بالقلم الأحمر: المدينة التي لا تنام... والحمل الكهربائي

نشر في 18-06-2025
آخر تحديث 17-06-2025 | 19:56
 الجازي طارق السنافي

في الوقت الذي يُفترض أن تهدأ المناطق بعد الساعة العاشرة مساءً، ويُعلن أنه وقت الراحة الرسمي في البلاد، بعد اكتظاظ المجمَّعات ومراكز العمل منذ فجر الصباح الباكر، استعداداً ليوم آخر جديد، فإن هذا المشهد المُعتاد لن يكون بعد اليوم معتاداً. يبدو أن مدينة الكويت ستسمَّى «المدينة التي لا تنام»، بعد قرار تمديد ساعات عمل المولات إلى الفجر، كأنه لا أحد يعترف بالليل.

قرأت - كحال بقية الناس - قراراً ينص على تمديد ساعات العمل في المجمعات التجارية حتى الساعة الواحدة فجراً! في خطّة «تكتيكية» يبدو أن صاحبها فكَّر «خارج الصندوق»، والمفارقة، تعاني الأحمال الكهربائية من الاستهلاك المُفرط، كما يعاني المواطنون القطع المُبرمج للكهرباء، بسبب زيادة الأحمال.

لا أعلم مَنْ يفكِّر، ومَنْ يقرِّر، ومَنْ يُطبِّق، لكن المعطيات شيء، والواقع شيء، والمطالبات شيء، والتنفيذ شيء آخر! بينما تُطالب الحكومة المواطنين بالترشيد في استهلاك الكهرباء، تقوم هي بدورها بفتح «زام عمل» مسائي في مقار العمل، يعني مراكز عمل تعمل - بدلاً من عملها- من 8 ساعات إلى 16 ساعة تقريباً! وبينما يحاول المواطن «الميِّت من الحر» بضبط المكيِّف على درجة 24 التزاماً بالتعليمات، تقوم المولات بتمديد ساعات عملها حتى الواحدة أو الثانية فجراً! وقياساً على ذلك تناقضات كثيرة...

المهم! تمديد ساعات المولات لا يبدو قراراً حصيفاً بقدر ما هو قرار تجاري يخدم فئة واحدة فقط. هذا القرار سيجعل المدينة والمناطق يقظة حتى ساعات الفجر، يدفع ثمنه العامل الذي يكد وهو مرهق، لأن نومه جاء على عَجَل. تدفع ثمنه العوائل والأمهات على حساب وقت العائلة، ويدفعه الوطن حين يتحوَّل الليل إلى نهار، ولا تهدأ الشوارع، لا في النهار، ولا في الليل، وندفع ثمنه نحن حين نجني على ثقافة الإنتاج المبكِّر.

إذا كان السبب هو «الحر»، فنحن مولودون في هذه الأجواء، وهذا جوّنا الذي لم يتغيِّر، لكن ما الذي يجعلنا - فجأة- غير قادرين على التعايش مع الحر؟ هل فقدنا القدرة على التكيُّف؟ أم هل أصبحت الراحة عدوةً للمجتمع؟ أم هو تشجيع لسياحة «الخفافيش»؟ لا أعلم حقيقة إن كانت فعلاً هناك خطة حقيقية وراء ذلك.

بالقلم الأحمر: المدينة التي لا تنام يجب أن تنام باكراً، حتى لا تزيد من معدَّلات الجريمة والتسكُّع في الشوارع فجراً، وترتفع معدَّلات الحوادث، ويرتفع معدَّل نسبة الغباء بسبب السَّهر.

back to top