الكويت والبيئة المحفزة للسمنة... استعراض للعوامل

نشر في 20-06-2025
آخر تحديث 19-06-2025 | 19:20
 د. محمد أنور العطار

تُعرف البيئة المحفِّزة للسمنة بأنها تلك التي تتوافر فيها عوامل تشجِّع على زيادة الوزن، سواء من خلال سهولة الوصول إلى الأطعمة غير الصحية، أو بسبب محدودية فرص ممارسة النشاط البدني بمختلف أشكاله.

وفي ظل التغيُّرات السريعة في أنماط الحياة، أصبحت هذه البيئة تشكِّل تحدياً صحياً في العديد من الدول، ومن بينها الكويت، التي تُعد من البيئات التي تهيِّئ ظروفاً ملائمة لانتشار هذا النمط، بسبب تداخل عددٍ من العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والمناخية.

من الناحية الاقتصادية، يُسهم ارتفاع الدخل لدى نسبة كبيرة من السكان في زيادة الإقبال على الوجبات السريعة والمصنَّعة، خصوصاً أنها أرخص وأسهل من الوجبات المنزلية. كما أدَّت سهولة استخدام تطبيقات توصيل الطعام إلى تعزيز هذا النمط الغذائي، وجعل الاعتماد على الأكل من الخارج جزءاً من الحياة اليومية. وتُضاف إلى ذلك مسألة اعتماد الكثير من الأُسر على العمالة المنزلية في إعداد الطعام، مما يقلل من وعي العائلة بمكوِّنات الوجبات، ويُضعف مشاركتها الفعلية في اتخاذ خيارات صحية.

بيئياً، ورغم توافر الإمكانات، فإن البنية التحتية المُخصصة للنشاط البدني، كالممرات ومسارات الدراجات، لا تزال غير كافية في بعض المناطق. إضافة إلى ذلك، تُشكِّل درجات الحرارة المرتفعة معظم شهور السنة عائقاً أمام ممارسة الرياضة في الهواء الطَّلق.

تبرز العوامل الاجتماعية كعنصر مؤثر في تشكيل بيئة مشجِّعة على السمنة. وتُعد كثرة المناسبات الاجتماعية والاحتفالات - التي غالباً ما تتمحور حول تقديم كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية - من العادات الراسخة في المجتمع الكويتي. فالضيافة تُعد رمزاً للكرم، وغالباً ما تُقدَّم خلالها أطعمة دسمة وحلويات متنوعة، مما يدفع الكثيرين إلى تناول كميات تفوق احتياجاتهم اليومية. كما أن بعض العادات الاجتماعية، مثل السهرات العائلية، والتجمُّعات الأسبوعية، والدواوين، تفتقر إلى أي نشاط بدني مُصاحب، وتركِّز بشكل أساسي على تناول الطعام، مما يعزز نمط حياة غير متوازن. وتزداد حدَّة هذه المشكلة، في ظل ضعف الوعي الغذائي لدى بعض الفئات، وغياب البرامج التوعوية المنتظمة التي تتناول هذه القضايا من منظور صحي وثقافي.

إن تفاعل هذه العوامل يسهل في الكويت تبني بيئة محفِّزة للسمنة بطريقة لاإرادية. وسيتم في المقال القادم استعراض الحلول الممكنة للتخفيف من آثار هذه العوامل، وتعزيز نمط حياة أكثر صحة.

*كلية التربية الأساسية - قسم الدراسات الاجتماعية

الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب

back to top