«الوطني»: «السعودية 2030» تحدد ملامح التحوّل الاقتصادي

نشر في 30-04-2016 | 00:03
آخر تحديث 30-04-2016 | 00:03
No Image Caption
«تطمح إلى التنويع الاقتصادي والاستدامة المالية والنمو على المدى الطويل»
تقدم السعودية في خطتها عدداً من الإصلاحات، من شأنها زيادة فاعلية وشفافية القطاع الحكومي، وتطوير القطاع الخاص، وما يشمله من إصلاحات في النظام التعليمي لجعله أكثر مواءمة في تلبية احتياجات القطاع. وستولي الخطة اهتماماً بالإنفاق تجنباً لما قد تثيره سياسة التقشف المالي من آثار سلبية على الانتاج الاقتصادي، حيث يُتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد غير النفطي إلى 2.1% خلال عام 2016 من 3.6% عام 2015.

قال الموجز الاقتصادي لبنك الكويت الوطني، إن المملكة العربية السعودية كشفت عن رؤيتها الاقتصادية للعام 2030 وتتضمن خطة التنويع الاقتصادي على المديين المتوسط و الطويل.

وبحسب الموجز، فإن الإعلان عن هذه الخطة، يأتي وسط ترقبّ إقليمي وعالمي في ظل ما تشهده بيئة النفط في الفترة الأخيرة من تدنٍ مستمر وملحوظ في الأسعار.

وتحدد الخطة الرؤية الاستراتيجية الطموحة، التي ستسير عليها المملكة على مدى الأعوام الـ14 المقبلة، والتي تعتمد على بندين أساسيين، هما وقف الاعتماد الحالي للمملكة على النفط عن طريق إنعاش الإيرادات غير النفطية، وتحقيق الاستدامة المالية من خلال ضبط المصروفات ومستوياتها.

وفي التفاصيل، تقدم السعودية في خطتها عدداً من الإصلاحات التي من شأنها زيادة فاعلية وشفافية القطاع الحكومي وتطوير القطاع الخاص وما يشمله من إصلاحات في النظام التعليمي لجعله أكثر مواءمة في تلبية احتياجات القطاع.

كما ستولي الخطة اهتماماً للإنفاق، تجنباً لما قد تثيره سياسة التقشف المالي من آثار سلبية على الإنتاج الاقتصادي، حيث نتوقع تباطؤ نمو الاقتصاد غير النفطي إلى 2.1 في المئة خلال عام 2016 من 3.6 في المئة عام 2015.

وفيما يلي أهم بنود الرؤية للعام 2030:

● إنعاش الإيرادات غير النفطية من خلال تحقيق إيرادات إضافية بقيمة 600 مليار ريال (160 مليار دولار) بحلول عام 2020، وبقيمة تريليون ريال (266 مليار دولار) بحلول عام 2030، وذلك مقارنة بمستوى إيرادات العام الماضي البالغ 163 مليار ريال.

وبينما تضمنت الخطة وصفاً غير مفصل لكيفية تحقيق هذا البند، يبدو أن الحكومة تطمح  بصفة عامة إلى خلق مصادر جديدة للدخل كفرض الضرائب على الأراضي وعلى الاستهلاك (ضرائب القيمة المضافة)، وضرائب التبغ والمشروبات الغازية والرسوم على الخدمات العامة و"البطاقة الخضراء" التي تخص إقامة غير السعوديين، بالإضافة إلى خصخصة أصول المملكة، ومن المزمع أن يتم توضيح آلية التنفيذ بشكل تفصيلي خلال شهري يونيو ويوليو المقبلين.

● تبقى إصلاحات الدعوم إحدى أهم اهتمامات السلطات السعودية التي من شأنها تحقيق التعزيز المالي، لكنها تستبعد وجود تحرير ضخم لدعوم الطاقة قبل توفُّر مخطط واضح يمكِّن الحكومة من تحديد الفئات ذات الدخل المنخفض.

وستظل أسعار الطاقة والخدمات التي تم رفعها في يناير بين 49 في المئة إلى 104 في المئة كما هي مبدئياً، وأي تحركات أخرى لرفعها ستكون رهن الشروط السابق ذكرها.

● تطمح السلطات أيضاً إلى القيام بخصخصة جزئية لشركة "أرامكو" النفطية من أجل خلق أضخم مؤسسة عملاقة للطاقة عالمياً.

ومن المتوقع أن يتم طرح أقل من 5 في المئة من أسهم الشركة محلياً وعالمياً بحلول عام 2017 على أبعد تقدير.

ويقدّر ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قيمة الشركة التي تنتظر تقييماً كلياً لأصولها عند أكثر من تريليوني دولار، ليصل صافي الخزينة إلى ما لا يقل عن 100 مليار دولار في الاكتتاب الأولي العام.

وسيسمح هذا الاكتتاب بمشاركة المستثمرين الأجانب، وهو ما سيساهم بدوره في دمج السوق مع العديد من الأسواق العالمية وتعزيز استخدام "القوة الناعمة" ورفع مستوى الشفافية في المملكة.

● تتضمن الخطة أيضاً إعادة رسملة صندوق الاستثمارات العامة وتحويله إلى صندوق للثروة السيادية بقيمة تصل إلى تريليوني دولار.

ويعد هذا البند المحور الأساسي لرؤية المملكة لعام 2030 الذي يعتمد على نقل أصول شركة "أرامكو" لهذا الصندوق لمنحه المرونة، التي تمكنه من تطوير محافظ استثماراته المحلية (حيث تبلغ الأصول المحلية  310 مليارات ريال بحسب صندوق النقد الدولي)، بالإضافة إلى محافظ استثماراته الأجنبية (والتي تبلغ حالياً 13.9 مليار ريال أو أقل من 4 مليارات دولار).

