ترامب يضرب 3 منشآت نووية وإيران تتوعد بردٍّ مناسب
• أعلن محو برنامج طهران النووي وخيّرها بين السلام والمأساة
• تلويح إيراني بإغلاق مضيق هرمز... وروبيو يطالب بكين بالضغط لتجنبه
• اتصالات خليجية للتهدئة... والوكالة الذرية تستبعد تلوثاً خارج المنشآت المستهدفة
دخلت الولايات المتحدة مباشرة على خط الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية المستمرة منذ 10 أيام، بقصفها 3 مواقع نووية إيرانية، في وقت باتت الأنظار متجهة إلى رد إيران، الذي قد تحدد طبيعته المسار الذي ستتطور فيه الأحداث بالمنطقة، وخصوصاً ما إذا كان الهجوم الأميركي سيساهم في إيجاد نافذة للحل الدبلوماسي أم سيتسبب في اتساع النزاع وتصعيده.
وفي عملية أُطلق عليها اسم «مطرقة الليل»، وجه الجيش الأميركي ليل السبت - الأحد ضربة خاطفة ودقيقة ضد 3 منشآت نووية رئيسية إيرانية في مقدمتها موقع «فوردو» الشديد التحصين والمقام بجوف جبل صخري، مستخدماً 7 قاذفات «بي 2» شبحية ألقت 14 قنبلة خارقة وصواريخ «توماهوك» أُطلقت من غواصات، في وقت خيّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران بين «السلام أو المأساة»، محذراً من ضربات أقوى في حال انتقمت إيران من الضربات الأميركية أو تأخرت في التسوية.
وشدد نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث على أن الباب لا يزال مفتوحاً أمام طهران للتفاوض على صفقة شاملة طويلة الأمد شرط تخليها عن تخصيب اليورانيوم، محذرين من أن أي رد إيراني سيؤدي إلى نتائج كارثية، وسط تشديد أميركي على أن الضربات ليست مقدمة لحملة أوسع لإسقاط النظام الإيراني، مع استبعاد إرسال قوات برية أميركية.
وحسب تقييمات أولية، أدت الضربات الأميركية إلى ضرر كبير في المنشآت المستهدفة، وستساهم في تأخير البرنامج الإيراني 3 سنوات على الأقل.
في المقابل، تعهد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بردٍّ مناسب، وقال في اتصال مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إن «الولايات المتحدة هاجمتنا وخدعتنا خلال التفاوض عبر دعم الهجوم الإسرائيلي وإنكار ذلك ثم ضرب منشآتنا بنفسها، لو كنتم مكاننا ماذا كنتم تفعلون؟ بطبيعة الحال عليهم تحمل تبعات عدوانهم وتلقي الرد».
كما وجّه «الحرس الثوري» تحذيراً من أن لدى واشنطن العديد من القواعد العسكرية القريبة في الخليج والتي ينتشر بها نحو 40 ألف جندي، معتبراً أنها أهداف محتملة لأي رد انتقامي.
وأيّد البرلمان الإيراني، أمس، إغلاق مضيق هرمز، رداً على قصف الولايات المتحدة لمواقع نووية إيرانية، غير أن القرار النهائي بيد المجلس الأعلى للأمن القومي، أعلى هيئة أمنية في البلاد.
ومن شأن إغلاق المضيق أن يُقيد التجارة ويؤثر على أسعار النفط العالمية، وسبق أن هددت طهران بإغلاقه دون أن تنفذ تهديدها.
ويقع المضيق بين عُمان وإيران ويربط بين الخليج شمالاً وخليج عُمان وبحر العرب جنوباً، ويبلغ اتساعه 33 كيلومتراً عند أضيق نقطة، ولا يتجاوز عرض ممري الدخول والخروج فيه 3 كيلومترات في كلا الاتجاهين. ويمر عبره نحو خمس إجمالي استهلاك العالم من النفط، وأظهرت بيانات من شركة فورتيكسا أن ما يقرب من 17.8 إلى 20.8 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات والوقود تدفقت عبر المضيق يومياً منذ بداية 2022 حتى الشهر الماضي.
