كويت خضراء عام 2040 «مشاهد تخيُّلية لرؤية بيئية متكاملة»
تخيَّل معي وأنت تقود سيارتك الخضراء الفارهة (eco-friendly vehicle) على طريق المطار باتجاه العاصمة؛ عازل الصوت في المركبة خيالي، وكأنك في مركبة فضائية حقيقية.
الطريق أمامك مجدَّد ومخطَّط بألوان جميلة، وإشارات واضحة، وخلطة الإسفلت مليئة بالمواد العازلة المُحكمة التنفيذ.
تشعر لوهلة وكأنك تتنزه بسيارتك في شوارع مدينة يابانية حديثة. الطريق خالٍ تقريباً من السيارات القديمة (أو غير الصالحة للاستخدام البيئي) إلا من بضع سيارات بسيطة تُشبه سيارتك الكهربائية المُحافظة على البيئة.
صوت المترو المعلَّق من فوقك يُداعب أذنيك بصوته الهادئ ومنظره الجميل، حيث أعلنت السُّلطات حينها أن «مترو الكويت» هو العامل الأول المُساعد في القضاء على الازدحام المروري، إذ يستغله عدد كبير من السكان (مواطنين ووافدين) لرفاهيتهم، وتمتَّع بالسرعة والهدوء والتكييف الممتاز.
تواصل مسيرك نحو العاصمة بهدوء، مشهد الأشجار الكثيفة لحزام العاصمة الأخضر يلفت انتباهك. تعبر إشارات السور لتجد نفسك في ساحة صفاة مُغايرة تماماً لما نعرفه؛ الأشجار الوارفة الظلال تزيِّن واجهات المباني، وتظلل مسارات المشاة، والمساحات المظللة في الساحة مدروسة بعناية وبحسابات بيئية ممتازة. (للاطلاع على نماذج عملية لهكذا تصاميم (انظر حساب المهندسة أسيل الرقم على منصة X @a_alragam).
شوارع العاصمة من جمالها وإبداع خطوطها وألوانها شبه خالية من السيارات. معظم الناس يمشون في مسارات المشاة، أو يقطعون الشوارع الجميلة للذهاب إلى أماكن عملهم.
محطات المترو في كل زاوية من زوايا المشهد، الناس يصعدون وينزلون من المترو بحركة نشطة ولياقة كبيرة، بسبب اعتيادهم على المشي اليومي والتنزه في شوارع العاصمة وحدائقها الظليلة الهادئة.
العاصمة شبه خالية من مناظر التشوُّه العُمراني أو المباني الآيلة للسقوط أو التجمُّعات العُمالية العشوائية. المشهد في ساحة الصفاة وما تلاه من المباني المُحيطة بالدروازة، سواء جهة مجمَّع البنوك، وصولاً إلى منطقة البلوكات، أو جهة البورصة والمسجد الكبير، كُلها عبارة عن كافيهات جميلة، ومحلات صغيرة ومتناسقة. (نستذكر هنا مشروع مدينة لوسيل القطرية كنموذج لمدينة خليجية وبيئية متطورة).
العجيب هنا قرَّاءنا الأعزاء، أنني بدأت مقالي بمشاهد تخيُّلية، ظننت لوهلة أنها بعيدة المنال أو التطبيق، فلما اقتربت من العاصمة أكثر، وجدت أننا نملك حقيقةً ٧٠ إلى ٨٠ في المئة من البنية التحتية لهكذا رؤية بيئية مستقبلية، كحزام العاصمة الأخضر، المتمثل بحديقة الشهيد والمباني الحديثة والعصرية، وما تم من قرارات حكومية شجاعة في هذا الصدد، كقرار وزير البلدية والإسكان الأخير بفرض لوائح جديدة لمعالجة التشوُّه البصري. فأدركت حينها أن رؤية كهذه ليست عسيرة التطبيق إذا وجدت الإرادة والعزيمة الكافية.
فلنتفاءل بغدٍ أخضر وأجمل.