وبالمحصلة، فإن ذلك سيؤدي  إلى جعل الدخل الاستثماري هو الدخل الأساسي للمملكة والمظلة الأكبر التي تضم الدخل النفطي وغير النفطي وسيدرّان أرباحهما من خلال صندوق الاستثمارات ومنه إلى الخزينة. وتبدو فكرة صندوق الاستثمارات العامة نموذجاً على غرار تفويض جهاز أبوظبي للاستثمار.

● تشمل الخطة أيضاً بنداً لتأسيس شركة قابضة للصناعات العسكرية بحلول نهاية عام 2017 من أجل تنشيط الصناعات العسكرية على الصعيد المحلي.

إذ تتصور الخطة تصنيع ما يصل إلى 50 في المئة من المعدات العسكرية محلياً ما سيساهم في خلق فرص وظيفية وتحجيم فاتورة إنفاق الحكومة على مكون الدفاع.

● تخصص الخطة اهتماماً لدور المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز مساهمتها في اقتصادالمملكة، وتعطي الخطة دوراً كبيراً لتلك المشاريع التي تعد مصدراً رئيسياً لتحقيق التنويع الاقتصادي، عن طريق زيادة حصتها في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 في المئة من مستواها الحالي البالغ 20 في المئة، وسيكون أيضاً للاستثمار الأجنبي دور مهم أيضاً في هذا البند، كما تهدف السلطات إلى زيادة حصة القطاع الخاص أيضاً من الناتج المحلي الإجمالي من 40 إلى 60 في المئة.

● تهدف الرؤية أيضاً إلى تقليص معدل البطالة في السعودية من 11.5 في المئة إلى 7 في المئة وزيادة معدل مشاركة الإناث من 22 في المئة إلى 30 في المئة.

ومن المفترض أن يتم تحقيق هذه الزيادات من خلال زيادة دور القطاع الخاص، الذي سيتمكن بدوره من استيعاب القوى العاملة المتنامية في السعودية.

● وتلتزم الرؤية أيضاً بتقديم إصلاحات للنظام التعليمي في المملكة، إذ أشار ولي ولي العهد، إلى بعض القصور في مخرجات النظام التعليمي، والذي يفتقر للمقومات الأساسية، التي من شأنها تهيئة الخريجين الجدد للانضمام إلى القوى العاملة بفاعلية.

ويعاني القطاع الخاص من قلة المهاراتن ما أدى إلى لجوء المملكة للاستعانة بالعمالة الوافدة، وتقدم الرؤية مخططاً لإعادة النظر في التعليم وتحقيق التوازن بين التعليم الديني والتعليم، الذي تتطلبه مقومات النهوض بالاقتصاد الحديث.

● كما تشمل الخطة أيضاً إعادة تخطيط متكامل للحكومة ومؤسساتها المختلفة مع التركيز على التقليل من البيروقراطية وزيادة تحسين وتطوير الأداء.

● وتقدم الخطة أيضاً برنامجاً للمقيمين في السعودية تحت مسمى "البطاقة الخضراء"، الذي من شأنه تمكين غير السعوديين من الحصول على توظيف طويل المدى في المملكة، كما سيتمكن الوافدون أيضاً من امتلاك العقار في بعض المناطق.

● تطمح الرؤية في زيادة نسبة امتلاك المنازل في السعودية من مستواها الحالي البالغ 47 في المئة إلى 52 في المئة بحلول عام 2020، حيث لم تستطع السلطات مواكبة الارتفاع المستمر في الطلب على الإسكان وسط تنامي الكثافة السكانية، التي أصبحت قضية اجتماعية مهمة.

ومن المفترض أن تساهم البنود المذكورة أعلاه في إحداث عملية تحويل مفصلية للسعودية لم تشهدها منذ تأسيسها عام 1932.

وإن دلت هذه الرؤية على شيء، فإنها حتماً تدل على جدية المملكة في مواجهة تدني أسعار النفط ومدى تأثيره على الاقتصاد وعلى الأوضاع الاجتماعية والسياسية تباعاً.

وتبقى التساؤلات ما إذا ستنجح السلطات في تحقيق هذه الأهداف لكن الوقت مبكر جداً للتنبؤ بالنتائج، ويجدر القول، إن قيام ولي ولي العهد محمد بن سلمان بترؤس الخطة يعدّ أمراً يُحسب للمملكة، ويعكس مدى قوة وجدية الخطة لا سيما أنه يعتبر من أهم أقطاب النفوذ في المملكة، ويشغل منصب رئيس المجلس الاقتصادي والتنمية وبرنامج "التحول الوطني".

ولأنه يعد الوجه الإعلامي والشخص المعدّ لهذه الرؤية، فسيكون نجاح الرؤية من نجاحه كرمز مهم من رموز المملكة، ومن المؤكد أنه سيحرص على نجاح تنفيذ الخطة وتحقيق العديد من الإنجازات في التوظيف والإسكان، والأهم من ذلك كله الدخل الحقيقي للمملكة.

ويمكن استشعار مدى حاجة المملكة إلى التقليل من اعتمادها على النفط كمصدر للدخل من خلال ردود أفعال العامة، فقد وافق الشعب مسبقاً على رغبة السلطات في اتباع سياسة التضييق المالية من خلال خفض الدعوم والإنفاق على البنى التحتية، على سبيل المثال لا الحصر.

ولكن يتجلى تحدي هذه الرؤية في التنفيذ التدريجي للبنود تجنباً لأي اختلافات اجتماعية واقتصادية.

back to top