وتصدر السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق، الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، معظم نفطها الخام عبر المضيق، لا سيما إلى آسيا، وتنقل قطر، وهي من أكبر الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم، كل غازها الطبيعي المسال تقريباً من خلاله. ويتولى الأسطول الأميركي الخامس المتمركز في البحرين مهمة حماية الملاحة التجارية في المنطقة.
ودعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الصين، أمس، إلى حث إيران على عدم إغلاق المضيق. وقال روبيو، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار الأمن القومي الأميركي لقناة فوكس نيوز «أحث الحكومة الصينية في بكين على الاتصال بهم بشأن هذا الأمر، لأنهم يعتمدون بشدة على مضيق هرمز في إمداداتهم النفطية».
وأضاف «إذا فعلوا ذلك، فسيكون ذلك خطأ فادحاً آخر. إنه انتحار اقتصادي لهم. وما زالت لدينا خيارات للتعامل مع ذلك، ولكن ينبغي على الدول الأخرى النظر في الأمر أيضاً. سيلحق ذلك أضراراً باقتصادات الدول الأخرى أشد من اقتصادنا». وقال إن أي خطوة لإغلاق المضيق ستمثل تصعيداً هائلاً يستدعي رداً من الولايات المتحدة ودول أخرى.
وفي ظل حالة الغموض التي تسود حول حجم الضرر الذي أصاب المنشآت الإيرانية رغم إعلان ترامب «محو» البرنامح النووي الإيراني، قالت مصادر أميركية إن الساعات الـ 48 ساعة المقبلة ستكون حاسمة على صعيد الرد الإيراني.
وقال خبراء ومحللون إن الخيارات المتاحة لإيران جميعها سيئة، بما في ذلك إغلاق مضيق هرمز أو الخروج من اتفاقية حظر الانتشار النووي، أو عسكرياً توجيه ضربات لسفن أميركا في البحر أو لقواعدها في المنطقة.
واستبعدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تؤدي الضربات الأميركية إلى أي تسرب إشعاعي خارج المنشآت المستهدفة.
في المقابل، رفعت دول الخليج حالة التأهب القصوى تحسباً لاحتمالات اتساع رقعة الصراع في المنطقة، واتخذت إجراءات وقائية، خصوصاً في البحرين التي وجهت إلى العمل عن بعد بالإضافة إلى إخلاء بعض الطرقات.
وأعربت جميع دول مجلس التعاون عن قلقها من التطورات، ودعت إلى التهدئة، بينما أجرى قادتها اتصالات للتنسيق.
وفي موسكو دانت وزارة الخارجية «القرار الأميركي غير المسؤول بتعريض أراضي دولة ذات سيادة لهجمات بصواريخ وقنابل»، بينما حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن الفوضى ستحل على العالم إذا سمح للدول بتفسير حق الدفاع عن النفس المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة بالطريقة التي تريدها وذلك عشية توجه نظيره الإيراني عباس عراقجي لإجراء مباحثات مع الرئيس فلاديمير بوتين.
بدورها، أعربت الصين عن «إدانتها الشديدة» للهجمات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، في وقت قررت منظمة التعاون الإسلامي تشكيل مجموعة وزارية للتواصل بانتظام مع الأطراف الإقليمية والدولية لدعم جهود تهدئة التصعيد ووقف العدوان على إيران والسعي إلى تسوية سلمية. وأعلنت كل من فرنسا وبريطانيا عدم مشاركتهما في الضربة الأميركية، في حين حثت عدة دول أوروبية إيران على التفاوض بسرعة.
