«حوار الجريدة•» ناقش قانون الانتخابات ومفوضيتها والقوائم النسبية

• تزامناً مع تنامي المطالبات بالتعديل قبيل شهر القيد

نشر في 04-01-2023
آخر تحديث 03-01-2023 | 21:56
x
على أعتاب شهر القيد الانتخابي في فبراير المقبل كثرت الآراء القانونية والدستورية المنادية بتعديل قانون الانتخاب الحالي، استناداً إلى موجبات كثيرة تدعو إلى ذلك، لضمان شفافية العملية الانتخابية، والقضاء على مثالب كثيرة واكبت الانتخابات السابقة. وتزامناً مع هذه التطورات، فتح برنامج «حوار الجريدة» الباب أمام مناقشة ملف الانتخابات، وقانونها واقتراحات تعديلها، وقضية المفوضية العليا للانتخابات، والقوائم النسبية، وغيرها من تحديات متصلة بالانتخابات، واستضاف كلاً من الخبير الدستوري أستاذ القانون العام بكلية الحقوق د. محمد الفيلي، وأستاذ القانون الجزائي بكلية القانون الكويتية العالمية د. معاذ الملا في حلقة بعنوان «المفوضية العليا للانتخابات والقوائم النسبية»، وأدار الحوار الزميل د. حسين العبدالله... وفيما يلي التفاصيل:
استهل الزميل العبدالله الحوار مرحباً بضيفي الحلقة، وشاكراً مشاركتهما في هذا النقاش والملف الحيوي، ووجه سؤاله للفيلي قائلا: نحن مقبلون على شهر القيد الانتخابي في فبراير المقبل، وتشير الآراء القانونية والدستورية إلى وجوب تعديل قانون الانتخاب الحالي، على اعتبار أن المرسوم رقم 5 لسنة 22 متصل بالتعديل الذي يعتبره كثيرون حاجة ضرورية، فما ردك؟

فقال الفيلي: لا أظن أننا بصدد وجوب، والسبب بكل بساطة أن أحكام المرسوم بقانون كانت انتقالية، خصوصا في الانتخابات السابقة، إذن بكل بساطة نحن بصدد تطبيق قانون الانتخاب القائم بتعديلاته، وفيما يخص استحقاق التعديلات، ففي ظني أن التعديلات تدخل في باب الملاءمة، وبعضها قد يحتاج بالفعل إلى التعديل الذي أسميه «ضروريا»، فبعضه يحسن وبعضه ضروري، بمعنى أن هنالك حاجة حقيقية ومنطقية له مثل نظام التسجيل في القيود الانتخابية حاليا، نحن أمام نظام لا يعرف أي رجل هو يقف عليها، نظام قائم على أن المواطن يذهب ويعلن هو بياناته، وأنه يريد أن يسجل قيده في هذه الدائرة، تستطيع إدارة الانتخاب أن تطلب منه إثباتات بينما عندي في القانون القائم هناك تشريع ينظم إثبات الحالة المدنية، ومنها العنوان، قانون خاص ببيانات هيئة المعلومات المدنية.

النظام المزدوج

وأضاف الفيلي: حتى نفهم أصل القصة تاريخيا عندما أتينا في 62 لوضع نظام لإدارة العملية الانتخابية، مع الأخذ بأن فكرة الدوائر تقتضي تحديد التسجيل في دائرة من الدوائر، ويقتضي أن يتم ذلك من خلال عنصر واقعي هو الموطن، لم يكن هنالك أداة قانونية تحدد بشكل رسمي الموطن، إذن كان من المنطقي حينذاك أن يأتي أي مواطن ويقول أنا أسكن في المكان الفلاني، ومن الممكن عندما يعلن التسجيل المراجعة، ويأتي من يعترض ويقول هو لا يسكن في هذا المكان بل يسكن في هذا المكان، كما أن القانون حين وضع في 62 كان يسمح للجنة أن تطلب إثباتات، ولكن فكرة القانون كانت تنطلق من مبادرة الناخب بالتقدم بالبيانات، علما بأن هذا القانون، وهذه من المفارقات، يسمح للجنة التسجيل أنها تبادر بالتسجيل بالنيابة عنه، إذن كنا نأخذ بنظام مزدوج كان يسمح بحلين.

