الأبنودي ومكاوي وجاهين... ثلاثي العشق والرحيل مثقفون يطالبون بإعادة إصدار أعمالهم

نشر في 29-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 29-04-2016 | 00:01
توافقت أيام رحيلهم فتلاقت أرواحهم في احتفالية كبرى أقامتها وزارة الثقافة المصرية بعنوان «القامات الثلاث» في مناسبة ذكرى وفاتهم التي مرت الأسبوع الماضي...

إنهم عبدالرحمن الأبنودي وصلاح جاهين وسيد مكاوي... ويمثلون «ثلاثي العشق والرحيل».

في مناسبة ذكرى رحيل كل من عبدالرحمن الأبنودي وصلاح جاهين والموسيقار سيد مكاوي، قدّمت فرقة «أوتار»، بقيادة المايسترو الدكتور عمرو عبدالمنعم، مجموعة من إبداعات الراحلين الخالدة من بينها «الليلة الكبيرة»، و»الرباعيات»، و»خللي بالك من زوزو» وهي أعمال مشتركة بين جاهين ومكاوي. ومن الأغاني التي جمعت بين الأبنودي ومكاوي، ومن ألحان بليغ حمدي، قدمت الفرقة «عدى النهار» و»عدوية». كذلك ألقي عدد من القصائد والأعمال الشاعرية لجاهين والأبنودي.

يجمع الثلاثة أكثر من الرحيل، فكل منهم حالة ساهمت في تشكيل الوعي العربي وكانوا عناوين براقة لعبقريات عاشت وتركت بصمتها، خاضت آمال الأمة وطموحاتها، عاشت أفراحها وأحزانها، شهدت انتصاراتها وانكساراتها، فكانت معبرة عن  الواقع  بكل ما فيه.

عمالقة

رحل كل من صلاح جاهين وعبد الرحمن الأبنودي ومكاوي في يوم واحد «21 أبريل» 1986 و2015 و1997.

جاهين الفنان الشامل، كان رسّام كاريكاتير يحمل كرباجاً سياسياً، وكثيراً ما كانت رسومه تصادر. كان ينافس بها كبار الكتّاب، ويلقي شعره بصوته الأجش، ويحلم بأن يلعب في السيرك ويقدم فقرة البهلوان. كان فليسوفاً بصوت شاعر، عاش الانتصارات وساهم فيها، والانتكاسات التي لم يتبرأ من مسؤوليته عنها، حتى قرر أن يخرج من المسرح والدنيا كلها «شيلني شيل.. لا دخلتها برجليا ولا كان لي ميل».

أما «الخال» الأبنودي فتغلب على مشاعر الاكتئاب كافة، وكان يعتبر الألم والحزن ضعفاً، وهو القادم من الصعيد الجواني، حيث الحياة الصعبة والشاقة، لذلك كان كل يوم يخطو إلى الأمام، وقاده ذكاؤه إلى كتابة الأغاني الشعبية خصوصاً، وغنت مصر معه تحت الشجر «يا وهيبة» ومحمد رشدي بعد أن كاد يعتزل الغناء، ثم غنى «عدوية» واستحق الأبنودي أن يكون صوت الغلابة والمهمشين من حراجي القط في السد العالي، إلى وجوه المقاومة في السويس التي غنى لبيوتها الفنان النوبي الأسمر محمد حمام « يا بيوت السويس... يا بيوت مدينتي»... وكما صدم جاهين في الهزيمة صدم الخال في عصر الانفتاح، وكان مرضه سرطان الرئة آخر معاركه، وكان دفنه في الإسماعيلية في يوم رحيل صلاح جاهين نفسه.

وكان جاهين التقى الأبنودي قبل أن يراه من خلال الأشعار، وهو أول من قدم كتابات «الخال» في مجلة «صباح الخير»، حينما كانت تصله من قنا في أقصى جنوب مصر وكان يترقب وصولها كما قال في إحدى مقالاته، وفي الوقت ذاته كان يرتبط بتوأم روحه شيخ الملحنين سيد مكاوي الذي أثرى الحياة الغنائية بروائع ألحانه وقدم فيها خلاصة نبض وكلمات الشعراء.

والمكاوي أحد محترفي التلحين وملوك المقامات. هو المسحراتي الذي ارتبط به الملايين في شهر رمضان من خلال دعاء المسحراتي من أشعار فؤاد حداد، و»اصحى يا نايم والرجل تدب مطرح ما تحب وأنا صنعتي مسحراتي في البلد جوال»... وأبدع بصوته مجموعة من الأغاني الوطنية والعاطفية لعل أشهرها «الأرض بتتكلم عربي»، و»ريح قلبي معاك» و»عطار» و»عندك شك في أيه» و»كده أجمل الكلام». كذلك لحن لكوكب الشرق أم كلثوم عام 1972 رائعة «يا مسهرني» تأليف أحمد رامي، وغنت ألحانه مطربات كثيرات من بينهن وردة وفايزة أحمد ونجاة، وتفوق على نفسه في تلحين وغناء أوبريت الليلة الكبيرة، ليرحل في الذكرى الحادية عشرة لوفاة صديقه المتعدد المواهب صلاح جاهين.

طالب المثقفون بتكريم القمم الثلاث وإعادة طبع أعمالهم وتنفيذ المشروعات الخاصة بمكتباتهم كمتحف الأبنودي، وأكد الشاعر شعبان يوسف ضرورة الاحتفاء بهم كل عام، خصوصاً بما تركوه من تراث وشعر وتأثير في أعماق العرب. و»لكن هذا العام السياسة تغلبت على الثقافة، ورغم ذلك يتم الاحتفال شعبياً بهم من خلال صفحات التواصل الاجتماعي والصحف ومجلات الثقافة الخاصة، كذلك بدأت اهتمام وزارة الثقافة بطبع الأعمال الكاملة لجاهين حتى التي لم ينشر منها احتفالاً به».

وأضاف يوسف لـ «الجريدة» أن وزارة الثقافة في مصر لم تطلق جائزة باسم جاهين، وربما ذلك يكون تقصيراً منها، لكن جاهين لا ينتظر جائزة باسمه ليكون حاضراً في وعي جمهوره.

وأوضح الروائي أشرف العشماوي لـ»الجريدة» أن الثلاث قمم فنية وثقافية كبيرة تستحق الاحتفال، وعلى وزارة الثقافة مسؤولية كبيرة بهذا الشأن.

back to top