وفي تفاصيل الخبر:
في خطوة تُعدّ الأخطر بمراحل التصعيد الممتد عقوداً بين واشنطن وطهران، وبموازاة استمرار الحرب الإيرانية - الإسرائيلية التي أتمّت يومها العاشر، شنّ الجيش الأميركي ضربة عسكرية خاطفة ودقيقة ضد 3 منشآت نووية، في مقدمتها موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم شديد التحصين ومواقع استراتيجية داخل الجمهورية الإسلامية، أمس، في خطوة تعني عمليا دخول الولايات المتحدة الى الحرب الإسرائيلية ـ الإيرانية، وتضع إيران أمام خيارات صعبة للرد.
وصرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن منشآت التخصيب النووي في طهران «دُمّرت بالكامل» بعد سلسلة ضربات أميركية غير مسبوقة.
وقال إنه تم إسقاط حمولة كاملة من القنابل على الموقع النووي الأساسي في «فوردو»، الذي كان يُعتقد أن إسرائيل لا يمكنها تدميره بسبب وجوده تحت جبل صخري قُرب قُم، انتهى.
وشدد ترامب، في تصريح من البيت الأبيض، على أن الضربات التي شنتها بلاده دمرت منشآت التخصيب النووي الرئيسية في إيران «بشكل تام وكامل».
وأكّد أنه «لا يوجد جيش آخر في العالم غير الجيش الأميركي يمكنه أن يفعل هذا»، مشدداً على أن «الآن هو وقت السلام».
وتابع قائلاً: «إن على إيران المتنمرة في الشرق الأوسط، أن تصنع السلام الآن»، وإلّا «ستكون الهجمات المستقبلية أكبر وأسهل بكثير»، ومشدداً على أن أي رد انتقامي من طهران ضد الولايات المتحدة «سيُقابل بقوة أكبر بكثير مما شهدناه الليلة».
وطالب إيران بالموافقة (الآن) على إنهاء هذه الحرب، ووصف هذه اللحظة بأنها تاريخية للولايات المتحدة وإسرائيل والعالم.
وقال إن «على إيران التوقف فوراً، وإلا سيتم ضربهم مرة أخرى».
وفي كلمة أخرى له في البيت الأبيض، شدد ترامب على أنه «ما زال هناك الكثير من الأهداف، وإما أن يكون هناك سلام وإما مأساة لإيران»، وقال إنه سيتم ضرب أهداف أخرى بدقّة إذا لم يتحقق السلام.
تحذير وتنسيق
في موازاة ذلك، أشار وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، إلى أن «الضربات ضد المنشآت النووية الإيرانية حققت نجاحاً مذهلاً وساحقاً، واستغرق التخطيط لها شهوراً وأسابيع».
وقال إن الضربات لم تستهدف قوات أو مواطنين إيرانيين، لكنها قضت على طموحات إيران النووية.
وأضاف: «العملية التي خطط لها الرئيس ترامب جريئة ورائعة، إذ أظهرت للعالم أن الردع الأميركي قد عاد. عندما يتحدث هذا الرئيس، يجب على العالم أن يُنصت».
ولفت إلى أن «ترامب يسعى لإحلال السلام، وعلى إيران سلوك هذا الطريق»، مشدداً على أن «المهمة لا تتعلق بتغيير النظام في إيران».
وحذّر من أن «أي رد إيراني سيقابل بقوة أكبر وغير مسبوقة من الضربة الأخيرة». وأقر هيغسيث بأن «أي شيء وارد في الصراع»، لافتاً إلى أن «نطاق الهجوم كان محدوداً عمداً».
وأوضح الوزير أن واشنطن تنسق مع حلفائها الخليجيين باستمرار لإطلاعهم على مستجدات الوضع.
تفكيك بلا إسقاط
في هذه الأثناء، دافع نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، عن الضربة التي تخاطر بإشعال نزاع واسع في المنطقة، معتبراً أنه «ليس صحيحاً أن تصرفات ترامب كانت خارج نطاق سلطته الرئاسية».
وذكر أن التحرك جاء بعد أن دفعت المخابرات الأميركية إدارة ترامب لمعالجة الخطر النووي الإيراني.
