دراسة قانونية تكشف مثالب قانون البصمة الوراثية

نشر في 12-04-2016 | 00:12
آخر تحديث 12-04-2016 | 00:12
• يتيح لجهات غير قضائية الكشف عن بيانات البصمة لأي حالات بذريعة «المصلحة العليا للبلاد»!

• ينتهك الحرية الشخصية ويجعل رفض تقديم العينة جريمة رغم عدم ارتكاب الفرد أي نشاط إجرامي!

• يفوّض إلى الحكومة تحديد صور التجريم وبيان أحكامه رغم اختصاص مجلس الأمة بالتجريم والعقاب!
تشريع يهدر مبدأ البراءة ويسمح بالحصول على العينات جبراً ويخالف المواد 30 و32 و34 و50 و79 من الدستور!

كشفت دراسة قانونية أعدها محامي «الجريدة» حسين العبدالله عن قانون البصمة الوراثية رقم 78 /2015 مخالفة القانون للمواد 30 و32 و34 و50 و79 من الدستور الكويتي، وذلك يوجب على مجلس الأمة إعادة النظر في نصوصه، لما تمثله من تعدٍّ صارخ وواضح على الحقوق والحريات التي كفلها الدستور للأشخاص، وحرم التعدي عليها.

وأكد العبدالله، في دراسته، أن النهج الذي أعلنته السلطة التنفيذية بتعليق إصدار جوازات السفر إلى حين إجراء البصمة الوراثية، يمثل مخالفة واضحة لنص المادة 31 من الدستور التي كفلت حق السفر والتنقل، لافتا إلى أنه سبق للمحكمة الدستورية أن قضت بعدم دستورية إحدى فقرات المادة 15 من قانون الجوازات ووثائق السفر التي اشترطت لاستخراج جواز السفر موافقة الزوج ورأت عدم دستوريتها لتعارض أي تقييد لحق الأفراد مع حق التنقل الذي كفله الدستور، كما أكد قضاء محكمة التمييز عدم دستورية سحب المحاكم جوازات السفر من المتهمين.

ولفت إلى أن قضاء الأحوال الشخصية في محكمة التمييز قرر عدم الاعتماد على البصمة الوراثية في قضايا النسب لعدم دقتها وأنه يعتمد على وسائل الإثبات المحددة بالشريعة وهي الإقرار والفراش والبينة، كما استعرض تجربة ولاية ميرلاند الأميركية، وهي الولاية الوحيدة التي تطبق قانون البصمة الوراثية والتي قننت أمر استخدامها على القضايا الجزائية فقط، وفي حال صدور حكم بالبراءة أو إسقاط الاتهامات يتم إتلافها، وفيما يلي نص الدراسة:

أولاً: فكرة التشريع والأغراض المحددة منه:

تتضمن فكرة القانون رقم 78/2015 بشأن البصمة الوراثية إيجاد قاعدة بيانات للبصمة الوراثية عن كل الأشخاص المتواجدين في دولة الكويت، مواطنين ومقيمين وزائرين، وتحفظ بوزارة الداخلية وتكون إحدى الإدارات الفنية التابعة للوزارة مسؤولة عنها، وتحاط تلك القاعدة، وفق المادة السادسة، بقدر من السرية ويعاقب منتهكها بالحبس مدة لاتجاوز ثلاث سنوات.

ويبين القانون الغرض المحدد من إيجاد قاعدة البصمة الوراثية في تحقيق خمسة أوجه، ويرى المشرع في الوجهين الأول والثاني سببين داعيين إلى إصداره، وهما ما كشفت عنهما المذكرة الإيضاحية للقانون، وهو أولاً ضرورة معرفة الجثث المجهولة، وثانياً محاولة الكشف عن الجرائم. في حين يتضح من نصوص القانون أن هناك ثلاثة أغراض أخرى من القانون، وهي ثالثاً الكشف عن أصول وفروع الأشخاص المشتبه بهم، ورابعاً تسخير قاعدة البيانات للمصالح العليا للدولة، دون أن يحدد القانون ماهي تلك المصالح ونوعها، ولكن ترك أمر تحديدها إلى اللائحة التنفيذية للقانون، وخامساً تبادل المعلومات حول البصمة الوراثية مع عدد من الدول التي ترتبط الكويت معها باتفاقيات مع الجهات القضائية أوالمنظمات الدولية بشرط التعامل بالمثل، على الرغم من عدم وجود قوانين تنظم البصمة الوراثية مع عدد من الدول التي تربطها علاقات قضائية أو إقليمية، لكون الكويت من قلائل الدول في المنطقة التي أصدرت قانونا ينظم البصمة الوراثية.

