من استعمل كهف {شوفيه} ومتى؟

نشر في 28-04-2016 | 00:01
آخر تحديث 28-04-2016 | 00:01
منذ سنتين، ورد كهف {شوفيه} على لائحة مواقع التراث العالمي في اليونسكو، وكان ثلاثة مغاوير هواة اكتشفوه في ديسمبر عام 1994، في جنوب فرنسا.
قبل ذلك، كان العلماء يظنون أن البشر لم يدخلوه فيه منذ أكثر من 27 ألف سنة. ولكن بدأ هذا الكهف الغامض والمؤثر يكشف عن أسراره بوتيرة بطيئة لكن ثابتة.
تشير الدراسات إلى أنّ نسبة كبيرة من لوحات قديمة حُفِظت بأسلوب جميل وتعود إلى حقبة ما قبل التاريخ وتُصَوِّر الأحصنة والأسود وحيوانات وحيد القرن على جدران كهف «شوفيه» في جنوب فرنسا صُنِعت منذ أكثر من 30 ألف سنة، ما يجعلها من أقدم الأعمال الفنية المعروفة في العالم.

جمع العلماء أكثر من 250 تاريخاً باستخدام الكربون المُشِعّ عن عيّنات فنية صخرية وعظام حيوانية وبقايا فحم استعملها البشر وتتناثر على الأرض للتوصل إلى أدق جدول زمني ممكن عن هوية من استعمل الكهف وتوقيت استعماله.

البشر

اكتشف بحث جديد نُشر في {وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم} أن البشر ترددوا على الكهف خلال حقبتين مختلفتين تفصل بينهما آلاف السنين. وتشير بيانات خضعت للتحليل حديثاً إلى أن أول حقبة من الاحتلال البشري دامت بين 33500 و37 ألف سنة. وكتب الباحثون أن الاحتلال الثاني في حقبة ما قبل التاريخ بدأ منذ فترة تتراوح بين 28 و31 ألف سنة ودام بين ألفيَ و3 آلاف سنة.

توضح أنيتا كويلز من {المعهد الفرنسي للآثار الشرقية} وجان ميشيل جينيستي من وزارة الثقافة والاتصالات في باريس (شارك الاثنان في الإشراف على الدراسة) أن الناس لم يعيشوا يوماً في الكهف. يبدو أنهم قصدوا ذلك المكان لابتكار فنونهم الرمزية بكل بساطة.

كتبا في رسالة إلكترونية إلى مجلة {لوس أنجليس تايمز}: {زارت مجموعة بشرية (فرقة أو قبيلة) كهف {شوفيه} خلال الحقبة الأولى منذ 36 ألف سنة تقريباً لأغراض ثقافية، فابتكروا رسومات سوداء لثدييات ضخمة. ثم بعد آلاف السنين، زارت مجموعة أخرى آتية من مكان آخر ولها ثقافة مختلفة الكهف أيضاً}.

أكّد جينيستي وكويلز عدم وجود أي رابط بين المجموعتين اللتين تفصل بينهما آلاف السنين.

كانت أول جولة من الاحتلال البشري أطول من الثانية على الأرجح. وظهر معظم الرسومات خلال تلك الحقبة أيضاً. أُخِذت عينات من 23 رسمة بالفحم في أجزاء مختلفة من الكهف، من بينها لوحات الخيول والأسود وحيوانات الرنة وثيران البيسون.

اكتشف الباحثان أن غالبية التواريخ المبنية على استخدام الكربون المُشعّ والمتعلقة بهذه الرسومات تشير إلى أقدم حقبة من الاحتلال. تطابق تاريخان فقط مع حقبة الاحتلال الثانية. كانت هذه المجموعة الأخيرة من مستخدمي الكهف مسؤولة عن عدد كبير من علامات المشاعل على الجدار.

دببة وانهيارات

يبدو أن الدببة التي تركت آثارها على جدران الكهف عبر الخدوش التي خلّفتها فوق الأعمال الفنية وتحتها استعملت الكهف منذ فترة تتراوح بين 33300 و48500 سنة.

صحيح أن فترة احتلالها الكهف تداخلت مع حقبة وجود البشر، لكن قال كل من جينيستي وكويلز إن الجماعتين لم تتواجدا هناك في الوقت نفسه على الأرجح. بحسب رأيهما، استعملت الدببة الكهف للنوم في فصل الشتاء لكنها أمضت فصلَي الربيع والصيف خارجه. ربما قرر البشر استعماله بعد مغادرة الدببة.

أضافا: {عمد البشر طبعاً إلى تجنّب مقابلة الدببة. في النهاية، يكون دب الكهف حيواناً مفترساً يزن نحو 400 كلغ!}.

اكتشف الباحثان أيضاً أن نهاية كل احتلال بشري تزامنت مع انهيارات صخرية أغلقت مدخل الكهف وأخفته عن البشر طوال آلاف السنين.

قال الباحثان إن التسلسل الزمني الذي يحدد هوية مستعملي الكهف وتوقيت ذلك الاستعمال سيصبح أكثر دقة بعد إضافة البيانات إلى نموذجهما. لكن سيبقى بعض الأسئلة عالقاً. مثلاً، هل اللوحات الحمراء قديمة بقدر اللوحات السوداء؟

كتب جينيستي وكويلز: {تَحَدّد تاريخ اللوحات السوداء وحدها. لكن لم تتطور تقنية لتأريخ اللوحات الحمراء بعد}.

* ديبوراه نيتبورن

back to top