بالمختصر: البقاع تؤثر في الطباع
من أقوال العرب، ويُروى عن ابن خلدون، أن البقاع تؤثر في الطباع.
فالإنسان ابن بيئته، تتشكل شخصيته وسلوكياته من محيطه، يؤثر فيه ويؤثر بها، يعمرها أو يفسدها، ينهض بها أو ينكفئ فيها.
فمن نشأ في الصحراء اكتسب صفات الصبر والقوة والتحمل، ومن نشأ في المدن انطبع بسلوك النظام والتعايش، ومن نشأ في بيئة مضطربة تأثر بها سلوكياً ونفسياً.
فالبقعة تصوغ الطباع، وتشكل الشخصية، وتترك أثرها في التفكير والعمل.
وقد لمست أثر البقاع في طباع الناس من خلال عملي في مسارح الجريمة، حيث تختلف أساليب الجريمة ودوافعها من بيئة لأخرى، فالمدينة ليست كالقرية، والمناطق المستقرة ليست كالمضطربة.
واليوم، لم تعد البقاع محصورة في الجغرافيا وحدها، بل ظهرت بقاع رقمية أصبحت أكثر تأثيراً من الجغرافيا نفسها.
فالهاتف الذكي تحول إلى بقعة تمضي فيها العقول والأعين ساعات طويلة.
تؤثر هذه البقعة في أخلاقنا، في إدراكنا، في هدوئنا أو توترنا، في قدرتنا على التركيز أو تشتيت الانتباه، بل حتى في قناعاتنا وتوجهاتنا.
فمن اعتاد على بيئة رقمية مليئة بالتسلية السطحية، اختلفت طباعه عمن غرس هاتفه في العلم، والتأمل، والمعرفة.
وهكذا، تبقى القاعدة صادقة: البقاع تصوغ الطباع... فاختر بقعتك بعناية.