وتابع قائلا: حين أتينا في الثمانينيات وأنشأنا الهيئة العامة للمعلومات المدنية، وقلنا إن البيانات الواردة في البطاقة الرسمية لها حجية في الإثبات، أصبحنا أمام نظامين ليس من المنطقي أن يبقى كل منهما قائم بذاته إلى الأبد، إذن من المنطقي أن نتبنى واحدا منهما، يفترض أن البيانات الواردة في البطاقة المدنية تعكس الحالة الواقعية للحياة اليومية، إذن هذه الجزئية من المنطقي أن يتم التعامل معها بجدية، خصوصا أننا مقبلون على ميعاد افتتاح تسجيل الجداول الانتخابية، هذا أسميه «تعديلا» يدخل في إطار الضروري.

تعديل القانون

وقال العبدالله معلقاً: في شهر أغسطس الماضي صدر تعديل تشريعي سجل كل الناخبين بقوة القانون، التعديل أو الانتقال الذي أسميته أو المؤقت، سجلهم مباشرة وفق معلومات البطاقة المدنية، بالتالي لم يحدد أي رغبة للمواطن في أن يقرر، بالتالي أصبح التسجيل مباشرة هذا القانون 5 لسنة 22 قرر في أن أحكامه انتقالية لتلك الانتخابات التي أجريت في 29 سبتمبر (الماضي) بالتالي نحن اليوم مقبلون على تسجيل جديد في فبراير المقبل. هل نحن بحاجة إلى تعديل تشريعي أم أننا سنعود للمربع الأول؟

فأجاب الفيلي: أولاَ من الناحية القانونية ما ورد في المرسوم بقانون لم يعد قائماً لأن المشرع قال إن أحكامه خاصة بالانتخابات التي مضت، إذن اليوم نحن نطبق أحكام قانون الانتخاب الذي كان موجوداً قبل صدور المرسوم.

العبدالله متوسطاً الملا والفيلي خلال الحوار العبدالله متوسطاً الملا والفيلي خلال الحوار
وعلق العبدالله: مع الأخذ بعين الاعتبار مسألة فائقة الأهمية أن المشرع عندما تدخل استثنائياً ذكر أن هنالك فوضى وتزويراً، أي إذا رجعنا إلى المربع الأساسي فسوف تعود الفوضى.

الفيلي: نحتاج إلى جهاز يلملم شتات العملية ويمنع تدخل وزير العدل إلا في حدود ما يسمح به القانون

وأردف الفيلي: وحتى مجلس الأمة إذا أقر المرسوم بقانون الوقتي سوف يكون متناقضاً، فإما ما كان قبل المرسوم بقانون هو صحيح أو ما ورد في المرسوم بقانون صحيح، هذا يرقى إلى مستوى الضروري والتعديل الواجب والمستحق والمنطقي قبل شهر فبراير.

وتوجه العبدالله بسؤاله إلى د. معاذ الملا قائلاً: مراسيم الضرورة التي صدرت برقم 5 و 6 المتصلين في تعديل النظام الانتخابي وأيضاً ما يتصل في قانون الدوائر الانتخابية برأيك هل كانت هناك حاجة ودواعٍ تحقق مثل هذا التعديل؟ وإن لم تقدم الحكومة على إتمام التعديل الضروري فهل سوف نعود إلى المربع الأول وبذلك تكون السلطة التنفيذية قد ناقضت نفسها خصوصاً أنه اليوم يفصلنا عن التعديل قرابة شهر؟

التعديلات والشفافية

فقال د. الملا: أشكر «الجريدة» على استضافتي، بالطبع قانون الانتخابات 35 لسنة 62 هذه النقطة التي بدأنا بها وتم تعديل أحكام هذا القانون بتواتر حتى وصلنا إلى المرسومين 5 و6 لسنة 22 طبعاً هناك غاية بأن نضمن شفافية سير العملية الانتخابية والقضاء على مشكلة أو مثالب عديدة تتواكب مع العملية الانتخابية، فكان هناك توجه ومازال من الحكومة وإن كان هنالك بطء في عملية تعديل أو تقديم رؤيتها في شأن تعديل هذا القانون مع العلم أن هنالك مقترحات فضلاً عن أن هناك مشروعاً مقدماً من الحكومة فيما يتعلق بتعديل أحكام قانون الانتخابات هذه العملية كانت واضحة بأنها تريد أن تقضي على مسألة التلاعب وتوضح مسائل معينة خاصة بالعناوين، ونحن نريد أن نضع اليد على المادة رقم 4 لماذا لم يتم تفعيلها على الرغم منذ صدور هذا القانون في سنة 62 إلى وقتنا هذا لم تكن المادة 4 موجودة في خريطة التطبيق ما حصل بموجب هذين المرسومين حتى أن البعض يرى بأن ما كان ينبغي النظر إلى تعديل الدوائر أو تقسيم الدوائر، فالمرسومان مكملان لبعضهما مادام كان هناك تسليم بأننا سنعتمد البطاقة المدنية فهذا الأمر يترتب عليه إضافة مناطق أخرى بالتالي فالمرسوم 5 والمرسوم 6 كانا مكملين لبعضهما بعضاً.