فانس: لا نريد حملة برية أو إسقاط النظام الإيراني
وقال فانس إن الولايات المتحدة مستعدة للمواجهة في حال ردّت طهران، لكنه شدد على أن «ليس لدينا أي مصلحة في إرسال قوات برية إلى إيران».
وبيّن أن إدارة ترامب تريد التحدث مع إيران بشأن تسوية طويلة الأمد، متعهداً ببدء العمل على «تفكيك البرنامج النووي الإيراني بشكل دائم خلال السنوات المقبلة».
في السياق، نقلت محطة «سي بي إس» عن مصادر بالحكومة الأميركية قولها إنها تواصلت بشكل مباشر مع طهران، وأبلغتها بأن الضربة كانت «عملية منفردة»، وأنها لا تخطط لتوجيه ضربات جديدة. وأشارت الرسائل الأميركية إلى أن الهدف الأساسي هو احتواء التصعيد، ومنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة.
صورة مركبة التقطتها أقمار صناعية تظهر موقع «فوردو» قبل وبعد الضربة الأميركية أمس
وكان ترامب قد صرّح، الجمعة، بأنه يمنح إيران مهلة أسبوعين «كحد أقصى» لتجنّب أي ضربات أميركية محتملة، لكنه قرر في النهاية الدخول في الحرب إلى جانب حليفته إسرائيل، مستنداً إلى تأكيد الدولة العبرية بأن الجمهورية الإسلامية على بُعد «أسابيع» أو «أشهر» من امتلاك سلاح نووي.
وعيد إيراني
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن أميركا وإسرائيل تجاوزتا خطاً أحمر عريضاً عبر استهداف المنشآت النووية المدنية، متهماً ترامب بأنه «لم يخدع إيران فحسب، بل بلاده أيضاً، عبر تنفيذ الخطوة التي تنتهك القانون الدولي وتظهر سيطرة نتنياهو على البيت الأبيض».
وقال عراقجي إن طهران كانت تتفاوض مع واشنطن «عندما قررت إسرائيل نسف تلك الدبلوماسية»، وكانت تُجري مناقشات مع الأوروبيين «عندما قررت الولايات المتحدة أن تنسف تلك الدبلوماسية»، رافضاً الدعوات للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وحذّر عراقجي من «تداعيات دائمة» عقب الضربات، مشدداً على أن بلده تحتفظ بكل الخيارات للدفاع عن نفسها.
كما أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن «الهجوم الأميركي يُظهر أن واشنطن هي المحرّك الرئيسي وراء الضربات الإسرائيلية»، مضيفاً أنها «انضمت إلى الساحة بعد أن شهدت عجز إسرائيل».
وتوعد بزشكيان الولايات المتحدة بـ«رد مناسب»، وقال رداً على دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طهران إلى ضبط النفس «أميركا هي التي بادرت بالعدوان علينا. لو كنتم مكاننا، ماذا كنتم ستفعلون؟ من الطبيعي أن المعتدي يجب أن يتلقى الرد المناسب». وأضاف: «لقد تعرضنا لاعتداء عسكري مباشر، وقد دافعنا عن أنفسنا بثبات واقتدار».«الوكالة الذرية» تستبعد تلوثاً نووياً خارج المواقع المستهدفة... وإسرائيل لن توقف حملتها
وتابع: «نحن دائماً نُعلن استعدادنا للتعامل والحوار في إطار القوانين الدولية، لكن الطرف الآخر لا يقبل المنطق، بل يسعى لفرض الاستسلام على شعبنا. وهذا ما لن نقبله أبداً».
رغم ذلك أشار محللون وخبراء إلى أن إيران أمام خيارات صعبة للرد، فاستهداف القوات الأميركية أو المصالح الأميركية يعني دخول أميركا بشكل أقوى الى الحرب، فيما أن عدم الرد سيُظهر النظام في حالة ضعف.
وقال خبراء إن تهديد طهران بإغلاق مضيق هرمز أو الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي لن يزعج إسرائيل ولا الولايات المحدة، ولن يكون له أي آثار ايجابية على طهران.
