ما الذي يجعل الشخص مريباً؟!

نشر في 01-05-2016 | 00:01
آخر تحديث 01-05-2016 | 00:01
No Image Caption
يمكن أن نشعر بوجود خطبٍ ما حين تظهر شخصية «هانيبال ليكتر» على الشاشة في فيلم
The Silence of Lambs (صمت الحملان). تبدو الشخصية التي يؤديها هوبكينز سلسة ومهذبة وشبه ودودة، لكن ثمة جانب ينفّرنا منها. إنه شخص مريب! ثم في مرحلة لاحقة من الفيلم، نعلم أن حدسنا كان محقاً.
في دراسة حديثة، حاول فرانسيس ماكاندرو من جامعة «نوكس» أن يحدد ما يجعل الشخص «مريباً» (مصطلح غير علمي طبعاً ولم يحصل على تعريف مبني على تجارب رسمية). طلب من 1341 شخصاً، عبر استطلاع على الإنترنت، الإجابة عن 44 سؤالاً عن «شخص مريب» افتراضي قابله أصدقاؤهم. طلب منهم تقييم مظهره الخارجي وسلوكه ونواياه على مقياس من 1 إلى 7: تعكس الدرجة الأولى أكثر سلوك طبيعي، والدرجة السابعة أكثر سلوك مريب. كذلك، طلب منهم أن يقيّموا المهن والهوايات على المقياس نفسه من السلوكيات المريبة. نُشرت النتائج في مجلة «أفكار جديدة في علم النفس».

مسألة ذكورية

كان الرجال والنساء معاً أكثر ميلاً إلى اعتبار الرجال مريبين، ربما بسبب عناصر مرتبطة بالمخاطر الجسدية والجنسية. اكتشف ماكاندرو أيضاً أننا نميل إلى اعتبار الناس مريبين إذا لم نفهم سلوكهم، أو إذا كان ذلك السلوك مختلفاً عن المعايير الاجتماعية السائدة. ينفر الناس أيضاً من الأشخاص الذين يقفون على مسافة قريبة جداً من الآخرين خلال المحادثات أو أولئك الذين يلعقون شفاههم بشكل متكرر أو يضحكون في ظروف غير متوقعة.

ساهمت خصائص جسدية غير شائعة في تكوين المفاهيم عن السلوك المريب أيضاً. صُنّف أصحاب الابتسامات الغريبة والشعر الدهني والأصابع الطويلة والبشرة الباهتة ضمن فئة الأشخاص المريبين في الاستطلاع.

عموماً، ينفر الناس من أشياء لا يفهمونها أو لا تتماشى مع نظرتهم إلى {السلوك الطبيعي}.

إنه تصرّف مبرر من وجهة النظر التطورية لأننا نفضّل الشعور بالأمان بدل أن نندم لاحقاً.

نميل بطبيعتنا إلى الانزعاج من الظروف غير الطبيعية لأننا قد لا نجيد التعامل مع كل ما سيحصل لاحقاً.

تبين أيضاً أن شعور الريبة يرتبط ببعض المهن والهوايات. اعتُبر المهرّجون أكثر فئة مقلقة، إلى جانب منظّمي الجنازات والمحنّطين وأصحاب المتاجر الجنسية، فاحتلوا المراتب الأربع الأولى.

اعتبر المشاركون أيضاً أن الهوايات المرتبطة بالمراقبة أو التصوير تُعتبر نشاطات مريبة. كيف يمكن التأكد من أنهم لا يصوّروننا؟

خوف من المجهول

باستثناء روايات ستيفن كينغ، لم يثبت وجود أي رابط بين التهريج والقتل المتسلسل أو الضحك الغريب أو الأصابع الطويلة. لكن لا يأخذ لاوعينا الوقائع والحجج المنطقية بالاعتبار عند اتخاذ قرارات بشأن سلامتنا الخاصة. من الناحية الغرائزية، يكفي أن نلحظ خللاً بسيطاً كي نفضّل الهرب.

كذلك، قد يوحي بعض المؤشرات الحميدة بمستوى أعلى من المخاطر.

تنتمي الكلمات ولغة الجسد التي نستعملها خلال التفاعلات الاجتماعية إلى مجموعة من التي نفهمها جميعاً. حين يبتعد الناس عن تلك المجموعة من السلوكيات المعيارية، نشعر بوجود خطبٍ معين. وإذا لم يكن الوضع سليماً، لا مفر من الارتباك.

كتب ماكاندرو في رسالة إلكترونية إلى مجلة {ديسكوفر}: {إذا لم يفهم الشخص القواعد البسيطة للتفاعل الاجتماعي (متى نضحك؟ ما هي المسافة التي تفصلنا عن الآخرين خلال المحادثات؟ كيف نستعمل التواصل بالعيون؟...)، ما هي الأمور الأخرى التي لا يفهمها ويمكن أن تعرّضنا للخطر؟ بعبارة أخرى، قد تكون السلوكيات بريئة ظاهرياً (ارتباك، اهتمام صادق بالطيور...) لكنها قد تحمل شكلاً من التهديد. لذا يسهل أن نتخبّط ونراقب سلوك ذلك الفرد بحذر}.

سلوك غير خطير

لا يمكن أن تطرح مراقبة الطيور أو الضحك المفاجئ أي خطورة على الناس. لكن تكون الغرابة محركاً قوياً للشعور بالريبة.

كتب ماكاندرو: {أظن أن جميع السلوكيات التي اعتُبرت مريبة في دراستنا لم تحمل مخاطر فعلية. لكنها كانت متشابهة كونها غير مألوفة ولم تكن دوافع الشخص الذي يقوم بها واضحة. هل كان ذلك الشخص الذي يتجوّل في الحي وهو يحمل منظاراً يراقب الطيور فعلاً أم أنه يقوم بعمل أكثر خطورة؟

سأل ماكاندرو المشاركين أيضاً إذا كانوا يظنون أن الناس المريبين يعرفون أنهم كذلك. فأجاب معظمهم بالنفي، وبالتالي لا يظن أحد أن الناس يحاولون التصرّف بغرابة عمداً. بل يكون السلوك المريب مؤشراً على جانب داخلي معين قد يرتبط بفشل اجتماعي أو بظاهرة مشبوهة أخرى.

back to top