الملا: المفوضية مبادرة طيبة لكنها تحتاج إلى تعديل القانون كاملاً حتى تتناسق مع النصوص

وأردف الملا: مسألة التعديل نعم، لأن فوضى التلاعب ونقل الأصوات وهذا ما ورد في المذكرة الإيضاحية للمرسومين وبين التباين الحقيقي، وأنا أنوه إلى أن هنالك قاعدتين للبيانات واحدة في الهيئة العامة للمعلومات المدنية وأيضاً هنالك مرجعية في وزارة الداخلية، حاولنا أن نوضح أن هناك قاسماً، نريد أن نربط فكرة قاعدة البيانات الموجودة في البطاقة المدنية مع القيود الانتخابية وهذه المشكلة في أن المرجعية مختلفة.

وذكر أن مسألة تداول البيانات أدت بالضرورة إلى وجود نوع من التلاعب ممكن أن نكون أمام مشكلة في هذا الجانب، ومسألة الحاجة نعم هنالك حاجة فكرة المناطق الموجودة لا نريد حرمان أحد من ممارسة حقه الانتخابي، فكان من الضروري وجود مرسوم حقيقي يحاكي التطور الحاصل في ديموغرافية الدوائر الموجودة لدينا أيضاً مشاريع قدمت أمام مجلس الأمة أمام لجنة الدفاع والداخلية وأمام لجنة الشؤون التشريعية والقانونية ما عرض عليهم يكشف عن رغبة حقيقية في أن هناك حاجة لتعديل قانون الانتخابات هذا القانون على الرغم من قدمه ولكنه لا يحاكي عملية تبادل وحفظ البيانات على سبيل المثال.

ولفت إلى أن ما ورد في هذين المقترحين نجد أنه يتكلم عن مفوضية انتخابات ومقترح تقسيم الدوائر كأنه يتكلم عن أمر مختلف تماماً عن المفوضية، نجده يتكلم عن دور وزارة الداخلية في عملية إدارة البيانات والعملية الانتخابية بشكل كامل وبنفس الوقت المقترح الآخر يتكلم عن المفوضية لذلك لابد من أن تكون المقترحات متقاربة، هناك مشكلة عللت عليها المذكرات الايضاحية للمقترحات هي صحيحة في حقيقة الأمر ولكن هناك ملاحظات طرأت على هذين الاقتراحين.

مخاوف التزوير

وقال العبدالله: «نحن في شهر فبراير كما تفضلت هل الحكومة بحاجة من وجهة نظرك القانونية بالتأكيد إلى تعديل قانون الانتخاب حتى نحقق حالة الضرورة التي استدعتها إلى تعديل قانون الانتخاب، فالمذكرة الإيضاحية كما تفضلت أشارت إلى وجود تلاعب وتزوير قادها إلى إلغاء القيد الانتخابي وإيجاد قيد جديد مرتبط بالعناوين الواردة في هيئة المعلومات المدنية، ولذلك نحن اليوم إما أن نعود إلى المربع الأول لإحداث حالة الفوضى مجددا، من خلال أن المواطنين يقدمون لتغيير عناوينهم لأنه في فبراير المقبل هي حالة إما أن تكون بحذف أو نقل أو تسجيل، ولذلك لعدم وجود قيود أمام الناس لمنعهم من النقل سيكون عندنا حالة نقل لذلك ستعود حالة التلاعب والتزوير، إلى أي مدى نحن جادون وخصوصا أنه لا يوجد تعديل تشريعي مقبل؟