دفاع وانتقام
ورغم ذلك توعد «الحرس الثوري» الإيراني بجعل الولايات المتحدة «تندم». وحذّر «الحرس» واشنطن من أن «عدوان اليوم (أمس) دفع الجمهورية الإسلامية، وفي إطار حقها المشروع في الدفاع عن النفس، إلى استخدام خيارات خارجة عن فهم وحسابات الجبهة المعتدية»، مؤكداً أنه «لن يخيفنا صخب ترامب ولا العصابات الإجرامية التي تحكم البيت الأبيض وتل أبيب، ويجب على المعتدين على هذه الأرض أن يتوقعوا ردوداً تجعلهم يندمون».
كما وجّه الحرس الثوري الإيراني تحذيرا إلى القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة.
ووفقا لوكالة أنباء فارس الإيرانية، أكد الحرس أن «القوات الأميركية بمهاجمتها المنشآت النووية السلمية تعني عمليا أنها وضعت نفسها في دائرة الخطر المباشر».
وبينما شددت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية على أن الغارات الأميركية «لن توقف تقدّم» البرنامج النووي، أقر البرلمان الإيراني إغلاق مضيق هرمز، ورفع القرار الى المجلس الأعلى للأمن القومي (أعلى جهة أمنية) لاتخاذ القرار النهائي.
ونقل عن حسين شريعتمداري، (المستشار البارز للمرشد الإيراني علي خامنئي)، دعوته إلى اتخاذ 3 إجراءات للانتقام. وقال: «يجب علينا، كخطوة أولى، أن نشن ضربات صاروخية على الأسطول البحري الأميركي المتمركز في البحرين، وأن نغلق مضيق هرمز، وأن نمنع عبور السفن الأميركية والبريطانية والألمانية والفرنسية».
وفي وقت تتحسس السلطات الإيرانية خطواتها لتفادي الانزلاق بمواجهة خاسرة ضد قوى عظمى، حذّر مسؤول إيراني كبير من أن أي تحرّك لاستهداف خامنئي «سيغلق الباب» أمام أي اتفاق أو مفاوضات، وسيُتبع «بردّ بلا حدود»
كواليس الضربة
من جهته، كشف رئيس هيئة الأركان الأميركية، دان كين، أن الضربات استخدمت خلالها 7 قاذفات من طراز «بي 2» الشبحية، في العملية التي أطلق عليها تسمية «مطرقة الليل».
وأضاف أن غواصة تابعة لقيادة المنطقة الوسطى (سنتكوم) أطلقت نحو 20 صاروخ توماهوك على أهداف إيرانية، قبل دخول القاذفات للأجواء الإيرانية، وقال إن الهجوم استغرق 25 دقيقة. وأوضح أنه تم إسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات على الأهداف الإيرانية، إضافة إلى صواريخ توماهوك.
وقال إنه تم إسقاط قنبلتين خارقتين للتحصينات على «فوردو». وبيّن أن القوات استخدمت أساليب خداع تكتيكي خلال التحرك نحو المواقع المستهدفة.
وأفاد بأن «أكثر من 125 طائرة عسكرية شاركت بالضربة»، مشيراً إلى أن «تقييمنا يؤكد تعرُّض المواقع النووية لأضرار بالغة ودمار شديد».
وأكدت المصادر أن الضربات لم تستهدف المفاعلات النشطة بشكل مباشر، لكنها أصابت البنية التحتية الداعمة، بهدف شلّ قدرة إيران على تطوير برنامجها النووي بشكل متسارع.
وكشف مسؤولان بارزان في «البنتاغون» أن 3 طائرات أميركية من طراز «B-2» الشبح نفذت الهجوم على «فوردو»، المحصنة تحت جبل بعمق يقارب أكثر من 90 متراً.
