بالقلم الأحمر: نصف دشداشة... نصف هوية
في السنوات الأخيرة، بات من المألوف رؤية شريحة واسعة من الشباب الكويتيين ترتدي الدشداشة دون غترة أو عقال - أو بوصف آخر نصف «لوك» دشداشة - في مشهدٍ أصبح يعكس تحوّلاً لافتاً في أسلوب اللباس الوطني.
هذا التغير، وإن بدا بسيطاً في ظاهره، أثار تساؤلات جادة حول ما إذا كان مجرد اختيار شخصي بدافع الراحة والعملية، أم أنه مؤشر على «عصرنة» اللباس الوطني، والذي قد يُفضي مستقبلاً إلى تحوّلات أعمق في مفهوم الهوية. وهنا لا نسلّط الأضواء على الذوق العام بقدر ما هو تسليط ضوء على ظاهرة شبابية جديدة باتت مألوفة بشكل واسع ولها أبعاد أعمق.
الغترة والعقال لم يكونا مجرد مكملين للدشداشة، بل يمثلان رمزاً للهيبة والرسمية والاعتزاز بالموروث الثقافي، وكذلك جزء من الهوية الخليجية أو العربية لكل بلد. واليوم، ومع غياب الغترة والعقال عن المشهد اليومي واستبدالهما أحياناً - بـ «الكاب» أو من دونهما - بدأنا نلحظ بوادر ما يمكن أن يُطلق عليه «تفكك تدريجي» في عناصر الزي الوطني، لا سيما عند مقارنتنا بدول خليجية ما زال أبناؤها يحرصون على ارتداء الزي الكامل بتفاصيله وبكل فخر واعتزاز، بالأماكن العامة والرسمية وغيرها.
السؤال: هل التخلي عن الغترة هو نفس قصة التخلي عن البشت، إذ كان البشت الكويتي في الماضي جزءاً من اللباس اليومي، يلبسه الرجال في الأسواق والدواوين. لكن مع تغيّر الزمن ونمط الحياة، أصبح يُرتدى فقط في المناسبات الرسمية. اليوم، البشت تحول من لباس يومي إلى رمز «احتفالي»، في دلالة واضحة على التمدن والحداثة واختيار الراحة على الرسميات.
فهل نحن أمام إعادة تشكيل هوية كويتية جديدة للشباب وفي عصر جديد؟ أم أن ما يحدث لا يعدو كونه موضة عابرة سرعان ما تنقضي مع تبدّل الأذواق؟
من المؤكد أن لكل جيلٍ خصوصيته، ولكل زمنٍ روحه، ولكن يبقى من الضروري طرح هذه التساؤلات بروحٍ من التأمل، حفاظاً على عناصرنا الرمزية التي شكّلت على مدى عقود جزءاً لا يتجزأ من كياننا الاجتماعي والثقافي. فهل «التمدن» الكويتي هو بداية لتشكيل تمدن خليجي - عربي جديد؟ أم هو بداية خلق هوية حديثة للجيل الجديد؟
قد نرى في المستقبل القريب دشداشة بلا غترة كزي رسمي في المناسبات ومراكز العمل والأماكن الرسمية، نصف «لوك» رسمي.
بالقلم الأحمر: ويبقى التساؤل: هل لبس نصف دشداشة يعني نصف هوية؟