وأجاب الملا: مسألة الاحتياج إلى تعديل الكل يجزم بذلك، ونعم هناك بطء في تقديم الرؤية التشريعية نجدها من المشرع ومن السلطة التنفيذية في عملية التقديم، والان عندما أقول لك إنني أمام ثمانية مقترحات ومشروع بقانون مقدم من الحكومة بما في ذلك أيضا المفوضية، ولكن حينما ترى دور المجلس في هذه المسألة نجد أن بعض الأشياء التي تحتاج للاهتمام ولم يلتفتوا أن شهر فبراير هنالك قيود ستفتح ما لم يتم الجزم الآن وتعدل أحكام هذا القانون، خريطة التعديلات التي وردت في المقترحات من الصعب أن نجزم عليها في الوقت الحالي، وهناك حاجة بالطبع نعم أرى أن هنالك حاجة إلى أن يتم تأخير فتح القيود إلى وقت آخر والنظر في مدى جدية هذه المقترحات، وإذا نظرنا إلى التعديلات التي جاء بها المقترحان نجد أن التعديل جاء باستبدال 25 مادة وإضافة 8 مواد.

المفوضية والقوائم

وقال العبدالله موجها سؤاله إلى د. الفيلي: بالانتقال الى المحور الثاني ما رأيك في قانون المفوضية العليا للانتخاب، وقانون القوائم النسبية؟ هل هما البديلان الجيدان لنا عوضا عن قانون الانتخاب، وأيضا عوضا عن التعديل التشريعي الذي صدر في سنة 2012، والذي هو اللجنة العليا للانتخابات والتي قضي بعدم دستوريتها؟

فرد د. الفيلي: في الواقع نحن أمام اقتراحين، اقتراح تمت تسميته المفوضية العليا للانتخاب، وعندما أقرأ أجده في جوهره أكثر من مفوضية عليا، لأنه في سياق عمل المفوضية العليا حاول أن يقترح أفكارا جديدة إذن هو قانون انتخاب مرتديا ثوب المفوضية العليا، ويمكن كجملة اعتراضية «أتمنى أن يصدر قانون انتخاب جديد تماما»، بسبب كثرة الترقيع، فنحن بدأنا بثوب في 62 وأدخلنا عليه رتوشا ورقعا بعضها وقتي ولا يزال موجودا في النص وبعضها موضوعي لدرجة أن المتعامل مع النص قد يجد صعوبة في معرفة القانون الوضعي القائم، إذن قد يكون من الأفضل أن نضع نصا جديدا تماما نبدأ بنص متكامل إلى أن نحل مشكلة النشر القانوني حاليا، الذي لا نعلم بالضبط ما هو النص القائم لكثرة التعديلات.



وأضاف: والآن سأعود لفكرة المفوضية، أولا المفوضية ودعني أسميها موضة عالمية جديدة، الفكرة الأساسية أني أريد تنظيم انتخابات نزيهة، عندما وضع الدستور الكويتي ووضع قانون الانتخاب كان الثابت أن السلطة التنفيذية هي التي تدير التحضير للانتخاب وتسجيل الجداول الانتخابية والتي تقوم بالإجراءات التحضيرية ثم تأتي جهة محايدة فتشرف على عملية الاقتراع، ووجدنا الجهة المحايدة الأكثر منطقية هي القضاء والنيابة مع وجود مندوبين عن المرشحين، وهذا ما وضعناه في قانون 62 باعتبار أنه يماثل التوجه العالمي في قضية ضبط نزاهة العملية الانتخابية، صحيح السلطة التنفيذية هي التي تدير ولكن أعمالها يجب أن تنشر وخاضعة لرقابة قضائية، وبما أن العملية واسعة حتى أنه عرج على الرقابة القضائية فالواقع أنا لدي أربعة قضاة يتعاملون مع العملية الانتخابية، قاض يتعامل مع منازعات القيد في سجل المرشحين، وهنا وصلنا إلى الحل من الناحية الشكلية، نحن أمام قرار إداري والسلطة التنفيذية هي من تسجل الترشيح تطبيقا للقانون إذن الدائرة الإدارية مختصة ودخلنا في حالة خاصة من الواقع الذي يؤثر على الاجراءات القضائية لأنه لدي 20 يوما ولدي قرار إداري قابل للطعن فيه امام المحكمة الكلية وقابل للاستئناف وقابل للتمييز، إذن أنا وصلت لمرحلة أن حكم التمييز يجب أن يصدر قبل انقضاء الـ20 يوما، ولدينا القاضي الجنائي وهذا قاض يعمل وفق مفهوم جنائي خاص لأن الدعوة لها ميعاد قصير، وهذا القاضي من الممكن أن حكمه يؤثر على قاض رابع وهو قاضي منازعات إعلان النتيجة وهذا أنيط بالمحكمة الدستورية.

