مجلس العلاقات: على العرب ألا يَغِيبوا أو يُغيَّبوا عن النظام الدولي الجديد
• أوضاع خطيرة تعصف بالمنطقة وسط تكالب الأعداء الطامعين والجيران الطامحين
• ندين العدوان الإسرائيلي على إيران ونحذر من التداعيات الخطيرة لتطور هذا النزاع
• التغاضي عن سياسات إسرائيل ودعم تدخلاتها في البلدان العربية لن يجلبا الأمن والاستقرار
• على الدول العربية إدراك قدراتها وإمكانياتها وخطورة ما يحيط بها من تحديات وأطماع
• تقرير مستقبل المنطقة في غياب صاحب الشأن يعيد كوارث قرنين تفرَّد فيهما المستعمرون بالقرار
• لا يمكن إغفال دور إيران وسياساتها المزعزعة للأمن عبر تشكيل وتمويل كيانات عسكرية تابعة لها
• طهران عملت على استلاب استقلالية وسيادة دول عربية وتجييرها لخدمة أهداف نظامها وفرض نفوذها
• ضرورة تحقيق حل الدولتين وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل
• السماح بتفرّد إسرائيل بامتلاك السلاح النووي يتناقض مع إلزامية معاهدة حظر انتشاره
• تجاوز مبادئ القانون الدولي وتخلي الدول الكبرى عن مسؤولياتها يهددان بالفوضى وسيادة شريعة الغاب
• عدم الالتزام بمعايير العدالة والشرعية الدولية يشجع المتطرفين ويفتح الباب لتدخلات إقليمية بمنطقتنا
دان مجلس العلاقات العربية الدولية، برئاسة محمد جاسم الصقر، الهجوم الإسرائيلي على إيران، محذراً من خطورة توسّع النزاع وتداعياته السلبية على أمن واستقرار دول المنطقة. واعتبر المجلس أن التغاضي عن السياسات العنصرية التي تنتهجها إسرائيل، وسياستها القائمة على الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، إلى جانب دعم تدخلاتها في الدول العربية المجاورة، لن يُفضي إلى تحقيق الأمن والسلام في المنطقة.
وفي الوقت نفسه، أشار المجلس - الذي يضمّ نخبة من السياسيين والمسؤولين العرب السابقين، من بينهم الرئيس اللبناني الأسبق، أمين الجميل، ورئيس الوزراء اللبناني الأسبق، فؤاد السنيورة، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق، إياد علاوي، ووزير الخارجية المصري الأسبق، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى - إلى الدور الذي تؤديه إيران في زعزعة الأمن والاستقرار بالمنطقة العربية، من خلال محاولاتها للنيل من استقلالية بعض الدول وسيادتها الوطنية، وفرض رؤاها السياسية والأيديولوجية، وتوظيف مقدرات تلك الدول لخدمة أجندتها الإقليمية.
كما حذّر المجلس من خطورة الاستهانة بالقانون الدولي وتجاهل مبادئه، ومنح الحصانة لمرتكبي الانتهاكات، في ظل تخلي القوى الكبرى عن مسؤولياتها في حفظ الأمن والسلم الدوليين. واعتبر أن الحرب الجارية حالياً هي إحدى نتائج هذه السياسات المختلة، مشدداً في هذا السياق على ضرورة تحقيق حل الدولتين، وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تشمل إسرائيل، قبل أن يؤكد أهمية ألا يبقى العالم العربي غائباً أو مغيّباً عن تشكيل النظام الدولي الجديد... وفيما يلي نص البيان:
ممارسات عنصرية
«يُعرب مجلس العلاقات العربية والدولية، انطلاقاً من إيمانه الراسخ بالقانون الدولي والأهمية القصوى للالتزام الصارم والدقيق بميثاق الأمم المتحدة، عن إدانته واستنكاره للعدوان الإسرائيلي السافر على جمهورية إيران الإسلامية، ويحذّر بشدة من التداعيات الخطيرة المحتملة لتطور هذا النزاع على الأمن والاستقرار والسلامة الإقليمية لدول المنطقة، وما قد ينجم عن توسعه وانتشاره من تهديد خطير للأمن الدولي واستقرار العلاقات الدولية.
إن التغاضي عن سياسة وممارسات وجرائم النظام اليميني العنصري في إسرائيل، فضلاً عن دعمه سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وحمايته من المسؤولية السياسية والجنائية عن سياسة الإبادة والتهجير العلنية والمعلنة تجاه الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وتدخله العدواني السافر في البلدان العربية المجاورة، لا يمكن أن يحقق أهداف الأمن والسلام في المنطقة والعالم.