ثانياً: المخالفات التي تثيرها مواد القانون:

1  تفويض السلطة التنفيذية ببيان أحكام تطبيق القانون التي تسبق واقعة الامتناع المجرم عن إعطاء البصمة بما يخالف المواد 32 و50 و79 من الدستور:

 تنص المادة الثالثة من القانون على أن «تنظم اللائحة التنفيذية أحكام أخذ العينات الحيوية المنصوص عليها في المادة السابقة من الخاضعين لأحكام هذا القانون وإجراء فحص البصمة الوراثية وتسجيلها بقاعدة بيانات البصمة الوراثية، ويتعين أن يتم التسجيل خلال سنة من تاريخ إصدار هذه اللائحة، ويصدر قرار من الوزير -بالتنسيق مع وزارة الصحة- بتحديد المكلفين بأخذ العينات الحيوية والاماكن المحددة لذلك»

ويتضح من المادة الثالثة من القانون تكريسها لفكرة التفويض التي نهى عنها الدستور بموجب الفقرة الثانية من المادة 50 من الدستور وتنازل السلطة التشريعية عن اختصاصها المقرر بموجب الدستور وفق أحكام المادتين 32 و79، حيث تمنح المادة السلطة التنفيذية في اللائحة التنفيذية تقرير أحكام أخذ العينات والتي قد تمتد إلى تحديد صور يتعين على الأفراد القيام بها للوصول إلى فكرة أخذ البصمة، كالامتناع عن استخراج مستندات أو أوراق أو قبول في الوظائف، مالم يتم أخذ العينة أو التقرير بأحكام لم يقررها القانون أو إصدار أحكام تتعارض مع القانون.

ومثل ذلك التفويض التشريعي الذي قررته المادة الثالثة من القانون للسلطة التنفيذية يعد مخالفا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 50 من الدستور والتي نصت على أنه «لا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور»، وذلك لأن اختصاص التشريع للجرائم والعقوبات هو حق مقرر للسلطة التشريعية وحدها، كما أن المادة الثالثة تخالف أحكام الفقرة الأولى من المادة 32 من الدستور والتي تنص على أنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون» ولأحكام المادة 79 من الدستور والتي تنص على أنه «لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير». وإذ إن بيان صور الأحكام المقررة لأخذ العينة وكيفية إجراء ذلك الفحص وتسجيله وحفظه قد تقرر للسلطة التنفيذية وحدها ورتب على الامتناع عن الأخذ بتلك العينة مخالفة بالعقوبة المقررة في المادة 8 منه؛ فإنه يكون مخالفا للفقرة الأولى من المادة 32 من الدستور التي نصت على أنه لاجريمة ولاعقوبة إلا بناء على قانون وليس اللائحة، كما أن المادة 79 من الدستور حددت الجهة المصدرة للقانون بأن نصت على أن «لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدق عليه الأمير»، فيما اللائحة تصدر من السلطة التنفيذية والتي يوكل لها القانون إصدار القرارات التنظيمية لتنفيذ أحكام القانون، لكن القانون لايملك أن يمنحها بيان صور التجريم أو الأحكام المقررة التي يتعين الالتزام بها أو تجنبها، وإلا تقرر معاقبتهم وفق نصوص القانون لأن التجريم والعقاب يكون بقانون.

2   تعارض فكرة الإجبار التي يقررها القانون مع المادتين 30 و34 من الدستور:

تقرر المادة الرابعة من القانون عدم جواز الامتناع عن إعطاء البصمة من قبل الأشخاص الخاضعين لتطبيق هذا القانون، حيث نصت «لايجوز للأشخاص الخاضعين لأحكام هذا القانون الامتناع عن إعطاء العينة اللازمة لإجراء الفحص متى طلب منهم ذلك وخلال الموعد المحدد لكل منهم، وتلتزم كافة جهات وأجهزة الدولة بمعاونة المختصين على أخذ العينات الحيوية اللازمة».

ويتضح من مطالعة نص المادة الرابعة تعارضها مع نصوص المادتين 30 من الدستور والفقرة الثانية من المادة 34 منه، حيث تنص المادة 30 على أن «الحرية الشخصية مكفولة»، كما تنص الفقرة الثانية من المادة 34 على عدم إيذاء الأشخاص جسمانيا أو معنويا، إلا أن المادة الرابعة من القانون تسمح بتطبيق فكرة الإجبار على كل الفئات الخاضعة لتطبيق القانون، مواطنين وأجانب وزائرين، ومثل هذا الوجوب يعني الإجبار في السماح للجهات المختصة بأخذ العينات في المواعيد التي تحددها تلك الجهات دون أن تسمح لهم بخيار الرفض، وهو مايتعارض تماما مع نص المادة 30 من الدستور التي تؤكد على أن الحرية الشخصية مكفولة، فضلا عن تعارض فكرة الإجبار مع الدستور في العديد من مواده.

ويسمح النص في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون بإلزام كافة الجهات وأجهزة الدولة إلى معاونة المختصين على أخذ العينات، وهو مايعني سماح النص بتطبيق صور لعملية الإجبار لأخذ العينات من الأجهزة المعنية، ولو جبرا، وحتى لو استلزم ذلك مساهمة وتدخل الأجهزة الأمنية، وهو مايخالف صراحة نص الفقرة الثانية من المادة 34 من الدستور والتي تنص على «ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً».