يُعتقد أن الضربة أصابت مراكز بحث وأقسام دعم فني كانت تُستخدم لتوسيع نطاق البرنامج النووي، بعيداً عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي حين أظهرت صور أقمار اصطناعية أن أضراراً لحقت بالجبل نفسه الذي تقع منشأة «فوردو» تحته، من جراء الهجمات، أشارت تقارير غربية إلى أن طهران أغلقت أنفاق الدخول قبل الضربة، وهو ما يعني أنها سوف تضطر إلى حفر المنشأة للوصول إلى أي شيء بداخلها.
لا تسرُّب
ووسط قلق إقليمي ودولي بشأن تبعات الضربة الحساسة، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أن الوكالة لا تتوقع أن تكون هناك أي آثار صحية على الناس أو البيئة خارج المواقع التي تعرّضت للهجوم في إيران.
وقال إنه أكد مراراً أن المنشآت النووية يجب ألا تكون هدفاً للهجوم مطلقاً، مشدداً على ضرورة «وقف الأعمال العدائية لتمكين الوكالة من استئناف أعمال التفتيش الحيوية في إيران».
وأوضح أنه سيدعو إلى اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة، اليوم، في ضوء «الوضع العاجل».
وبينت الوكالة أن القصف على منشأة أصفهان النووية أصاب 6 مبانٍ، إضافة إلى 4 تضررت في قصف سابق، لكنها لم يكن بها مواد نووية.
وأضافت: «المنشآت المستهدفة اليوم إما أنها لم تكن تحتوي على مواد نووية أو احتوت كميات ضئيلة من اليورانيوم الطبيعي أو المنخفض التخصيب، مما يعني أن أي تلوث إشعاعي يقتصر على المباني التي تضررت أو دُمّرت».
وبالتزامن، أظهرت صور أقمار اصطناعية وجود «نشاط غير معتاد» لشاحنات ومركبات قرب منشأة فوردو، قبل يومين من تنفيذ الضربات الأميركية، فيما أخبر مصدر إيراني «رويترز» بأنه تم نقل معظم اليورانيوم العالي التخصيب من «فوردو» لموقع غير مُعلن، قبل الهجوم.
تحقُّق ومواصلة
وعقب الهجوم الأميركي، رفعت إسرائيل مستوى التأهب، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه يتحقق من نتائج الضربات على «فوردو».
وأضاف الجيش أنه «من المبكر جداً» معرفة ما إذا تم تدمير مخزونات اليورانيوم المخصب، لافتاً إلى أن لديه «أهدافاً أخرى» داخل إيران، وأنه يعتزم مواصلة ضرباته.
وهنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ترامب على الهجوم الذي قال إنه حصل بـ «التنسيق الكامل» مع إسرائيل، ووصف ذلك بأنه «منعطف تاريخي» يساعد في «قيادة الشرق الأوسط» نحو السلام.
ضربات ثنائية
وعلى صعيد تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل، أطلقت القوات الإيرانية 40 صاروخاً على إسرائيل، مما تسبب في أضرار جسيمة بـ 3 مناطق وأحياء سكنية في تل أبيب، إضافة إلى 3 مدن أخرى، مما أسفر عن إصابة 35 شخصاً.
وبينما أفاد «الحرس الثوري» باستهداف مطار بن غوريون في تل أبيب، واستخدام صاروخ خيبرشيكن الباليستي المتعدد الرؤوس لأول مرة لشنّ ضربات «أكثر دقة وتدميراً»، وردت تقارير من حيفا عن سقوط صاروخ في المدينة دون إنذار، حيث فتحت السلطات الإسرائيلية تحقيقاً في الحادثة الاستثنائية.
في المقابل، شنّت مقاتلات إسرائيلية ضربات جديدة على أهداف عسكرية بإيران، منها منصات لإطلاق صواريخ في غرب الجمهورية الإسلامية، بعد ساعات من هجمات الولايات المتحدة. وذكرت تقارير إيرانية أن دوي انفجارات سمعت في مدينة بوشهر الساحلية التي تضم محطة نووية، والتي تُعدّ الأقرب لعدد من العواصم الخليجية.
