ندوة «رفع الدعم»: ضرورة ابتعاد الحكومة عن القرارات العشوائية

نشر في 08-02-2016 | 00:01
آخر تحديث 08-02-2016 | 00:01
No Image Caption
الموسى: إجراءات السلطة لا تؤدي المطلوب حيال الوضع الكارثي... والتفكير في تخفيض الدينار جريمة
أقام يوسف الفضالة ندوة حول رفع الدعم الحكومي في ظل انخفاض أسعار النفط، شهدت إجماع المتحدثين فيها على ضرورة معالجة مواطن الخلل ومكافحة الفساد في ميزانية الدولة قبل الذهاب إلى جيوب المواطنين وتقليص الدعم.

أجمع المتحدثون في ندوة "رفع الدعم الحكومي في ظل انخفاض أسعار النفط"، على ضرورة مكافحة الفساد وإيقاف مواطن الهدر في الميزانية العامة للدولة، مشددين على ضرورة عدم تحمل المواطن مسؤولية أي سوء في ادارة اقتصاد البلد، بالاضافة الى مصارحة المواطنين بالوضع الاقتصادي الحالي.

وأكد المتحدثون في الندوة التي اقامها النائب السابق يوسف صالح الفضالة في ديوانه أمس الاول، بمشاركة كل من وزير النفط وزير التنمية والتخطيط السابق على الموسى، ووزير التجارة السابق أحمد باقر، والكاتب الاقتصادي محمد رمضان، على ضرورة الابتعاد عن القرارات العشوائية التي لا تتسم بالاصلاح الاقتصادي الحقيقي.

بداية، قال الفضالة إن الحكومة في أول اختبار حقيقي لإنهاء عجز الموازنة اتجهت إلى جيب المواطن، وكأن هذا المواطن هو سبب العجز، مضيفا أن هذا يمثل اتهاما مباشرا للمواطن وكأنه صاحب القرارات الاقتصادية في البلد.

وأضاف: "على العكس من ذلك، كان المواطن هو أول من يتحمل المسؤولية ويبادر إلى أعمال يجب أن تقوم بها الحكومة"، لافتا إلى قيام الكثير من المواطنين ميسوري الحال ببناء مدارس ومستوصفات ومساجد وحتى المواطن العادي يساهم ويشارك في الكثير من أعمال الخير، مستشهدا بما قامت به مبرة قرية القطامي التي تبرعت بمعالجة 600 حالة سرطان.

وحذر الفضالة من قرارات حكومية عشوائية، "حيث إنها لا تضع اصبعها على الجرح مباشرة، ولا تواجه المشاكل مباشرة، وكأن الحلول الحكومية المقترحة تأتي من كوكب آخر ولا تمت بصلة لأساس المشكلة".

حل الكسالى

وأشار إلى أنه مع كل مشكلة تتهرب الحكومة من المواجهة، موضحا أن مواجهة المشكلة الاقتصادية ببساطة تحل بطريقتين، الأولى زيادة إيراد الدولة وهذا لم تفكر به الحكومة أصلا واتجهت إلى تخفيض المصروفات، والأخرى إلغاء الدعم "وهذا حل الكسالى"، لافتا إلى أن الحكومة تأثرت بموجة رفع الدعم بدول الجوار التي تختلف ظروفها عن الكويت.

وقال الفضالة: "نريد قراراً استراتيجياً واحداً اتخذته الحكومة لكي نبرر رفع الدعم، ففي عام 2010 كان هناك قرار زيادة استقطاع صندوق الاجيال من عشرة إلى خمسة وعشرين في المئة، واليوم يخبروننا ويصرحون بأن الاستقطاع 10 في المئة، فأين ذهبت الـ 15% الأخرى".

وأضاف: "نحن نعلم أننا في إقليم ملتهب ولكن يجب ألا يصور المواطن بأنه سبب الهدر"، مشيرا إلى أنه تم سحب ثلاثة مليارات بموافقة المجلس الحالي للتسليح".

وتابع: "لا يوجد تصور مستقبلي أو حل حكومي للحد من تضخم بند الراوتب، وحتى مع رفع الدعم سيرتفع بند الراوتب رغم العقود المليارية التي وقعتها الحكومة"، لافتا إلى أن "الحكومة لم تلزم الشركات الموقعة على هذه العقود بتوظيف الكويتيين لتخفيف بند الرواتب كعقودها في مشروع الوقود البيئي".

وأشار إلى أن "الحكومة لا ترى المشكلة الحقيقية، فالأحرى ليس رفع الدعم بل إيقاف مخصصات القياديين بالدولة وليس خفضها، وكذلك إيقاف العلاج بالخارج وفرض ضريبة على تحويلات الوافدين، ونحن لا نعاني من دولة مديونة بل المشكلة أن الحكومة كسولة، ولا تريد للشمس أن تشرق".

وبيّن أن المشروعات الصغيرة تجربة مبدعة لابتعادها عن البيروقراطية الحكومية، إلا أنه مع تشكيل هيئة دخل هذا القطاع "بشرباكة" الحكومة، فمنذ أربع سنوات لم تقرض هذه الهيئة أحدا.

إطلاع الشعب على الحقائق

من جهته، قال الوزير السابق علي الموسى إن إقامة هذه الندوة دليل تقصير في الأداء الحكومي، "فالحكومة لم تفعل شيئا حتى الآن، وما يحدث أشياء رمزية لا تؤدي الغرض المطلوب في مواجهة العجز".

وطالب الموسى بضرورة اطلاع الشعب على كل الحقائق، وقيام مجلس الأمة بتوجيه أسئلة صحيحة لكشف الأمور، مبيناً أن علينا الوصول إلى قرارات سليمة دون أن يتأثر بها السلم الأهلي.

