآة كونية ضخمة.

لحن هادئ

من محطة مونترو الهادئة، على ضفاف بحيرة ليمان، تبدأ الرحلة. مونترو ليست مجرد مدينة، بل أغنية كلاسيكية تمشي على مهل بين الكروم والمياه. هناك، تلوح لك تماثيل الموسيقيين العظام على الممرات، وتستمع إلى موسيقى تعبر من نوافذ البيوت القديمة.

يركب الزائر القطار الذهبي GoldenPass Express، فينطلق به نحو مدينة سبيز، مخترقاً لوحةً من المراعي، والقرى الخشبية، والغابات التي تنفتح فجأة لتكشف عن جبال الألب في كامل مهابتها.

«دلتا بارك»

في منتجع دلتا بارك الصحي، حيث يحطّ المسافرون رحالهم بعد يومٍ طويل، لا تستقبلك الجدران بل تستقبلك الطبيعة. المنتجع محاط بمحمية طبيعية تحاذي بحيرة تون. تحيط بالمكان من كل الجهات، وهذه البحيرة تلامس أطراف الغرف. إنه مفهوم جديد للإقامة: حيث يعود الإنسان إلى بساطته، ويتنفس بتؤدة... هنا لا تقيم فقط، بل تستعيد توازنك.

«متروبول إنترلاكن»

يتميز فندق متروبول إنترلاكن بتصميم معماري فريد، إذ تنعم جميع الغرف بإطلالات ساحرة، حيث تتميز 84 من أصل 96 غرفة بإطلالة حصرية على جبل يونغفراو الخلاب. سواء اخترت الإقامة في غرفة من فئة ستاندرد، بريميوم، ديلوكس، أو جناح، ستستمتع بأجواء تجمع بين الأناقة البسيطة والوظائف العملية، إلى جانب وسائل الراحة التي تتوقعها من هذا الفندق.

سحر المرتفعات

عندما تصل إلى إنترلاكن، المدينة السويسرية التي تشبه شرفةً مفتوحة على الجمال، تشعر وكأنك تدخل صفحة جديدة من سويسرا، كأن البلد كلّه يُعيد تقديم نفسه لك في هذه البلدة الصغيرة. وتُعدّ هذه المدينة نقطة انطلاق مثالية لاكتشاف سحر المرتفعات.

في صباحات إنترلاكن، يمكنك أن تشق البحيرة بقارب نفاث، أو تصعد إلى القمم عبر تلفريك، أو ببساطة، تجلس في مقهى صغير تتأمل المارّة.

لقاء مع السحاب

ولأن إنترلاكن لا تكتفي بالجمال، بل تُضيف إليه بعض المغامرة، فلا تفوّت زيارة جبل شيلتهورن، حيث صُوِّر فيلم «في خدمة صاحبة الجلالة» ضمن سلسلة جيمس بوند.

على ارتفاع 2,970 متراً، يلتقي الزائر مع السحاب وجهاً لوجه، وتظهر القمم وكأنها تجلس على عرش من الضوء والثلج. وفي مطعم دوار على تلك القمة يقدم لك الوجبات وأنت تراقب السحاب وهو يمر بجوارك، يمكن أن تحتسي قهوتك فيما تدور بك الأرض البطيئة، وتنسى تماماً أنك مجرد سائح. هناك، يتبدّى مشهد بانورامي لا يُنسى، تنعكس فيه الجبال والثلوج في عينيك كأنها ترتدي حُلّةً سينمائية.

يُمكنك ركوب التلفريك الذي يصعد بك من قرية مورين الجبلية مروراً بمحطات متدرجة حتى تصل إلى القمة. هناك، تتبدّى جبال الألب بكل شموخها، وتبدو الأرض كما لو أنك تُحلّق فوقها. المشهد البانورامي من الأعلى يضم أكثر من 200 قمة جليدية، في تجربة تلامس السحاب.

