رياح وأوتاد: لكي ينجح قانون التحصيل

نشر في 12-06-2025
آخر تحديث 11-06-2025 | 20:11
 أحمد يعقوب باقر

لا شك أن تحصيل حقوق الدولة وقيمة الخدمات التي تقدمها للمواطنين من الأولويات المهمة لأي دولة، وكثير من التشريعات تضع لديون الدولة حق امتياز يسبق مطالب أي جهة أخرى على المدين، كما أن أداءها يضمن ديمومة الخدمات خصوصاً أنها تُقدَّم بأسعار مدعومة.

وقد صدر هذا الأسبوع المرسوم بقانون القاضي بقطع الخدمة عن المستفيدين الذين لم يسدّدوا ما عليهم من فواتير بعد إنذارهم بالطرق الرسمية، ولكي ينجح هذا القانون يجب الأخذ بعين الاعتبار أن إجراءات التحصيل الحالية بها بعض العيوب، حيث لا يوجد قراءة منتظمة لعدادات الكهرباء، خصوصاً القديمة (غير الذكية) وعدادات الماء، وكثيراً ما يُطلب من المواطن تصوير العداد بنفسه وإرسال الصورة إلى الوزارة، مع أن قراءة العدادات من أسهل الوظائف، ويكفي اثنان أو ثلاثة من الجيش الهائل من الموظفين والبطالة المقنعة لقراءة العدادات القديمة في كل منطقة.

وأيضاً، فقد تضخمت فواتير الكهرباء بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة نتيجة لتأخر توفير المساكن للشباب، مما أدى إلى قيام رب الأسرة بإسكان أبنائه المتزوجين في نفس المنزل، كما زادت نسبة البناء، فأدت إلى بناء كثير من الشباب سرداباً وثلاثة أدوار. وأخشى أن قلة من الأُسر لن تستطيع سداد أو تقسيط فاتورة الكهرباء إذا تمت زيادة تعرفة الكهرباء بشكل تصاعدي، كما أُعلن. لذا فلعله من المناسب أن يُحال المعسر بعد إنذاره إلى لجان خاصة أو بيت الزكاة لدراسة أوضاعه بالتفصيل قبل قطع التيار أو الخدمة عنه، بشرط أن تكون هذه الجهة حازمة وتنظر في جميع أوجه إنفاق رب الأسرة، وهل هو قادر ومسرف ويشتري السيارات الفاخرة ويسافر في الإجازات أم أنه بالفعل يعاني عسراً حقيقياً فيمكن مساعدته كغارم بشروط واضحة ولمدة محددة؟

وهناك أيضاً نقطة تتعلق بالأولويات، وهي التي بيّنها النبي - صلى اللهُ عليه وسلم - عندما أرسل معاذاً إلى اليمن وأوصاه أن أول ما يدعوهم إليه هو الشهادتان، ثم الصلاة، ثم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم وهي الزكاة، فعلى الحكومة أن تعمل بمبدأ الأولويات، وذلك بتوسيع قانون الزكاة الحالي ليشمل كل أنواع الشركات لا المساهمة فقط، كما أن بإمكانها اليوم أن تزيد نسبة الاستقطاع في القانون من 1% إلى 2 أو 3 أو 5% مع الحفاظ على جوهر القانون بأن يُترك للشركة حساب الزكاة بنفسها، فإذا كان المبلغ المستقطع زكاة فإنه يُصرف في مصارف الزكاة، وإذا لم يكن زكاةً يُصرف في الخدمات العامة.

وكذلك على الحكومة أن تعدل قانون صندوق دعم العمالة القاضي باستقطاع نسبة 2.5% من أرباح الشركات المدرجة في البورصة، مما أدى إلى خروج بعض الشركات من البورصة لتجنب دفع هذه النسبة للصندوق، فالواجب الآن إدخال باقي الشركات في القانون، أي المدرجة وغير المدرجة، لدفع هذه النسبة، خصوصاً أن كل الشركات مستفيدة من الصندوق في دعم موظفيها.

وأخيراً على الحكومة أن تسعى إلى خفض كلفة إنتاج الكهرباء والماء باستخدام التقنيات الحديثة.

هذه الحزمة من الإجراءات المتزامنة ستؤكد للمواطن أن الحكومة جادة وبدأت بالكبار وبمجمعات الأموال، وفي نفس الوقت لم تهمل مراعاة المعسرين، وقامت بتحصيل فواتير الدولة وحقوقها من الجميع.

back to top