العدوان الإسرائيلي الجديد

نشر في 22-06-2025
آخر تحديث 21-06-2025 | 19:30
 د. محمد أمين الميداني

لا أريد أن أثقل على القارئ الكريم، وأدخل في التفاصيل القانونية للأعمال العدوانية الجديدة التي تقوم بها دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ عدة أيام بحق الجمهورية الإيرانية وشعبها، ولكن لا مفر من التذكير ببعض المصطلحات التي تكشف لنا، وهو ما نعرفه ونلمسه ونتابعه، حقيقة استهتار هذه الدولة بقواعد القانون الدولي، وكل ما يحاول المجتمع الدولي تعزيزه من سلام وأمن واستقرار وحماية لكل دول العالم وشعوبها.

أول هذه المصطلحات كلمة «العدوان». لم يتضمن نظام المحكمة الجنائية الدولية، والذي تم اعتماده عام 1998، ودخل حيز النفاذ عام 2002، أي تعريف لهذه الكلمة، وجاء ذكرها في البند (د) من الفقرة الأولى من المادة 5، ولكن نجح المؤتمر الاستعراضي الأول لجمعية الدول الأطراف في هذه المحكمة، والذي عقد في العاصمة الأوغندية كامبالا عام 2010، في التوافق على اعتماد تعريف تم إدراجه في المادة 8 مكرر في نظام هذه المحكمة. وما يهمنا في هذا التعريف، وتبعا لما نراه ونقرأ عنه ونسمعه عن اعتداءات إسرائيلية على الجمهورية الإيرانية، هو البند ب من الفقرة 2 من هذه المادة، والذي يُوضح أن من بين أشكال جريمة العدوان «قيام القوات المسلحة لدولة ما بقذف إقليم دولة أخرى بالقنابل، أو استعمال دولة ما أية أسلحة ضد إقليم دولة أخرى».

لم تتأخر الجمهورية الإيرانية بالرد على العدوان الإسرائيلي بقصف المدن والمنشآت العسكرية والبحثية الإسرائيلية، وهو ما يندرج في باب الدفاع عن النفس ورد العدوان. وقد نصت المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على ما يلي: «ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالا لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فورا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس – بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق – من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه». يجب إذن على الجمهورية الإيرانية تبليغ مجلس الأمن بالتدابير التي اتخذتها بقصد الدفاع عن أراضيها وشعبها، تمهيدا لما يمكن أن يتخذه هذا المجلس من أعمال بقصد حفظ السلم والأمن الدوليين.

بعد الاعتداءات الإسرائيلية الهمجية والسافرة التي شهدتها على مدار الأشهر الأخيرة أراضي دول عربية مثل سورية ولبنان واحتلال أجزاء منها، فضلا عن الفظائع التي ترتكبها يوميا دولة الاحتلال في قطاع غزة، وهي تمهد لاحتلاله مجددا، دخلت هذه الدولة في مرحلة متطورة وخطيرة من سياساتها التوسعية العدوانية بقصفها لمدن ومنشآت إيرانية عديدة، وقتلها لقادة عسكريين وعلماء إيرانيين وأناس عاديين، ولتفتح بذلك صفحة جديدة في سجلها العدواني والإجرامي بمنطقة الشرق الأوسط ودولها التي تترقب بخوف وقلق وحذر ما سيحدث من تطورات عسكرية وأمنية وسياسية ستترك بلا أدنى شك نتائج عديدة ومتنوعة على هذه الدول وشعوبها.

* أكاديمي وكاتب سوري مقيم في فرنسا

back to top