في المرمى:حين يصمت الميدان برحيل الأسد

نشر في 16-06-2025
آخر تحديث 15-06-2025 | 19:34
 عبدالكريم الشمالي

في زمن قلّ فيه الثبات وكثر فيه الصخب، ها نحن اليوم نرثي أحد رجال الرياضة الذين لم يكونوا مجرد أسماء عابرة في مسيرة الرياضة الكويتية، بل أعمدة شامخة ساهمت في رفع بنيانها، وسقي جذورها في زمن الوفاء والانتماء ننعى رجلاً من طراز نادر هو أسد تقي.

«بو وائل» الرياضي الذي لم يكن اسماً عادياً في تاريخ الرياضة الكويتية، بل علماً من أعلامها، جمع بين اللاعب والإداري والمخطط، وبين الهدوء في الحضور والقوة في الموقف، وطني حتى النخاع، يملك من الحكمة ما يجعله يحوّل الجدل إلى نقاش، والخلاف إلى توافق، دون أن يتنازل عن مبادئه أو يساوم على كرامة الكويت.

رحل أسد تقي، الذي بدأ رحلته لاعباً شغوفاً في نادي الأحمدي التابع لشركة نفط الكويت، لم تكن الكرة بالنسبة له مجرد هواية، بل كانت انتماءً وسلوكاً وحياة، ومع تأسيس نادي الفحيحيل عام 1964، كان ضمن أول من حمل ألوانه، ثم انتقل إلى نادي الشباب، حيث اختتم مسيرته كلاعب وبدأ مسيرة أخرى لا تقل أهمية، تلك التي يصنع فيها الرجال الكبار الفرق من وراء الكواليس.

لم يبتعد عن الملاعب بعد الاعتزال، بل اقترب أكثر، عضواً في مجلس إدارة نادي الشباب، ثم في اتحاد كرة القدم، حيث ترقى بخطى ثابتة وصولاً إلى موقع نائب رئيس الاتحاد الآسيوي بين عامي 1994 و2005، وخلال هذه الفترة هناك، في قلب المؤسسة القارية، لم يكن مجرد مسؤول يشغل منصباً أو يبحث عن شهرة، كان الصوت الكويتي العاقل، الوطني، المتزن، الذي يبحث عن مواقف تحفظ كرامة وطنه، فكان درعاً للوطن في أصعب الفترات، حين لعب دوراً محورياً في إبعاد المنتخبات والأندية الكويتية عن نظيرتها العراقية خلال بطولات الاتحاد الآسيوي بعد الغزو، بإصرار لا تهاون فيه، مستنداً إلى قناعة وطنية لا تهتز، وثوابت لا تقبل المساومة.

ولأنه من القامات التي لا تُنسى، اختير لاحقاً نائباً لرئيس الهيئة العامة للرياضة، ليس مجاملة، بل اعترافاً برصيده الطويل من العمل والإخلاص والاتزان ليوصل صوته الهادئ والموزون من قلب المؤسسة الحكومية، دون أن يسعى إلى الأضواء، بل إلى الإنجاز بصمت.

بنلتي

أسد تقي كان مختلفاً حتى عند الاختلاف، يملك الكلمة الصادقة، والرأي الصلب، لكن بروح الحوار والاتزان، لم يركض يوماً خلف الكاميرا، ولم يتعامل مع الرياضة على أنها منصب، بل مسؤولية ووطن.

برحيله، تطوي الرياضة الكويتية صفحة من صفحات الوفاء والنزاهة، لكنها لا تطوي الأثر الطيب والسيرة العطرة.

رحمك الله يا أبا وائل، ستبقى حاضراً، حتى وإن غاب الجسد، فقد كنت أسداً في الميدان، ومعلماً في الإدارة، ورمزاً في الوطنية.

back to top