3  خروج القانون عن الأهداف الداعية لإصدار القانون والتوسع بعملية الكشف:

نصت المادة الخامسة من القانون على أن «للجهات المختصة بالتحقيق والمحاكمة الاستعانة بقاعدة بيانات البصمة الوراثية في الأمور التالية:

• تحديد ذاتية مرتكب الجريمة وعلاقته بها.

• تحديد ذاتية المشتبه فيهم والتعرف على ذويهم.

• تحديد أشخاص الجثث المجهولة.

• أية حالات أخرى تقتضيها المصلحة العليا للبلاد أو تطلبها المحاكم أو جهات التحقيق المختصة».

والملاحظ في حكم المادة السابقة هو خروج التشريع عن الغرض المحدد له في الكيفية التي سوف يستفاد بها من البصمة الوراثية، وذلك لأن الغاية التي دفعت المشرع والتي أفصحت عنها المذكرة الإيضاحية للتشريع هي التعرف على الجثث أو لبيان تحديد مرتكب الجريمة، فيما توسع النص على غير معنى في تحديد هوية المشتبه بهم وأسرهم، رغم أنهم مشتبه بهم، فماعلاقة أسرهم بالاشتباه بهم، والأمر الذي يدعو للغرابة وللتساؤل والاستفهام ما سمحت به المادة الخامسة من القانون في فقرتها الأخيرة من إمكانية الكشف عن قاعدة البصمة الوراثية لأية حالات تقتضيها المصلحة العليا للبلاد، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: من يحدد المصلحة العليا للبلاد ويقدر قراراته دائما على أنها تأتي للمصلحة العليا للبلاد غير السلطة التنفيذية على أرض الواقع؟ فيما القضاء والنيابة لايملكان ذلك، لأنهما لايطلبان الاستعانة بقاعدة بيانات البصمة الوراثية إلا بناء على قضية محل تحقيق أو محاكمة، ولن يستعينا بكشف سرية بصمة أو عينة إلا إذا تطلب التحقيق أو المحاكمة ذلك، ولن يطلبا، وليس من صلاحياتهما أن يقررا طلب الاستعانة بالبصمة الوراثية لدواعي المصلحة العليا للبلاد، وهو الأمر الذي يثير الاستغراب بأن يتقرر للجهات المختصة بالتحقيق أن تطلب الاستعانة ببيانات البصمة الوراثية، ومن دون تحقيق جنائي أو قضية أمام المحكمة إذا ما دعت المصلحة العليا للبلاد! أم أن هناك جهات تحقيق أخرى ستطلب الاستعانة بقاعدة بيانات البصمة الوراثية لكون النص حمل عبارة الجهات المختصة بالتحقيق، ومنها على سبيل المثال إدارة تحقيق الجنسية، وهي جهة ليست بقضائية للتأكد من نسب الأفراد من عدمهم ليكون مدعاة لسحب أو إسقاط الجنسية عنهم، ومن ثم يكون القانون هنا قد خرج عن التنظيم المقرر له بالقانون، ودخل في دائرة تقدير المصلحة العليا للبلاد، بل وحجب رقابة القضاء لاحقا على قرارات الإسقاط أو السحب لكونها من مسائل الجنسية والتي مازالت أحكام القضاء غير مستقرة بعد على اختصاصه بالرقابة عليها، ومن ثم كان يتعين على المشرع الكويتي ألا يتوسع في أمر الكشف والاستعانة بقاعدة بيانات البصمة الوراثية، وأن يقصرها على الجرائم على الأقل، تماشيا مع تجارب الدول القليلة التي أصدرت قانون البصمة الوراثية، ومثل هذا التوسع في أمر الاستعانة والكشف على قاعدة بيانات البصمة الوراثية قد يكون مدعاة للابتزاز السياسي أو الجنائي من قبل بعض الأجهزة الأمنية لبعض الأفراد لمجرد الخلاف أو الاختلاف!

4   إهدار قرينة البراءة بما يخالف المادتين 30 و34 من الدستور:

تنص المادة الثامنة من القانون على أن «يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على سنة وبغرامة لاتزيد على عشرة آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من امتنع عمدا ودون عذر مقبول عن إعطاء العينة الحيوية الخاصة به أو بمن له عليهم ولاية أو وصاية أو قوامة».