واشنطن تتحسب لردّ إيراني على أراضيها
وسعّت أجهزة الأمن والاستخبارات بالولايات المتحدة تحركاتها في الداخل لإعادة تقييم ومراقبة ورصد أي تهديدات محتملة قد تظهر على خلفية التصعيد الحالي بالشرق الأوسط.
وقالت شبكة «سي بي إس» إن مسؤولي الأمن الداخلي يراقبون احتمال وقوع أعمال انتقامية مادية وسيبرانية بعد الهجوم الأميركي على ايران.
ونقلت شبكة «سي إن إن» عن عدد من رجال إنفاذ القانون قولهم إنه لا توجد حتى اللحظة مؤشرات على وجود تهديدات مؤكدة أو وشيكة داخل أميركا، لكن تصاعد التوتر الإقليمي حتى قبل تدخّل واشنطن المباشر في الحرب إلى جانب إسرائيل، دفع بالجهات الأمنية إلى تشديد الرقابة الاستباقية على أفراد وجماعات على صلة بإيران وحلفائها خصوصاً حزب الله اللبناني.
وقال مسؤول أميركي في إنفاذ القانون «هناك دائماً تهديد بشأن إيران، لكن الفرق يكمن في مدى جديته وتأكيده»، مشيراً إلى أن الجهات الفدرالية تتعامل بجدية مع أي إشارات أو تحركات غير معتادة.
وأضاف أن التهديدات المرتبطة بإيران عادة ما تستهدف المصالح الأميركية في الخارج، لكن الأجهزة الأمنية لا تستبعد أيضاً خطر وقوع هجمات داخلية، خصوصاً من خلال «الذئاب المنفردة» أو عبر شبكات تعمل بشكل غير مباشر داخل الولايات المتحدة.
«أم القنابل» تستخدم للمرة الأولى في حرب حقيقية
واشنطن استخدمت 14 قنبلة في الهجوم من أصل 20 تمتلكها
أسقطت القاذفات الأميركية، التي هاجمت المواقع النووية الإيرانية، قنابل GBU-57، المعروفة باسم «القنبلة الخارقة للتحصينات العملاقة»، والتي يطلق عليها إعلامياً اسم «أم القنابل»، وهي قنابل مصممة خصوصاً لتدمير الأهداف المحصنة تحت الأرض، وذلك لأول مرة في سياق حرب فعلية.
ونقلت «وول ستريت جورنال»، عن مسؤول في وزارة الدفاع قوله إن 12 قنبلة من هذا النوع أُلقيت على منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، المدفونة تحت جبل، كما استُخدمت قنبلتان أخريان ضد موقع التخصيب في نطنز، ومن المعروف أن الولايات المتحدة كانت قد أنتجت نحو 20 من هذه القنابل العملاقة.
وتزن GBU-57 نحو 30 ألف رطل، ومصنوعة من سبيكة فولاذية عالية الكثافة مصممة لاختراق ما يصل إلى 200 قدم من صخور الجبال قبل أن تنفجر. وقال مارك كانسيان، الذي سبق أن عمل على مطابقة القنابل مع الأهداف العسكرية، وعمل لاحقاً بالبنتاغون في مجالات الشراء والميزانية، بما في ذلك برامج مثل قنبلة GBU-57، «هذه القنبلة صُممت فعلاً لهذا النوع من الأهداف».
وأضاف كانسيان، وهو حالياً مستشار كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنه قبل تطوير القنابل الخارقة للتحصينات، كانت الخيارات العسكرية تتجه نحو استخدام أسلحة نووية لاختراق الجبال، إلا أن هذه الفكرة كانت مرفوضة لأسباب سياسية. وفي وقت لاحق، عملت الولايات المتحدة على تطوير البديل التقليدي، وأنفقت نحو 400 مليون دولار لتصميم وتحسين قنبلة GBU-57، المصممة لتُطلق من قاذفات الشبح «بي -2».