ثغرات الإدارة الانتخابية

وأكمل الفيلي: لدينا أيضا قانون الانتخاب يقول إن مدة الطعن قصيرة جدا، لأن الفصل التشريعي، وأتكلم عن مدته الطبيعية ولا أتكلم عن المد أربع سنوات، ولذلك أمامك أسبوعان للطعن، ولكن لم يحدد ميعاد لصدور الحكم، وبالتالي ما نجده الآن أن الأحكام من ثلاثة أشهر إلى خمسة أشهر تحتاج علما بأن ليس هنالك نص ويمكن لأن قضاة المحكمة الدستورية وفق القانون القائم غير متفرغين لهذه العملية، هم يجلسون في دوائرهم الأصلية إذن أنا أمام عملية تحمل تفاصيل كثيرة غير متناسقة وتحتاج إلى تناغم وتنسيق، ويفترض أن الموضة الجديدة تقول انها تنيط هذه العملية بجهاز واحد يستعين بالقضاء ولكن يلم شتات العملية، هذا التوجه بدأ بمبادرة من المنظمات الدولية يمكن أول تجربة كانت في انتخابات تيمور الشرقية التي أشرف عليها الأمم المتحدة بعدها الآن أصبحت الموضة الجديدة أو النموذج الجديد أن هناك دولا ضمنته في دستورها ووضع مكان لهذه المفوضية وبالتالي أعطاها القدر الكافي من الاستقلال، ولدينا نحن الخريطة أكثر تعقيدا وفق الدستور هنالك سلطات ثلاثة الدستور قال في جهاز معاون وهو ديوان المحاسبة ووضع له نص فيه وبقية الأجهزة التي تقوم بعمل تنفيذي مستقلة المادة 133 تقول تنشأ بقانون والقانون يحدد هامش الحرية فيها ولكن لا ننسى أن المادة 133 لم يتم تصميمها لهذه الفكرة بل عندما صممت فقد صممت لفكرة أخرى، وهي أن هناك مهام تتولاها السلطة التنفيذية لا نريد أن تتولاها بأجهزتها ننشئ لها أجهزة خاصة هو غير مصمم لجهاز مثل جهاز مكافحة الفساد هذا خارج المنظومة إذا أردنا الاستقلال، على كل حال الاتفاقية الدولية لم تضع نموذجا محددا وقالت وفق نظامكم القانوني هذا أقصى ما نستطيع أن نخرج به وفق النظام الدستوري الحالي.

إدارة العملية الانتخابية فيها ثغرات كالتأثير المالي والإعلان الانتخابي وسقف الإنفاق

وتابع: الجديد أن لدي جهازا يدير شتات العملية لذلك حرصت في البداية على عرض المشهد لأن المشهد مشتت ومن الإيجابية أن تم لملمة المشهد في قانون واحد بما يخدم العملية، حيث إن إدارة العملية الانتخابية فيها ثغرات كالتأثير المالي والإعلان الانتخابي وسقف الانفاق الانتخابي ووجود جهاز واحد مراقب متخصص سيضبط تلك الأمور، إذن هناك ميزة للتعامل بطريقة أفضل، ولكن لا يقال ان القانون القائم لا يحقق كل المقاصد الدستورية ولكنه سيكون خطوة اضافية ما اقارنها بفكرة القيود الانتخابية استنادا للبيانات.