والملاحظ في نص المادة الثامنة من القانون وقوعه في محظورين دستوريين: الأول مخالفته لنص المادة 30 من الدستور والتي تكفل الحرية الشخصية للإنسان، وتجسيد تلك الحرية يتمثل في حق الإنسان في الامتناع عن ممارسة أي نشاط لايرغب في إتمامه أو القيام به إلا برغبته الشخصية دون إكراه أو تهديد من أي فرد أو جهة كانت، طالما أن ذلك النشاط الذي امتنع عن الإتيان به لايمثل تعديا على الأفراد ولا أموالهم ولا اعتداء على الدولة ولا على أجهزتها أو نظامها العام، أو مايهدد أمنها واستقرارها، خصوصا أن التعرض لحريات الأفراد أو حقوقهم اللصيقة بهم وإمكان الكشف عنها أو عن الحياة الخاصة والتي أحاطها الدستور بقدر كبير من الحماية وحرم المساس بها لايكون إلا ببعض الحريات وليس جميعها وبقدر مسموح به، وعلى سبيل الاستثناء، ومثل هذا الاستثناء إن أقر فلا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه، والنص في المادة السابقة ينتهك حرية الأشخاص في تقرير رفضهم ويدعوهم إلى القبول جبرا ولو مكرهين على تمكين الأجهزة المعنية بذلك على أخذ البصمة، وإلا واجهوا الحبس أو الغرامة,

وأما المحظور الثاني الذي وقع به النص فهو إهداره لقرينة البراءة التي كفلها الدستور لكل شخص كان، بأن افترض أن كل ممتنع عن إعطاء البصمة مدان، وقرر بصريح المادة الثامنة عقوبة الحبس سنة أو الغرامة التي لاتزيد على 10 آلاف دينار أو إحدى هاتين العقوبتين على من يرفض ويمتنع عن إعطاء العينة الخاصة به للجهات المسؤولة عن أخذها في المكان والميعاد اللذين تحددهما تلك الجهات، وبالتالي فالنص افترض الإدانة مسبقا لمجرد الامتناع عن أخذ العينة، وإلا واجه الممتنع عقوبة السجن أو الغرامة التي لاتزيد على 10 آلاف دينار، بل إنه قدر لذات الجهة بحث العذر المقدم ممن يرفض إعطاء العينة، ولها أن تقبله أو ترفضه، وكأن سلوك الرفض بات هو الآخر مجرما بما يتعارض مع قرينة البراءة التي كفلتها المادة 34 من الدستور بفقرتها الأولى، والتي تنص على أن «المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع».

وفي هذا الشأن قررت المحكمة الدستورية في عام 2003 عدم دستورية نص البند6 من المادة 17 من القانون رقم 13 لسنة 1980 في شأن الجمارك، فيما تضمنه هذا البند من جعل نقل وحيازة البضائع الممنوعة التي لم يقدم الناقل والحائز لها ما يثبت استيرادها بصورة نظامية، في حكم التهريب، حيث أكدت «وأصل البراءة باعتباره قاعدة أساسية في النظام الاتهامي إنما يمتد إلى كل فرد، سواء أكان مشتبها فيه أو متهما، وهذه القاعدة التي أقرتها الشرائع والمواثيق الدولية ليس القصد منها حماية المذنبين، وإنما لتدرأ بمقتضاها العقوبة عن الفرد إذا كانت التهمة الموجهة إليه تحيطها الشبهات دون التيقن من مقارنة المتهم للفعل محل الاتهام، ذلك أن الاتهام الجزائي في حد ذاته لا يزحزح أصل البراءة الذي يلازم الفرد دوما ولا يزايله، ولا سبيل لدحض أصل البراءة إلا بقضاء جازم لا رجعة فيه ينقض هذا الافتراض على ضوء الأدلة التي تقدمها النيابة العامة، مثبتة بها الجريمة التي نسبتها إليه بتوافر كل ركن من أركانها، بما في ذلك القصد الجنائي بنوعيه، إذا كان أمرا متطلبا فيها، وبغير ذلك لا ينهدم أصل البراءة التي فطر الإنسان عليها باعتباره من الركائز التي يستند إليها مفهوم المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور، ويمثل قاعدة لا فكاك عن وجوب التقيد بها وتقتضيها الشرعية الإجرائية ويتطلبها الدستور صونا للحرية الشخصية».

5 قصور القانون في أمر تجريم الكشف عن سرية بيانات البصمة لغير الموظفين:

نصت المادة التاسعة من القانون «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لاتزيد على ثلاث سنوات كل من أفشى سرا من أسرار العمل أو بيانا من بيانات البصمة الوراثية يكون قد اطلع عليها بحكم عمله».

والحكم في المادة السابقة يتضمن عقابا لحالتين فقط هما:

أولاً: بمعاقبة الشخص الذي يفشي سرا من أسرار العمل في الجهاز الذي يعمل على حفظ بيانات البصمة الوراثية التابع لوزارة الداخلية.

ثانياً: بمعاقبة الشخص الذي يفشي بيانا من بيانات البصمة الوراثية يكون قد اطلع عليها بحكم عمله.