حدود السماء

ولعلّ ذروة الرحلة هي الصعود إلى «قمة أوروبا»، حيث المحطة الأعلى للقطارات في القارة العجوز. يمكنك استقلال قطار Jungfraujoch من قرية لوتربرونين المجاورة، ليصعد بك عبر نفق محفور في الجبل إلى قمة يونغفراويخ، لتصل في النهاية إلى عالم جليدي يُشبه كواكب الخيال العلمي. هناك متحف جليدي، ومنصة عرض، ومشاهد لا تُنسى تخلّدها عدسات الزوّار.

بحيرة تون

ولمن يبحث عن نهاية شاعرية، فلا شيء أبلغ من أن تختتم أيامك بإبحارٍ هادئ في مياه بحيرة تون، وسط القرى السويسرية الموزعة كعقد من اللؤلؤ. إن رحلة بحرية عبر بحيرة تون، في آخر يوم، كفيلة بأن تختم الرحلة بنقطة نقية من السلام. هناك، لا تصرخ الطبيعة بجمالها، بل تهمس. ومن يفهم الهمس، لا ينسى أبداً.

القفز المظلي

إنترلاكن تُعدّ عاصمة الرياضات الخارجية في سويسرا. سواء كنت من محبي القفز المظلي، أو ركوب الدراجات الجبلية، أو حتى التجديف في الأنهار، فكل شيء متاح، مع تجهيزات على أعلى مستوى.

وحتى إن لم تكن من هواة المغامرات، يمكنك فقط الجلوس في مقهى خشبي صغير، تراقب من خلاله المغامرين وهم يتدلّون من السماء، في مشهد سُريالي يُشعرك وكأنك في حلم مستمر.

متعة عائلية

المغامرات العائلية والتجارب الهادئة لمن يسافر مع العائلة، هناك الكثير من الأنشطة المناسبة: قطارات الأطفال، الحدائق الواسعة، مسارات الدراجات، وحديقة الحيوان الصغيرة. أما محبو التأمل والهدوء، فيمكنهم الاستمتاع بنزهة على ضفاف نهر آري، أو الجلوس في أحد المقاهي العتيقة.

5 أشياء لا تفوّت تجربتها في قلب إنترلاكن

1. ركوب القارب النفاث في بحيرة برينز

انطلق بسرعة فوق مياه فيروزية نقية، بين الجبال الشاهقة، في تجربة تنفض عنك كل رتابة.

2. الصعود بالتلفريك إلى شيلتهورن

عِش لحظات سينمائية في موقع تصوير جيمس بوند، واستمتع بمشهد بانورامي (360 درجة) لا يُنسى على قمم الألب.

3. قهوة الصباح في مقهى جبلي

تأمّل المارّة، والمناطيد، وأصوات الطيور في مقهى يطل على بحيرة وقمة في آنٍ معاً.

4. زيارة قصر الثلج في «قمة أوروبا»

استكشِف نفق الجليد داخل قمة يونغفراويوخ، حيث تُعرض منحوتات جليدية رائعة في صالة تحت الصفر.

5. رحلة بحرية عند الغروب في بحيرة تون

ودّع يومك بمشهد تتهادى فيه القرى والأضواء على صفحة الماء، في سكينة لا تشبه إلا سويسرا.

جولييه... بصمة راقية وصورة مشرفة

في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز السياحة في إنترلاكن، يبرز مسؤول السياحة في المدينة ريناتو جولييه، بوصفه أحد الأعمدة الرئيسة التي ساهمت في إضفاء صورة متميزة وراقية على هذه الوجهة السويسرية الفاتنة.



وقد لعب جولييه دوراً لافتاً في الارتقاء بالمشهد السياحي بتلك المدينة الساحرة من خلال مبادراته المبتكرة وتفاعله الدائم مع الزوار ووسائل الإعلام، مخلفاً بصمة راقية ونموذجاً متحضراً وصورة مشرفة للمسؤول اليقظ، وهو ما كان له أثره ــ مع نماذج مماثلة على هذا القدر من الوعي ــ في ترسيخ مكانة إنترلاكن كوجهة سياحية عالمية تجمع بين سحر الطبيعة وجودة الخدمات، وتستقطب السيّاح من مختلف بقاع العالم.

back to top