المفوضية والمرجعية

وسأل العبدالله د. الملا: برأيك ما الذي يحققه قانون المفوضية العليا للانتخابات؟ وهل سيحدث نقلة نوعية في ضبط العملية الانتخابية ويضبط التجاوزات التي لم يقدر على معالجتها قانون الانتخابات بشكل صريح وواضح؟ وهل سيجمع كل الشتات الموجود عند قاضي الانتخاب وقاضي المشروعية وقاضي الدستورية والقاضي الجنائي وفيما يتصل بضبط مسائل الإعلانات الانتخابية؟ ووضع حد أعلى للتدفق المالي وإدارة الحملات الانتخابية ونتجاوز السلبيات الموجودة بقانون الانتخابات؟

فأجاب الملا: بالعودة إلى فكرة مدى الحاجة إلى تعديل أحكام قانون الانتخاب الحالي قبل فبراير، وتفضل الدكتور الفيلي بأن هناك فعلا تعقيدا في عملية ايجاد الرؤية التشريعية الكاملة التي تضمن العملية الانتخابية وتأتي بمقترحين أحدهما الخاص بالمفوضية، وأشرت إلى أن هناك تعديل 25 مادة بالاستبدال وإضافة 8 مواد والغاء 9 مواد وكأنك تقول ان هذا القانون بحاجة إلى تعديل جذري كامل، ولذلك فإن هناك حاجة إلى ايجاد قانون انتخابات جديد، وإن أتينا إلى استخلاص من هذه المواد، فإن المفوضية العليا للانتخابات انحصرت في 5 مواد، ولا أدري كيف وضعت اللجنة التشريعية هذه الآلية التي تقوم فيها المفوضية بتحديث آلية عملها، حيث جاءت المادة 3 باضافة لتحديد دور المفوضية العليا والتي تتحدث عن انشاء مفوضية كجهاز مستقل، ولكن المادة 3 مكرر المعنية بالأمانة حددت الاختصاصات وآلية عمل المفوضية، ونجدها لا تزال تلبس ثوب الجهاز التنفيذي والسبب في ذلك أنها لجنة ادارية كما يقول البعض لأنها تخضع تحت اشراف وزير العدل وبالتالي من باب أولى كمقترح تم طرحه في الحلقات النقاشية بكلية القانون وطرحت رؤية واسعة للمقترحات بضرورة استدراك الأمر من خلال اللجنة التشريعية في مجلس الأمة ومعالجة المثالب التي وردت في المقترحين، وطالما أن المفوضية كانت بإشراف وزير العدل فإن هناك سطوة عليها، وكانه لا يوجد اختلاف بين ابعادها عن وزارة الداخلية ثم وضعها تحت سطوة وزارة العدل وبالتالي لم تفعل شيئا سوى أن المسمى تغير، وتم منحه اختصاصات لضمان سير العملية الانتخابية نجد أن هناك مثالب كثيرة حتى تم تسليط الضوء عليها.

استقلالية المفوضية

وسأل العبدالله: «هل يمكن القول إن المفوضية العليا للانتخابات يجب أن تحظى بقدر كبير من الاستقلالية؟».

فأجاب د. الفيلي: «أريد طرح سؤال؛ هل يمكن الخروج من إطار المادة 133 من الدستور؟ إذن أنا أمام واقع دستوري يقول بضرورة التغيير في المواد والإضافة، لخلق تجربة أخرى، أو أخذ النموذج الموجود بالمادة 133 في أقصى ما أستطيع، كما فعلت في موضوع نزاهة. يجب أن أكون واضحاً، انني أمام نص دستوري يحدد نطاقاً عملياً، وأنا أعترف بأن المادة 133 عندما صُنعت كانت من أجل نموذج آخر، ويجري الآن استخدامها في موضوع نزاهة، ويمكن أيضاً استخدامها في موضوع المفوضية، لكن لا أستطيع الذهاب أكثر من الحد الموجود بتلك المادة، ولا نستطيع أن نذهب أكثر مما يمكننا دستورياً فعله، ونموذج نزاهة يعطي إمكانات واسعة جداً، ويمكن تبني مثل هذا النموذج، وليس نقله. فقط نحتاج إلى جهاز يلملم شتات العملية، ويمنع تدخل وزير العدل إلا في الحدود التي يسمح بها القانون، أما تعديل الدستور، فهو شيء آخر».

بدوره، قال الملا: «انتهى رأي اللجنة إلى أن هناك مميزات من المفوضية، ورست التعديلات على أن الجهاز أدار العملية الانتخابية بشكل كامل، وإن كانت قد أثقلت هيئة المعلومات المدنية بدور، لذلك وجدت أنه لم يتغيَّر الوضع، فالمفوضية تحتاج إلى تنسيق فعلي مع الجهات الحكومية، لأنه إذا خصصنا هذا الأمر مع البُعد عن كل الجهات الأخرى، فلن تتمكَّن المفوضية من أداء دورها».