والحكم في الحالتين السابقتين يتحدث عن ضمان السرية للمعلومات والبيانات المرتبطة بعمل هذا الجهاز والبيانات الخاصة بالبصمة الوراثية ويعاقب الموظفين المنتهكين لتلك الأسرار والبيانات، لكن النص لايعاقب أي شخص ينتهك أسرار وبيانات البصمة الوراثية إذا كان غير موظف في جهاز البصمة الوراثية، فعلى سبيل المثال إن قام أحد الأشخاص بإفشاء الأسرار أو الأخبار تحت أسماء وهمية في وسائل التواصل الاجتماعي أو في موقع مسؤول عنه فلن تتم مساءلته وفق هذا القانون المشدد بالحبس، وإنما قد تتم مساءلته على جرائم أخرى أقصى عقوباتها هي الغرامة وفق العقوبات المقررة المقررة بقانون جرائم تقنية المعلومات، لأن النص يقرر عقاب من يفشي السر أو المعلومات للموظفين في الجهاز ومن هم خارج الجهاز فالنص لايقرر أية عقوبات بحقهم، خصوصا إذا رفض من قام بنشر تلك المعلومات أو البيانات الكشف عن الموظف الذي زوده بها، وهو مايكشف قصور القانون في ملاحقة الأشخاص الذين يفشون الاسرار أو البيانات الخاصة بالبصمة، وهم ليسوا بموظفين في الجهاز المسؤول عن البصمة أو من يقومون بنشرها وبثها.

6    توسع القانون على فكرة الاستثناء التي يمكن الخروج بها والتي عملت بها التشريعات:

تنص المادة 11 من القانون على أن «تسري أحكام هذا القانون على جميع المواطنين والمقيمين والزائرين وكل من دخل الاراضي الكويتية على النحو الذي تنظمه اللائحة».

والبين من حكم المادة 11 من القانون هو خروجها على فكرة التنظيم التي سلكتها العديد من التشريعات لإيمانها بأن فكرة التشريع هي استثناء، ومثل هذا الاستثناء لايمكن التوسع به، إلا أن السلطة التنفيذية أخذت الأصل جميعه وقررت هي أن تحدد من تريد وضعه من استثناءات في اللائحة التنفيذية التي أشار القانون إلى وضعها دون أن يراعي التشريع حجم التوسع الذي منحته تلك المادة على الفئات التي أراد المشرع إخضاعها لأخذ العينات وتركها للسلطة التنفيذية وحدها بأن تقرر وضعها دون قيد أو شرط منه.

والمستغرب في حكم المادة 11 هو إخضاعها لجميع المواطنين والمقيمين على أرض الكويت والزائرين لإجراء البصمة، في حين أن هذا الإخضاع لم تقرره أي من الأنظمة القانونية الأخرى في كل دول العالم سوى في الكويت، ولو تقررت البصمة الوراثية في بعض الدول لتقررت في حالات ضيقة، وعلى سبيل الاستثناء، وعلى المتهمين في عدد من القضايا الجنائية وليس في جميع القضايا.

ومثل هذا التوسع في أخذ العينة على كل المواطنين والمقيمين والزائرين سيسمح بإحالة العشرات مالم يكن المئات من المواطنين والأجانب الرافضين لأخذ البصمة منهم إلى القضاء، وذلك للعيوب التي تعتري نصوص هذا القانون أولاً، وثانياً لأن الأنظمة القانونية للأجانب أو الزائرين ترفض بالأساس إخضاعهم لتلك الإجراءات ومنها أخذ العينة جبرا عنهم، وقد يحدث ذلك أزمات دبلوماسية بين الكويت وتلك الدول التي رفضت دولها إقرار تلك القوانين، فكيف لها أن تطبقه على مواطنيها خارج البلاد بدعوة زيارتهم إلى دول تلزمهم بإجرائها ولو كانت زيارتهم لها لفترة مؤقتة ولدواعي الضرورة، وقد يمتد إجراء تلك العينات على البعثات الدبلوماسية في الكويت والوفود الرسمية القادمة من الخارج، خصوصا أن نص المادة 11 لم يعفِ أحدا من إجرائها لا مواطنا ولا مقيما ولا زائرا ومن دخل الأراضي الكويتية.

ثالثاً: جواز تقييد أية حقوق كالسفر بإجراء البصمة:

على الرغم من التفويض المخالف للدستور الذي منحه مجلس الأمة للسلطة التنفيذية وفق المادة الثالثة من القانون من تقريره لصور تطبيق أحكام البصمة والتي يتعين الالتزام بها، وحال مخالفتها سيتم توقيع العقوبة المقررة لذلك، ومثل هذا النهج كشفت عنه تدريجيا السلطة التنفيذية عبر عدة تصريحات من مسؤوليها من أنها لن تقوم بصرف جوازات السفر إلا بعد إجراء الأفراد للبصمة الوراثية والسماح بأخذ العينة، وهو ما يعد إحدى صور تعليق حق استخراج جواز السفر وتعطيلا لحق التنقل الذي كفله الدستور والذي سبق للقضاء أن تصدى له في العديد من الأحكام والتي نوردها على النحو التالي:

