خطة صينية للسيطرة على الطاقة الكهربائية في العالم

نشر في 09-04-2016
آخر تحديث 09-04-2016 | 00:00
طرح رئيس مجلس إدارة الشركة الصينية للكهرباء فكرة تقضي بإمكانية ربط الشبكات الكهربائية في شبكة عالمية تنتج الطاقة من طواحين هوائية في القطب الشمالي وألواح شمسية واسعة في الصحاري الإفريقية، ثم توزيعها في شتى أنحاء العالم.
 بلومبرغ • تنشط شبكة كهرباء الدولة في الصين، وهي الأكبر من نوعها في العالم، لشراء أصول طاقة كهربائية في أستراليا على أمل اضاقتها الى رصيدها من شركات الكهرباء في ايطاليا والبرازيل والفلبين.

وكما أشارت وكالة بلومبرغ الاخبارية في وقت سابق فإن الهدف من وراء هذه العملية لا يقتصر على جانب الاستثمار فقط بل يتعدى ذلك الى غايات اخرى، فعلى أي حال، لدى رئيس مجلس ادارة الشركة الصينية الحكومية "ليو جنيا" خطة ترمي، بحسب اعتقاده، الى انهاء  ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم، وتشغيل الملايين من العمال وتحقيق السلام بحلول سنة 2050.

وتهدف هذه الفكرة الى ربط الشبكات المشار اليها وغيرها في شبكة عالمية تنتج الطاقة الكهربائية من طواحين هوائية في القطب الشمالي وألواح شمسية واسعة في الصحاري الإفريقية، ثم توزيع الطاقة الكهربائية على شتى أنحاء العالم، وتشتمل شريحة الفوائد الأخرى ضمن هذه الخطة، كما يقول ليو جنيا، على انتاج "مجتمع من مصير مشترك لكل البشرية تعم فيه السماء الزرقاء والأرض الخضراء".

وهذه طبعاً فكرة مجنونة، ولو تم اقتراح ما تدعى حلقة الربط العالمية من أي شخص آخر غير رئيس أغنى شركة في العالم في الطاقة الكهربائية، لم يكن الكثير من الخبراء ليكترثوا كثيراً بها على أي حال، ولكن الشركة الحكومية الصينية التي حققت من العوائد ما يصل الى 50 مليار دولار في السنة الماضية تعطيها الرصيد المالي الضخم والموقف السياسي الذي يمكنها من وضع أولوياتها على جدول أعمال الطاقة الدولية.

وفي شهر سبتمبر الماضي دعا الرئيس الصيني زي جينبنغ بشكل علني الى اجراء محادثات حول قضية اقامة شبكة كهربائية عالمية فيما شاركت مؤسسات بحث رائدة، بما فيها أرغون ناشنال لابوراتوري ومعهد اديسون للكهرباء، في مؤتمرات تدرس مسألة ما سوف تحتاج اليه فكرة تأسيس شبكة من هذا النوع.

جوانب التقنية

وسواء تم تأسيس مثل تلك الشبكة أو لا، فإن التقنية التي تبرز الفكرة الكبيرة التي طرحها ليو جنيا قد غيرت في الأساس كيفية توليد الطاقة الكهربائية وتوزيعها في العقود المقبلة.

وتجدر الإشارة الى أن فكرة إنشاء "شبكة فائقة" للكهرباء تعود الى حقبة السبعينيات من القرن الماضي على الأقل عندما تم لأول مرة تطوير تقنيات التيار الكهربائي المباشر العالي الطاقة. وهي تسمح بعملية توزيع بعيدة للتيار الكهربائي تتسم بهدر أقل للطاقة، مما تقوم به الأنظمة التقليدية التي تستخدم التيار المتناوب المعروف.

وفي أميركا الشمالية لم يتم بعد استخدام تقنية الطاقة الكهربائية العالية بقدر كبير، أما في الدول النامية – حيث مصادر الطاقة الشائعة مثل السدود الهيدروكهربائية – تقع في مناطق بعيدة عن العملاء في أغلب الأحيان، فهي منتشرة بصورة أوسع، وقد أنفقت الصين – وهي أكبر مستهلك للطاقة في العالم – حوالي 65 مليار دولار في تحديث خطوط التيار العالي في سنة 2014، وقد هدفت بشكل جزئي الى ربط مزارع الرياح المعزولة جغرافياً مع المدن الساحلية السريعة النمو.