وأشار إلى أن الاقتصاد الكويتي مبني على أسس العدالة الاجتماعية، وهناك تخوف من ألا يحقق فتح باب تقليص الدعم هذه العدالة، فهناك من يستفيد بالملايين من الدعم بعيدا عن المواطن العادي.

ووصف الوضع بأنه كارثي بكل المقاييس، "ويجب ألا يبدأ الاصلاح بالصغار، فالأغنياء هم الأكثر استفادة من الدعم، ولا يمكن تعديل أسعار الوقود دون توفير دعم نقدي لشرائح مجتمعية، وسحب الدعم يجب أن يحقق العدالة الاجتماعية، فالشعب تربى على الدعم ولا يمكن سحبه مرة واحدة، بل بالتدرج مثل كثير من دول العالم".

وأشار إلى امكانية تعديل آلية اعتماد الميزانية، "فالقانون لا يمنع ذلك ولدينا الاليات المتوافق عليها، لأن القضية تمس الجميع، وعلى الحكومة أن تصارح الشعب بحقيقة الأمر عن الميزانية، فنحن لا ندري عن السحوبات شيئا، كما أنه من الممكن ببساطة استنزاف الاحتياطيات".

خفض الدينار

وحذر الموسى من التفكير في تخفيض الدينار ووصفه بـ "الجريمة"، معربا عن أمله ألا يكون هذا الموضوع موضع تداول علني، "وعلى الحكومة أن تبث روح الطمأنينة بالتصرف والاجراءات الفعلية التي تحقق العدالة وفق الدستور".

تنافس حكومي - نيابي

من جهته، أشار وزير التجارة السابق أحمد باقر إلى أنه كانت هناك توقعات سابقة بهذا العجز بسبب الاعتماد على مصدر اقتصادي واحد لسنا متحكمين في أسعاره، مضيفا أن هذا هو واحد من الاختلالات الهيكلية في المجال الاقتصادي، فالحكومة هي الموظف الوحيد للشعب، وهناك صراع على الوظائف القيادية فيها.

وذكر أن من أسباب هذه الأزمة التنافس بين الحكومة وبعض النواب الشعبويين على اتخاذ قرارات أهدافها انتخابية على حساب المال العام.

وأشار باقر إلى أن "المناقصات المليارية أرسيت على شركات فردية غير مدرجة بالبورصة، ولا يمكن أن تحقق أي عوائد على الاقتصاد والشعب الكويتي"، داعيا إلى تنفيذ الملاحظات التي تتضمنها تقارير ديوان المحاسبة، لافتا إلى أن "الشعب الكويتي يريد عدالة وتكافؤ فرص وتفعيل الرقابة البرلمانية كما ينبغي".

وأضاف: "نحتاج إلى برنامج حكومي للإصلاح يكافح الفساد من خلال تقارير دورية تقدم إلى مجلس الأمة، ويطلع الوزراء المختصون الشعب عليها من خلال نشر الأخبار عن قضايا الفساد والحقيقة عن الاحتياطات المالية الخارجية والفوائض التي تحققت في السنوات الماضية، إذ يجب أن نواجه الناس ونشرح لهم الحقائق".

وبيّن أن المواطن مستعد للمساهمة وفق قواعد وقف الفساد والشفافية والصفقات المليارية وإيقاف الهدر في العلاج في الخارج والبدء بالكبار قبل الصغار، فهناك من هو مستفيد من أراضي الدولة ودعمها أكثر من استفادة المواطن العادي من الدعم، مضيفا أنه يجب تشجيع التوجه للعمل في القطاع الخاص من خلال توزيع الأراضي على أصحاب المشاريع الصغيرة وتنفيذ عدد من القوانين المقرة منذ عام 2007، وهي قوانين مهمة تفعل الدورة الاقتصادية في البلد.

وأكد باقر أنه حان الوقت لأن تدفع الشركات للدولة جزءا يسيرا جدا من الأرباح، فالدولة وفرت لها الكثير من الدعم، مضيفا أن الحلول تتم من خلال سلة حلول متكاملة (باكج) وإعلام فاعل ومقاومة الهدر والفساد.

وأوضح "أننا بحاجة إلى حملة اعلامية توضح ماذا عملت الحكومة لمكافحة الفساد، كما أننا نحتاج إلى اصلاحات هيكلية وتوزيع الاراضي على الشباب، فقد حان وقت الاصلاح ولا يجوز تأخيره".

المستفيدون من الدعم

اختتمت الندوة بكلمة الكاتب الاقتصادي محمد رمضان الذي دعا إلى ضرورة أن يكون المواطن آخر من تطاله عملية الاصلاح الاقتصادي، موضحا أن المستفيدين من الدعم هم التجار والصناعيون والمقيمون.

وأشار رمضان إلى ضرورة وجود نظام شرائح للدعم، وأن يوجه إلى الأسر المستحقة، وألا يحسب راتب الزوجة ضمن دخل الاسرة، وفقا للتقاليد والاعراف المجتمعية، مبيناً أن من الحلول المقترحة ربط الدعم بعلاوة خاصة توزع على المواطنين تزداد وترتفع حسب سعر النفط، مشيرا إلى أن ثلث الدعم الحالي للمواطن والمقيمين والباقي للمصانع والمتاجر.

وقال رمضان: «يجب ألا يبدأ العلاج بالمواطن، وأن مجلس الأمة الحالي إذا لم يدافع عن المواطنين فسيكون هناك شأن آخر»، مضيفا: «تو الناس بالتقنين على المواطنين والاحتياطيات كبيرة».

back to top