1  مخالفة حق التنقل والسفر الذي كفله الدستور:

نصت المادة 31 من الدستور الكويتي على أنه «لا يجوز القبض على إنسان أو حبسه أو تفتيشه أو تحديد إقامته أو تقييد حريته في الإقامة أو التنقل إلا وفق أحكام القانون...»، وتعليق حق السفر والتنقل الذي كفله الدستور وعدم صرف جواز السفر إلا بعد إتمام البصمة الوراثية أمر يخالف المادة 31 من الدستور، لسببين: الأول أن لا رابط بين أمر تنظيم استخراج جواز السفر من قبل وزارة الداخلية وبين إتمام البصمة الوراثية، وذلك لأنه ليس من الأوراق والمتطلبات اللازمة لاستخراج الجواز ما يبرر إتمام البصمة الوراثية نهائيا، ولا رابط بينهما. والسبب الثاني أن تعليق حق السفر إلى حين إتمام البصمة الوراثية يمثل تعديا على حق الأفراد في التنقل الذي كفله له الدستور ومصادرة من غير علة وتقييد بلا مقتض، بل ويفتح هذا التعدي للأفراد الحق في اللجوء للقضاء لإلغاء القرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية بمنعهم من صرف جوازات سفرهم، بل وتعويضهم عن الاضرار التي أصابتهم من جراء منع صرفها.

2    حكم الدستورية بقضية جواز سفر المرأة:

سبق أن تصدت المحكمة الدستورية في الطعن رقم 56/2008 وقضت بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 15 من القانون رقم 11/1962 في شأن جوازات السفر والمعدل بالقانون رقم 105/1994 فيما تضمنته من النص على أنه «لايجوز منح الزوجة جواز سفر مستقل إلا بموافقة الزوج»، تأكيدا منها على عدم جواز تقييد حق التنقل الذي كفله الدستور، وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها بذلك الحكم الهام على أن الحكم في المادتين 30 و31 من الدستور «دال على اعتبار الحرية الشخصية أساسا للحريات العامة الاخرى وحقا أصيلا للانسان وقوامها الاستقلال الذاتي لكل فرد، وإرادة الاختيار تمثل نطاقا لها لاتتكامل شخصيته بدونها، ومن دعائمها حرية التنقل وحق السفر المتفرع عنها، وهي في مصاف الحريات العامة لايجوز مصادرتها بغير علة أو مناهضتها دون مسوغ أو تقييدها بلا مقتض، وقد عهد الدستور طبقا للنص سالف الذكر الى السلطة التشريعية بتقدير هذا المقتضي، ولازم ذلك أن يكون تحديد شروط استخراج جواز السفر وهو الوثيقة التي بمقتضاها يكون ممارسة الحق وبدونها يزول هذا الحق ويصبح هباء منثورا، الأصل في شأنها هو المنح استصحابا لأصل الحرية في التنقل، والاستثناء هو المنع، وأنه وإن كان تنظيم حق التنقل والسفر يقع في نطاق السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في موضع تنظيم الحقوق كما سلف البيان، إلا انه من غير الجائز أن يفرض المشرع تحت ستار هذا التنظيم قيودا يصل مداها إلى حد نقض هذا الحق أو الانتقاص منه أو إفراغه من مضمونه».

ويتضح من تلك الحيثيات رأي المحكمة الدستورية في محاولات تعليق ممارسة حق التنقل على أي شروط أو قيود لممارسته، ومن ثم فإن إقدام السلطة التنفيذية على تقييد حق التنقل باستخراج جواز السفر إلى حين إجراء البصمة الوراثية للأفراد سيعرض تلك اللائحة إن تضمنت ذلك للطعن عليها أمام المحكمة الدستورية، وذلك لمخالفتها نص المادتين 30 و31 من الدستور.

3    كفالة حق التنقل والسفر وفق قضاء محكمة التمييز:

ليس القضاء الدستوري وحده الذي تطرق إلى حق الأفراد بالتنقل وحظر تضييق ممارسة هذا الحق أو تعليقه على أية شروط لممارسته، بل إن قضاء محكمة التمييز في الطعن رقم «149/2010 جزائي 1» ألغى حكم محكمة الاستئناف الجزائية لدى سحبها لجواز سفر أحد المواطنين بدواعي إخضاعه للتدابير لإجباره على عدم معاودة الجريمة، فقررت إلغاء ذلك الحكم وأعادت إليه جواز سفره، لمخالفة حكم سحب ذلك الجواز مع حقه بالتنقل الذي كفله له الدستور الكويتي.