وأشار إلى أن فكرة الاستقلالية في عملية تمكين الرقابة، حيث «وجدنا أن عملية استقبال البيانات، مثلاً، وبموجب هذا التعديل، أن المفوضية تستقبل البيانات وتحديثاتها من قبل الهيئة العامة للمعلومات المدنية، وأنيط لها تدبير وبحث هذه البيانات، وإعداد الجداول، لكن هناك بيانات خاصة نفس الأحكام، كمسائل الجنسية، فمن يقوم بها غير وزارة الداخلية، ما لم يكن هناك تنسيق بين الجهات؟ وأيضاً الممنوعون من القيد، كالصادر بحقهم أحكام مُخلة بالشرف أو الأمانة، سواء كان ناخباً أم مرشحاً، والموقوف حقهم في الانتخابات، لكن لم يرد في هذا المقترح التنسيق بين الجهات، وهو واجب».

وذكر أن المفوضية مبادرة طيبة، لكنها تحتاج إلى تعديل القانون كاملاً، حتى تتناسق مع النصوص، وليس إلغاء وتعديل وفق استراتيجية الترقيع.

القوائم النسبية

ورداً على سؤال للعبدالله حول القوائم النسبية، قال فيه: «لجنة الداخلية والدفاع خلصت في تقريرها إلى عدم سلامة الأخذ بمقترح القوائم النسبية، وهو ما أرجعه البعض إلى الصب في فكرة الأحزاب، وبالتالي تخالف الدستور، فيما ذهب البعض إلى أنها تكرِّس للعنصرية والقبلية، فما رأيك بهذا المسلك؟».

قال الفيلي: «بالاطلاع على تقارير اللجنة، وجدتها تبني على الرفض، لنوعين من الأسباب؛ أولهما قراءتها للمادة 80 من الدستور، والتي تُوجب أن ينتخب أشخاص، وليس قوائم، لأنها قرئت أن مجلس الأمة يتألف من 50 عضواً ينتخبون بطريق الانتخاب العام، وبالتالي يجب أن يكون محل الانتخاب عضواً، وهذا تفسير خاطئ لغوياً، لأن النص لم يقل ينتخب كلاً منهم، بل قال ينتخبون، إذن الانتخاب العام السري المباشر ينصرف لكل الأعضاء، وليس عضواً عضواً، والثاني أن قواعد التفسير غير اللغة وفق العُرف، فلا يجوز الأخذ بنظام القوائم مطلقاً، لكنه موجود بدول العالم».

وأضاف: «أما موضوع الأحزاب، فإن القوائم جزء من عملية تنظيم العمل النيابي، لأن الدستور بالنسبة للأحزاب الصورة الأوضح للتنظيم، فهذه القوائم ليست الأحزاب، لكنها مقدمة أو جزء من منظومة مرتبطة بفكرة الأحزاب، فالدستور كان واضحاً حينما أتى في صياغته للمادة 43 وفي المذكرة التفسيرية، حيث ورد أنه لم يتكلم عن الهيئات، بل عن الجمعيات، لأنه لا يريد أن يجعل إنشاء الأحزاب حقاً دستورياً، والمسألة هي مواءمة تشريعية متروكة لظروف الزمان، لأنه من حقنا تماماً القول إن الأحزاب في الحياة السياسية أمر مستحق اليوم، لأن الحكومة تحتاج إلى التعامل مع مجلس يأتي وفق برامج، لكن لا توجد مواد دستورية، ليس بسبب وجود موانع دستورية، لكن من حق الطرف الثاني القول إن الأرض غير ملائمة للأحزاب، رغم أهميتها، لكن السؤال: هل متطلبات الأحزاب متوافرة الآن؟ ومن دون تلك المتطلبات نخشى أن ننتهي إلى حزب عبارة عن قبيلة، وآخر عبارة عن طائفة، لأن الظرف الموضوعي لتطبيق الفكرة غير متوافر، فهناك هويات اجتماعية دينية تستخدم سياسياً».