تطور طبيعي

وفي بعض الجوانب، يبدو توسيع الشبكة الكهربائية، عبر خطوط وطنية، مثل تطور طبيعي، وقبل أكثر من عقد من الزمن اقترحت مجموعة ألمانية ما يدعى "دزرتك" وهي شبكة توزع الطاقة الشمسية من شمال إفريقيا إلى أوروبا. وفي غضون ذلك وفي سنة 2012 اقترح ماسايوشي صن، وهو رئيس سوفت بنك في اليابان، إقامة "شبكة كهربائية آسيوية فائقة "تعتمد على مزارع رياح عملاقة في منغوليا من أجل تزويد الكهرباء إلى كوريا الجنوبية واليابان والصين وربما الى روسيا أيضاً.

ومنذ أيام انضمت الشبكة الحكومية بصورة رسمية الى "سوفت بنك" وطاقة كوريا الكهربائية وروزيتي بي جي اس سي من أجل دراسة امكانية تنفيذ مثل ذلك النظام.

وسوف تشكل أي واحدة من هذه الخطط نعمة بالنسبة الى منتجي الطاقة الشمسية والرياح، ولكن نظراً لأن الشبكات المقترحة اقليمية فسوف تعاني من حالات الشك وعدم اليقين إزاء التعويل على الطاقة المتجددة، ومن الوجهة النظرية، ستحل الشبكة الكهربائية العالمية تلك المشكلة عن طريق ربط مولدات الطاقة في المناطق القطبية وخط الاستواء.

وبشكل فعلي، على أي حال، فإن شبكة الطاقة العالمية سوف تحصل على أشعة الشمس بصورة دائمة وسوف تتدفق الطاقة طوال الوقت ليلاً ونهاراً من دون انقطاع.

السؤال المهم

والسؤال المهم هو: كيفية إدارة مثل هذا النظام، وظهر في كتاب فني للغاية، كتبه ليو جنيا يصف بالتفصيل هذه العملية، غياب سلطة توزيع مركزية للطاقة، وبدلاً من ذلك تطرق الى اقامة شبكة ذكية على غرار الانترنت تقوم بتوزيع الطاقة حسب الحاجة مع تغير موقعها بصورة آلية وبلوغ مختلف المناطق ذروة الطلب على الطاقة خلال اليوم.

الفكرة قابلة للتطبيق من الوجهة الفنية، ويتم توزيع الطاقة اليوم بشكل أكبر من أي وقت مضى، كما أن تقنية الشبكة الذكية تتحسن بصورة سريعة، ولكن رؤية ليو جنيا تواجه عوائق جيوسياسية كبيرة بما في ذلك القوانين (في اليابان على سبيل المثال) التي تحظر استيراد الطاقة من دول أجنبية.

وبالمثل يبدو من غير المحتمل أن تتمكن الصين من إقناع الدول التي تسيطر على المنطقة القطبية بفتح أقاليمها أمام استثمارات الطاقة الصينية.

ثم هناك قضية التكلفة، وتقدر الشبكة الحكومية الصينية أن تطوير شبكة كهربائية عالمية حقيقية سوف يكلف 50 تريليون دولار وهو ما يتطلب مشاركة دولية تستمر عقوداً من الزمن.

ولكن على الرغم من ذلك لا يوجد سبب لاستبعاد طموحات ليو، وبينما قد لا تتم اقامة الشبكة الفائقة على الاطلاق فإن شبكات اقليمية أكبر وأكبر سوف تظهر وتنمو، كما أن الولايات المتحدة التي تقوم بتحديث شبكتها الكهربائية العتيقة قد تعمد الى تطوير شبكتها الخاصة أو أن تتزعم واحدة اقليمية مقتبسة الفكرة الصينية لهذه الغاية.

* آدم منتر | Adam Minter

back to top