وقالت محكمة التمييز في حيثيات حكمها الهام «لما كان ذلك وكان يبين من نصوص الباب الثالث من الدستور الكويتي والخاص بالحقوق والواجبات العامة أن المشرع الدستوري قد ارتقى بالحرية في الإقامة والتنقل في مدارج المشروعية ورفعها إلى مصاف الحقوق والحريات العامة فجعل من حرية السفر والتنقل داخل البلاد وخارجها بوصفها أحد مظاهر الحرية الشخصية حقا دستوريا مقررا للفرد لايجوز المساس به دون مسوغ أو الانتقاص منه بغير مقتض، ولا أن يتخذ تنظيم هذا الحق ذريعة للعصف او التغول عليه، كما أحاط هذه الحرية بسياج قوى من الضمانات التي تكفل حسن رعايتها وتمام ممارستها على أكمل وجه، بأن حظر وضع قيود عليها إلا في أضيق نطاق، وعلى سبيل الاستثناء، فلا يجوز عملا بالفقرة الأولى من المادة 31 من الدستور تقييد حرية أحد في التنقل أو السفر إلا وفق أحكام القانون الذي يصدر من المشرع العادي بتنظيم إجراءات وضوابط هذا التقييد، وبما لايمس هذا الحق أو ينتقص منه أو يعطله دون مقتضى من المصلحة العامة للمجتمع والدولة».

القانون الأميركي في ميرلاند يرفض الحصول عليها جبراً

لعدد من الدول تجارب في تطبيق قانون البصمة الوراثية، ومنها ولاية ميرلاند في الولايات المتحدة الأميركية فقط واتفاق يربط عددا من الدول الأوروبية وعددها ثماني دول فقط، وكلتا التجربتين تهدفان إلى مكافحة الجريمة فقط، كما أنهما لاتلزمان الأفراد الخاضعين للبصمة الوراثية بأخذ البصمة منهم، ومن المهم أن نورد تجربة ولاية ميرلاند فقط بتطبيق قانون البصمة الوراثية، في حين لم تنص باقي الولايات الأخرى على هذا القانون بعد لما يمثل جدلا كبيرا حول إصداره.

ومن المهم تسليط الضوء على تجربة البصمة الوراثية في ولاية ميرلاند في تناول التشريع والحالات التي ينص عليها وتناول قضاء المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأميركية عندما تصدت لأحد الطعون على هذا القانون وذلك على النحو التالي:

أولاً: تجربة تشريع ولاية ميرلاند الأميركية للبصمة الوراثية:

سمح القانون رقم 2/504 الصادر من ولاية ميرلاند عام 2009 بتطبيق البصمة الوراثية من الجهات المختصة في ولاية ميرلاند بأخذها في خمس حالات من قبل الأشخاص المحددين في القانون، وفي ظل جرائم محددة ولمدة محددة فقط، وتلك الحالات هي:

1-الأشخاص المدانون بعقوبة الحبس في قضايا الجنايات وفي قضايا الانتهاك الواردة في القوانين الجنائية الأميركية رقمي 205/6 و206/6 الصادرة من ولاية ميرلاند والتي تتضمن تجريم قضايا الكسر ودخول المسكن او المخزن أو الكسر بقصد ارتكاب السرقة أو ثبوت أي نوع من المسروقات مع المتهم، وكذلك الأشخاص المدانون بقضايا السرقة، وكذلك المدانون بقضايا الجنحة بسرقة السيارات أو الممتلكات المتصلة بالسيارات عن طريق الكسر.

2-الأشخاص الذين تتم إدانتهم بالأحكام ويتم إيداعهم السجن بكل القضايا الجزائية، وكذلك الأشخاص الذين يتم إدانتهم بعقوبات الايداع وتوقيع الاختبار القضائي بحقهم.

3- الأشخاص المحبوسون في السجن من بعد الأول من أكتوبر عام 1999 إلى قبل الأول من أكتوبر عام 2003 في قضايا جنائية او بقضايا الانتهاك للقوانين الجنائية المختلفة وفق القوانين 205/6 و206/6، والمدانون بجرائم عنف أو محاولة ارتكاب لجرائم العنف، أو المتهمون بجرائم السطو أو محاولة ارتكاب جريمة السطو.

وينص قانون ولاية ميرلاند على أن وضع العينة للبصمة الوراثية في حالة الاتهام يكون بموافقة المتهم على أخذها ووضعها في القضية، ويكون ذلك قبل أول تاريخ لجلسة المحاكمة، كما ينص على أنه في حالة موافقة المتهم عليها وصدور حكم بالبراءة في القضية أو عدم التمكن من الاستمرار في القضية، لأن التهم لاتؤهل الاستمرار بها فإن على الجهة التي أخذت العينة بشأن البصمة الوراثية أن تقوم بإعدامها وإتلافها وتقوم بإخطار الشخص ومحاميه بأمر إتلاف البصمة.

كما ينص قانون الولاية على أنه يجوز للقاضي أن يأمر بإيداع البصمة الوراثية للمتهم أثناء المحاكمة في نظام قاعدة بيانات الحمض على مستوى الولاية وأن يكون حكمه بذلك مسببا.

