رياح وأوتاد: دروس من الحرب الصهيونية ــ الإيرانية
في المقال السابق كتبتُ عن بعض أخطاء السياسة الإيرانية مثل الاغترار بالقوة العسكرية إلى درجة الإعلان عن أهدافها والتهديد الأجوف بها (رغم أن كبار حلفائها لا يشاركونها هذه الأهداف)، وتدخلها بالأسلحة والميليشيات في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، وعدم الاستعداد الفعلي للضربة الأولى.
ولعل من أكبر الأخطاء التي اكتُشفت خلال الحرب هو تغلغل الجواسيس الصهاينة في النسيج الإيراني إلى درجة معرفة أماكن وجود القيادات العسكرية والعلماء النوويين ومواضع الدفاعات الجوية والصواريخ، حتى وصل هؤلاء الجواسيس إلى درجة صناعة المسيّرات وإطلاقها من داخل إيران، كما استخدم الصهاينة التكنولوجيا في التجسس بصورة لم يسبق مثلها في التاريخ، حيث تم اغتيال قيادات تتبع إيران عن بُعد دون مسيّرات أو صواريخ، وكل هذا غفلت عنه المخابرات والقيادات الإيرانية.
وبالمناسبة، هناك جواسيس هنود في إيران، ولا أدري كيف خفي ذلك التجسس كله على القيادة الإيرانية، خصوصاً مع إعلان مودي كراهيته للإسلام والمسلمين وتحالفه مع الصهاينة. وقد كتبتُ أكثر من مرة عما قاله مودي عن الإسلام والمسلمين، كما نُشر مؤخراً أن شركة هندية كانت وراء صناعة الاغتيالات بالهواتف والبيجر، ولا شك أن اكتشاف كل هؤلاء الجواسيس الهندوس الآن يدق ناقوس الحذر في جميع بلاد المسلمين التي يوجدون فيها.
ومن الأخطاء الخطيرة التي وقعت فيها إيران تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، فإيران لها سجل مليء بمخالفات حقوق الإنسان وموضوع تحت البند الرابع في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وتم نشر بعض الممارسات المخالفة في وسائل الإعلام، ولم تفرق السياسة الإيرانية بين المعارضة الوطنية وحقوقها وبين المعارضة التي تهدم الأوطان، فانشغلت بالأولى بينما يكمن الخطر في الثانية، ومثلها بعض إخواننا العرب الذي يفرحون بالمعارضة داخل إسرائيل ويعتقدون أنها ستُسقِط العدو الصهيوني، بينما هي في الحقيقة تصلح وتقوي عمله ولا تهدم دولته، ولذلك كان على إيران والدول العربية أن ترحب بالمعارضة الوطنية وتسمح بحرية الرأي والتعبير، حتى وإن خالفت في بعض الأمور رأي الأنظمة والحكومات الحالية، ما دامت في إطار القانون، لأن إزالة الخلافات ورصّ الصفوف والاهتمام بحقوق الإنسان من أسباب النصر.
في الختام، يجب ألا ننسى العدو الصهيوني الذي يحتل الأرض والمقدسات ويقتل عشرات العرب والمسلمين يومياً، لأنه إذا حقق انتصاراً حاسماً، وحقق أهدافه في هذه الحرب بمساعدة وبدعم غربي غير مشروط فسيسعى كما أعلن لتحقيق خططه باحتلال أجزاء من دول عربية أخرى، واستيطانها، وتهجير أصحابها، وفرض التطبيع، ونشر الديانة الإبراهيمية جبراً على العرب، وإنشاء إسرائيل الكبرى.