«غلاشوت» تتفوق على سويسرا بـ «الساعات الفاخرة»

نشر في 07-05-2016 | 00:02
آخر تحديث 07-05-2016 | 00:02
No Image Caption
لا تبدو قرية غلاشوت Glashuette في شرق ألمانيا ذات أهمية كبيرة، فهي مجرد حفنة من الشوارع تمتد عبر واد ضيق من محطة تنطلق منها القطارات مرة واحدة كل ساعة في رحلة تستغرق 45 دقيقة الى مدينة درسدن.

ولكن عندما تدقق أكثر ستجد أن هذه البلدة التي يبلغ عدد سكانها 7000 نسمة هي موطن لأشهر صناع الساعات العالميين خارج سويسرا- وتنمو الأعمال التجارية فيها حتى مع تراجع المنتجين السويسريين في الأنشطة الأخرى.

وأنتجت «غلاشوت» في السنة الماضية أكثر من 32000 ساعة بلغ إجمالي قيمتها ما لا يقل عن 500 مليون يورو، بحسب تقديرات محللين.

ثروة خفية

وهذه ليست ساعات سواتش: ويميل صناع الساعات الـ10 في البلدة الى النوعية الأرقى والأغلى، كما ان الشركة المحلية المنتجة والأغلى ثمناً، لانغ آند سوهنه  Lange and Soehne أسست سمعة تنافس عمالقة هذه الصناعة من أمثال باتيك فيليب وأودمارس بغويت. وتصل قيمة البعض من ساعاتها الأعلى ثمنا الى 1.9 مليون يورو (2.1 مليون دولار) ويتراوح متوسط سعر الساعة عند 50000 يورو.

ويقول الرئيس التنفيذي للشركة فيلهلم شميت «يريد عملاؤنا ألا يعرف كل شخص ما يرتدونه حول معصمهم. نحن نتميز بسرية تامة تشابه الثروة الخفية بشكل تقريبي».

وعلى الرغم من أن الصناعة الألمانية أصغر كثيراً من الصناعة السويسرية فهي أقل اعتماداً على البيع الى الصين، حيث تأثرت تجارة الساعات بحملة مكافحة الفساد.

ومع الدفع في الغالب باليورو تمكن المنتجون من الحد من التكلفة، وذلك بخلاف المنافسين السويسريين الذين يتعين عليهم التعامل مع سعر الفرنك المرتفع.

وفيما قالت شركة ريشمونت السويسرية في فبراير الماضي انها قد تقلص ما يصل الى 350 وظيفة في سويسرا، تقول أكبر شركتين لصناعة الساعات في غلاشوت انهما تقومان بتوظيف عناصر جديدة. وقد قفزت صادرات ألمانيا من الساعات بنسبة 14 في المئة في السنة الماضية، حتى مع هبوط صادرات سويسرا بنسبة 3.3 في المئة كما تظهر المعلومات الحكومية.

اختلاف الثروات

وعلى الرغم من اختلاف الثروات فإن سوق الساعات الفاخرة عالمي، وقد يواجه الألمان عما قريب المشاكل التي لحقت بالسويسريين وفقاً لتحذيرات رينيه ويبر، وهو محلل لدى بنك فونتوبل في زيورخ. وانكماش السياحة الى أوروبا في أعقاب الهجمات الإرهابية في باريس في شهر نوفمبر الماضي وتفجيرات بروكسل في الشهر الماضي سيفضي إلى تآكل المبيعات على الأرجح، بحسب ويبر، «وسيشعر صناع الساعات الفاخرة في غلاشوت أيضاً بالانكماش في آسيا».

وتدين غلاشوت بالكثير من ازدهارها إلى السويسريين. وقد أرسلت شركة لانغ موظفين الى بلدة شافهوزن السويسرية، وهي موطن الماركة الأخت آي دبليو سي IWC من أجل الحصول على تدريب. كما أن البعض من منتجي غلاشوت يستوردون مكونات وقطع الساعات من الموردين السويسريين. وفي سنة 2000 اشترت ريشمونت شركة لانغ وحصلت مجموعة سواتش على غلاشوت اوريجينال ويونيون غلاشوت.

نجاح غلاشوت

وكان نجاح غلاشوت لافتاً بقدر كبير، نظراً لأن صناعة تلك البلدة اندثرت بشكل تقريبي أكثر من مرة. وكانت شركة لانغ أول صانعة للساعات في البلدة، وتأسست في سنة 1845 من قبل فرديناند أدولف لانغ، وهو مواطن من درسدن درس هذه المهنة في سويسرا وباريس.

كما أنه درب شباب غلاشوت على صنع ساعات الجيب وبعد أن اكتسبوا خبرة في  العمل أسس بعضهم أعمالاً خاصة بهم. وبحلول بداية القرن بلغ عدد الشركات في غلاشوت 20 شركة تنتج الساعات وأدوات القياس البحرية.

ساعات ميكانيكية

وبعد الحرب العالمية الثانية تعرضت شركات صنع الساعات المتبقية في البلدة والتي تعد نصف دستة للمصادرة من قبل حكومة ألمانيا الشرقية، وتم دمجها مع شركة «كومبيانت» المملوكة للدولة، والتي استمرت في صنع الساعات الميكانيكية وأدوات القياس البحرية، ثم بدأت منذ حقبة الثمانينيات في انتاج ساعات الكوارتز.

وعندما سقط جدار برلين في عام 1989 كان لدى شركة كومبيانت حوالي 2500 عامل. ولكن الشركة عانت مشاكل استخدام المارك الألماني بعد الوحدة مع ألمانيا الغربية، وبحلول عام 1994 تقلصت صناعة الساعات في البلدة الى 72 شخصاً فقط.

ويقول يان غامارد، وهو رئيس شركة غلاشوت اوريجينال «بخلاف سويسرا التي كانت تعمل في أوقات السلم، نحن كنا نعاني حروبا وأزمات اقتصادية وحالات افلاس. وقد أخذ منا السوفيات كل شيء بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن الشعب بقي وبقيت معه معرفته».

يذكر أن هذا القطاع يوظف نحو 2000 شخص، وتبدو غلاشوت مثل معرض للساعات الرفيعة والغالية الثمن، كما أن المعامل نفسها تماثل المستشفيات في نظافتها والمكتبات في هدوئها. وتقول كريستين هتر، وهي الرئيسة التنفيذية لشركة موريتز غروسمان «قبل قرن من الزمن كانت تعرف غلاشوت بأنها وجهة صناعة الساعات، وقد استعادت تلك السمعة اليوم».

back to top