ثانياً: رأي المحكمة العليا بشأن قانون  ميرلاند حول البصمة:

أكدت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأميركية «supreme court» بقضية «ميرلاند كنج» في حكمها الصادر بتاريخ 3 يونيو 2013 والذي أصدره تسعة قضايا وافق عليه خمسة قضاة، واعترض عليه أربعة قضاة أكدوا فيه على أن طريقة الحصول على الوجنات من الحمض النووي للموقوف تكون مثل البصمات والتصوير الفوتوغرافي، وأن حالة الاشتباه التي كان بها الموقوف تبرر أمر اعتقال الضابط له ونقله للمركز لإجراء تحليل الوجنات من الحمض النووي.

وأضافت المحكمة الأميركية في حيثيات حكمها أن «قانون ولاية ميرلاند أقر سلطات تنفيذ القانون لجمع العينات من الحمض النووي من الفرد الذي وجهت إليه جريمة عنف أو محاولة ارتكاب جريمة خطف أو سطو، ويحدد قانون ميرلاند جريمة العنف لتشمل القتل والاغتصاب والاعتداء من الدرجة الأولى، ويكون الأخذ بالبصمة بموافقة الفرد، وأنه في حالة عدم تأهل التهم بحق الفرد فإنه يتعين إتلاف العينة المأخوذة فورا».

مفاجأة تكشفها الأحكام: «الداخلية» تملك قاعدة بيانات للفحص الوراثي قبل القانون!

رغم أن الأسباب التي ساقتها الحكومة لاستصدار قانون البصمة الوراثية تعود إلى الفراغ التشريعي، وتهدف إلى تكوين قاعدة بيانات لمساعدة ضبط الجريمة، كشف الواقع العملي عدم صحة مزاعم الحكومة التي سوقتها على مجلس الأمة بذلك الأمر، حيث تبين وجود قاعدة بيانات لجميع المحكومين في السجن المركزي، وتحمل البصمات الوراثية لهم.

والواقع العملي أكد قبل صدور القانون استعانة الأجهزة الأمنية بالفحص الوراثي للمتهمين للكشف عن الجرائم قبل صدور هذا القانون، ما يكشف أن وزارة الداخلية تملك قاعدة بيانات للمحكومين المتهمين قبل صدور هذا القانون، وهو ما كشفت عنه الأحكام القضائية النهائية الصادرة قبل عام 2015، الذي صدر به قانون البصمة الوراثية، ويؤكد أن الحكومة تريد بهذا القانون تحقيق مسائل أخرى خلاف تكوين قاعدة بيانات للمحكومين أو ضبط المشتبه فيهم.

وكشفت الأحكام القضائية الجزائية، الصادرة من محكمة التمييز، وتعرض «الجريدة» بعض محتواها الذي يثبت اعتمادها على الفحص الوراثي للمحكومين في إدانتهم، والفحص الوراثي لملاحقة المتهمين، وهو الأمر الذي يثير تساؤلا مهما، وهو لماذا إذاً الفحص الوراثي على المواطنين والمقيمين والزائرين طالما أن الداخلية تملك قاعدة بيانات للمحكومين وتستطيع ملاحقة المشتبه فيهم؟!

محاكم الأحوال الشخصية لا تعترف بالـ Dna لإثبات النسب

استقرت أحكام محكمة التمييز الكويتية بقضايا الأحوال الشخصية إلى عدم الاعتراف بنتائج البصمة الوراثية في قضايا إثبات النسب، وذلك لعدم اعتراف أحكام الشريعة الإسلامية كدليل إثبات إلا في ثلاث وسائل لإثبات النسب، وهي الإقرار والفراش والبينة.

وأكدت محكمة التمييز في حكم هام لها «عدم الأخذ بالبصمة الوراثية كدليل لإثبات النسب، وذلك لإمكانية الخطأ فيها وعدم دقتها، وأنه طالما وجدت وسائل الإثبات للنسب بالإقرار والفراش والبينة فلايمكن الاعتداد بالبصمة»، كما أكد حكم آخر أنها «وسيلة للدفاع يقدمها من يرغب بذلك» وهو ما يعني تقديمها طواعية دون إجبار أو إكراه.

ومن ثم فإنه، وعلى سبيل المثال، لو أرادت السلطة التنفيذية أن تصدر قرارا بسحب الجنسية من أحد الاشخاص للحصول عليها بالتزوير، لأنه ليس له نسب، مستندة بذلك إلى البصمة الوراثية، فلمن سحبت منه الجنسية بعد نفي نسبه أن يقوم برفع دعوى قضائية بطلب إثبات نسبه إلى والديه، وفي حال تقديمه إقرارا أو مايثبت الفراش أو البينة بشهادة الشهود، فسوف يعود له نسبه ولن يؤخذ حينها بنتيجة الفحص الوراثي لاستقرار قضاء التمييز على وسائل الاثبات للنسب المقررة بقانون الأحوال الشخصية، ومن ثم سيقوم برفع دعوى قضائية للمطالبة برد جنسيته بعد ثبوت نسبه مجددا.

back to top