وهنا قال د. الملا: «اللجنة كان لها رأي في مسألة القوائم النسبية، وليس هناك خلاف في مواجهة الدستور، وأرى أن هذه التعديلات تحملنا من نمط الانتخاب المباشر الحر إلى انتخاب بنظام نسبي أو تمثيل نسبي، وعندما نقرأ أحكام الدستور، بموجب المادة 80، نجدها تتكلم صراحة بأن هناك نظاماً انتخابياً عاماً حراً على خلاف المذكرة الإضاحية، بأن التمثيل النسبي يعطي هذا الحق، وهذا أول صِدام، والثاني أن المادة 108 تقول إن عضو مجلس الأمة يمثل المجتمع، وفي ظل التمثيل النسبي يسير نحو الفئوية القبلية والطائفية، لذلك فأنا ضد القوائم النسبية تماماً، لأنها مخالفة للدستور، رغم أن الملاءمة موجودة، لكن في ظل وجود تكتلات دستورية وانتخابات فرعية مجرَّمة بموجب هذا القانون، فكيف تعتمد القوائم النسبية؟ هل تضمن أنه لن يكون هناك قائمة تنشأ لقبيلة معينة أو تكتل معيَّن؟».

وتابع: «جاء التوجه في المذكرة الإيضاحية لتعزز بأن التمثيل النسبي يحقق العدالة، ويمثل المجتمع، وليس تكريس القبلية والفئوية».
معايير موحدة ورؤية واضحة
ذكر الفيلي أن «لدينا حالياً قواعد قانونية، هي نفس القواعد التي كان معمولاً بها في السابق، باستثناء آخر انتخابات، وذلك في جزئية التسجيل بالجداول الانتخابية، ولذلك نحن لسنا بصدد فراغ قانوني، وأي تعديل إما سيكون في إطار مستحق جداً، أو مستحق إلى حد ما، وإذا طبقنا القواعد الحالية، فلتكن معايير موحدة، ومنذ بدأنا عام 1962، وفي ظل عدم وجود هيئة المعلومات المدنية، فلا يمكن أن توجد الهيئة ثم لا نعتد بها، وبالذات أنه حالياً لا يُعتد بها في ظل نظام قانوني خاص، والفكرة ليست أنني مقدم على فوضى، لكن يجب أن تكون الرؤية واضحة، وألا يتناقض القانون مع نفسه، وإذا ورد في المرسوم بقانون أن هذا لا يعبِّر عن وضع سليم من حيث سلامة التسجيل والبرلمان أقر بذلك ثم نبقيه، فهذا تناقض».
.
تدخل تشريعي سريع قبل فبراير
أكد الفيلي «اننا نحتاج إلى تدخل تشريعي سريع قبل فبراير يغنينا عن المرسوم بقانون، لو لم يأخذ بفكرة الوقتية، ونستطيع الآن بتدخل تشريعي سريع، لا أقول تأجيلاً، وإذا كانت الصورة واضحة لدى المشرِّع، فإن التعديل التشريعي سيعتمد وجوباً على البيانات الواردة في البطاقة المدنية، مع الاحتفاظ بالآلية، لكن الخطوة الأولى أن تكون البيانات المدنية قرينة تقبل إثبات العكس، وعدم اعتبارها بيانات مقدَّسة، وهو أمر غير معقول».
.
فوضى التلاعب في العناوين
قال الملا: «أطرح حلاً لمسألة فوضى نقل العناوين، حيث بقي الحال على ما هو عليه، بل رجعنا إلى المربع الأول، ولا يتبقى سوى شهر، لذلك فإن الشيء الذي يمكن أن يضمن عدم التلاعب أن ندخل في مسار تطهير العملية الانتخابية، فمسألة تغيير العناوين والتلاعب هي تزييف لإرادة الأمة، ولعل الحكم الانتقالي ما كان يريد أن يسلب من المجلس أو المشرِّع تلك الإرادة، لكن بالعودة إلى فوضى الانتخاب، فهي مقتصرة على التلاعب في البيانات أو العناوين، والعلاج هو وضع قيد زمني يضمن عدم نقل الأصوات خلال 4 سنوات، حيث لا يستطيع الشخص أن يغيِّر عنوانه خلال تلك الفترة، مثل القانون الخاص بالجمعيات التعاونية، لكنه يحتاج إلى تشريع، لأنه ليس مضموناً عمل تغيير في العناوين، خصوصاً أن مسألة تغيير العنوان أصبحت في تطبيق سهل، كما تحتاج الديباجة في هذا القانون إلى مراجعة قواعد التشريع، كقانون المعاملات الإلكترونية، الذي لم يلجأ له، واعتبار أحكامه في عملية تداول المعلومات».


back to top