العالم العربي يجب ألا يظل غائباً أو مغيباً عن تشكيل النظام الدولي الجديد
التدخلات الإيرانية
وفي الوقت ذاته لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال التغاضي عن أو إغفال دور إيران وسياساتها المزعزعة للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط عموماً والمنطقة العربية على وجه الخصوص، من خلال تدخلاتها الفجة في شؤون البلدان العربية، ومحاولة فرض رؤاها السياسية والفكرية والأيديولوجية عليها عبر تشكيل وتنظيم وتمويل كيانات سياسية وعسكرية داخلها تسهم في تمزيق نسيجها الاجتماعي وقدسية انتمائها الوطني باستبداله بالولاء السياسي والفكري والتنظيمي للنظام الإيراني، والعمل على استلاب استقلالية تلك الدول وسيادتها الوطنية وحرية قرارها السياسي وحقها في مواردها وثرواتها وتجييرها لخدمة أهداف النظام في السيطرة والهيمنة والنفوذ على المنطقة، دونما أي اعتبار لحرمة السيادة الوطنية، وفي خرق واضح لمبادئ القانون الدولي المنظمة للعلاقات الدولية.
لذا، دأب مجلس العلاقات العربية والدولية على التحذير من عواقب الاستهانة والتجاهل والتجاوز على قواعد ومبادئ القانون الدولي، وخطورة توفير الحصانة لمرتكبيها من العقاب في تخلٍ من الدول الكبرى عن مسؤلياتها في حفظ وصيانة وفرض الأمن والسلام الدوليين وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، الأمر الذي قد يهدد بانهيار كامل لمنظومة العلاقات الدولية وشرعيتها إفساحاً للفوضى وسيادة شريعة الغاب، والتي تعبّر عنها هنا أصدق تعبير جرائم الإبادة والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية التي تمارسها إسرائيل وتشهد عليها منطقة الشرق الأوسط حالياً، باعتبارها نموذجاً بارزاً للمثال والنمط الكارثي المتوقع لشكُّل العلاقات الدولية إذا لم يتم لجم وردع وإيقاف النظام العنصري المتطرف في إسرائيل ومخططاته الوقحة والواهمة بشأن حقه وإمكاناته في إعادة تقسيم وتشكيل منطقة الشرق الأوسط على شاكلته العنصرية - الدينية المتطرفة، وبما يحقق أيديولوجيته وأطماعه في الهيمنة والسيطرة عليها.
عدم الالتزام بمعايير العدالة والشرعية الدولية يشجع المتطرفين ويفتح الباب لتدخلات إقليمية بالمنطقة العربية
تحقيق حل الدولتين
إن ضمان الأمن والاستقرار والازدهار في هذه المنطقة الأكثر حيوية وأهمية للعالم أجمع يكمن أساساً في التطبيق الكامل والشامل لقرارات الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية، وتحقيق حل الدولتين، وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وفي جوهرها التسلح النووي وعدم السماح بتفرّد إسرائيل بامتلاكه في تناقض واضح وخطير مع مبدأ إلزامية وعالمية معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
إن عدم تطبيق معايير العدالة والإنصاف ومبادئ الشرعية الدولية في منطقة الشرق الأوسط خلق ويخلق في المنطقة شعوراً بالظلم واليأس وانسداد الأفق ويشجع التيارات المتطرفة ويوفر البيئة المناسبة لانتشارها، فضلاً عن تشجيع وتبرير سياسات عدم احترام القانون الدولي لدى الدول الإقليمية المجاورة، ويفتح شهيتها وطموحاتها التاريخية والإمبراطورية للتدخل السافر والمباشر في المنطقة العربية، بل والتنافس وحتى الاقتتال عليها، باعتبارها ساحات نفوذ وهيمنة وورقة مساومات رابحة في بازارها السياسي والأمني والاقتصادي والاستراتيجي، ولعل الأحداث الدامية والكوارث الإنسانية المفجعة، بل وحتى الحرب المباشرة التي تشهدها المنطقة الآن، مؤشر واضح ودليل ساطع على ذلك.
مخاطر الغياب العربي
إن الأوضاع الخطيرة والأحداث المأساوية التي تعصف بالمنطقة العربية وتكالب الأعداء الطامعين والجيران الطامحين واضطراب الأوضاع السياسية الدولية والمخاض العسير الذي تمرّ به عملية ولادة النظام الدولي الجديد، تستوجب، بل تفرض، ألا يظل العالم العربي بدوله وقدراته وموارده وإمكانياته وخطورة التحديات والأطماع فيه وحوله، غائباً أو مغيباً عن المساهمة والمشاركة الإيجابية الفعالة في تشكيل مبادئ وقواعد أسس وهياكل النظام الدولي الجديد، والذي سيحدد مستقبل العالم لقرون عديدة قادمة، وهو الأمر الذي سيؤدي إن حدث إلى تكرار النتائج الكارثية التي ألمت بالمنطقة العربية خلال القرنين الأخيرين نتيجة لتولي القوى الاستعمارية الكبرى حينذاك رسم وتحديد شكل المنطقة وتقرير مستقبلها، في غيابٍ مطلق لصاحب الشأن المعني، وتجاهلٍ كامل لمصالحه وتطلعاته وطموحاته، فضلاً عن قراره السياسي وحقه في تقرير المصير، إضافة إلى حقوقه السياسية والإنسانية الأساسية».