هبوط أسعار النفط لن يعوق الاقتصاد الأميركي

نشر في 06-02-2016
آخر تحديث 06-02-2016 | 00:01
شهد إنتاج النفط الأميركي تراجعاً في حقبة التسعينيات، لكنه تضاعف بشكل تقريبي منذ 2008، بفضل التقنيات الحديثة كالتكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي، وقد تقوم الولايات المتحدة بتصدير النفط مجدداً، لأول مرة خلال أربعة عقود.
 بلومبرغ • تقول مصادر الحكومة الأميركية إن الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي نما بوتيرة سنوية بلغت 0.7 في المئة خلال الربع الأخير من السنة الماضية.

ولندع ذلك الرقم جانباً، إنه "التقدير المتقدم" وسوف يقوم مكتب التحليل الاقتصادي بمراجعته وتنقيحه خلال الأشهر والسنوات المقبلة، وسوف تكون هذه المراجعات كبيرة بشكل خاص عند نقاط يميل الاقتصاد فيها من مربع النمو الى الركود، أو العكس، وهذا ما حدث بالنسبة إلى تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من سنة 2008، والتي تبين أنها كانت بداية الركود الكبير.

 وهناك من يخشى الآن أن يميل الاقتصاد الأميركي نحو الركود، وهذا أمر ممكن، ولكن من الواضح أن أرقام الناتج المحلي الإجمالي المتقدم اليوم لن تكشف الكثير عن احتمال حدوث ذلك، كما أن معلومات اخرى صدرت عن مكتب التحليل الاقتصادي نشرت الأسبوع الماضي – عن الناتج المحلي الاجمالي في الصناعة خلال الربع الثالث من عام 2015 – قد توفر نظرة أكثر عمقاً حول احتمال حدوث ركود اقتصادي.

وثمة صناعة معينة تثير الفضول والاهتمام وهي صناعة النفط والغاز وقد هبطت أسعارهما بسبب تراجع الطلب العالمي وتخمة المعروض، وبشكل عام تعتبر أسعار الطاقة المنخفضة جيدة بالنسبة الى الاقتصاد الأميركي.

وفي حقبة التسعينيات من القرن الماضي كان سعر النفط رخيصاً في معظم الأحيان وكانت أوضاع الاقتصاد جيدة في معظم الأوقات، وفي عامَي 1997 و1998 – ومع هبوط أسعار النفط 50 في المئة بسبب الاضطرابات الاقتصادية في الأسواق الناشئة – نما الناتج المحلي الاجمالي في الولايات المتحدة بنسبة 4.5 في المئة بوتيرة سنوية.

وتعود الاضطرابات الآن الى الأسواق الناشئة وقد هبط سعر الأساس في خام برنت بنسبة 70 في المئة منذ شهر يونيو عام 2014 وربما تكون الطفرة وشيكة في الوقت الراهن.

حقبة التسعينيات

وعلى أي حال فإن انتاج النفط في الولايات المتحدة شهد تراجعاً في حقبة التسعينيات من القرن الماضي بينما تضاعف بشكل تقريبي منذ سنة 2008، وذلك بفضل التقنيات الحديثة مثل التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي، وقد تقوم الولايات المتحدة بتصدير النفط من جديد، وذلك لأول مرة خلال أربعة عقود من الزمن.

ومن الممكن أن تكون صناعة النفط والغاز أصبحت مهمة بالنسبة الى الولايات المتحدة بحيث تفضي الاضطرابات فيها الى اعاقة الاقتصاد.

ويبين الرسم البياني الثاني قياساً تقريبياً لحصة صناعة النفط والغاز في الناتج المحلي الاجمالي منذ أواخر حقبة السبعينيات.

 يذكر أن صناعة النفط والغاز أصبحت أكثر أهمية منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي، ويجدر عدم الاستهانة بتحقيق 3.1 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي التي تحققت في سنة 2014، وإذا اختفت بصورة مفاجئة وتامة صناعة النفط والغاز فإن ذلك سوف يدفع الاقتصاد الى ركود عميق، لكنها لن تختفي فجأة طبعاً، وعندما كانت في أدنى حصة لها من الناتج المحلي الاجمالي في التسعينيات من القرن الماضي كان ذلك بسبب ازدهار بقية قطاعات الاقتصاد، ولكن الهبوط الحاد والمفاجئ في صناعة النفط والغاز – كما حدث في عام 2009 – يمكن أن يفضي الى اعاقة الاقتصاد.

ما مدى اعاقة النفط والغاز للاقتصاد خلال الفترة الأخيرة؟ تشير التقديرات الى أن النسبة تصل الى ثلاثة ارباع القيمة المضافة لصناعة التعدين في سنة 2014، وفي ما يلي (بالرسم البياني الثالث) معدل اسهام النفط والغاز في النمو الحقيقي للناتج المحلي الاجمالي منذ عام 2010.

 من المؤكد انه ليس رسماً يسهل تقبله، ولكنه يظهر أن التعدين انتقل من تحسين نمو الناتج المحلي الاجمالي في معظم الوقت في الفترة ما بين 2010 الى 2014، فقد انتقل الى خفض ذلك الانتاج في الربعين الماضيين.

وعلى الرغم من ذلك لم تشكل صناعة النفط والغاز جزءا كبيراً من نمو الناتج المحلي الاجمالي خلال السنوات القليلة الماضية، ويبدو أن الرسم البياني يشير الى أن صناعة النفط والغاز أسهمت بقدر أكبر في النمو خلال الفترة من سنة 2003 الى 2008 عندما انتعشت عمليات التكسير.

وفي غضون ذلك، يستمر الاقتصاد الأميركي في استخدام المزيد من النفط الخام، وبقدر يفوق ما ينتجه (شكلت المستوردات الصافية حوالي 27 في المئة من استهلاك النفط في الولايات المتحدة في سنة 2014 – بحسب ادارة معلومات الطاقة).

ولكن مستهلكي النفط والغاز الطبيعي يشكلون بصورة عامة ما يفوق كثيراً المنتجين بالنسبة الى النشاط الاقتصادي الأميركي، وفي ما يتعلق بالمستهلكين تعتبر الطاقة الرخيصة جيدة، ولذلك فإن تأثيرات متاعب صناعة النفط والغاز على الاقتصاد يجب أن تكون، في نهاية المطاف، أكثر مما تعوضه المكاسب في قطاعات اخرى، مع الأخذ في الاعتبار عدة ملاحظات، أولاها أن انتاج الغاز الطبيعي انتقل من الارتفاع بصورة بطيئة الى وتيرة سريعة، والثانية أن صناعة آلات حقول النفط والغاز ومعدات التصنيع وغير ذلك من الصناعات المتصلة بها لا يمكن ادراجها هنا لأن مكتب التحليل الاقتصادي لا يقسم قطاع التصنيع بشكل مفصل.

والثالثة أن هذا القياس لإنتاج صناعة ما يطرح منه كل ما تزود به الصناعات الاخرى، ويقوم مكتب التحليل الاقتصادي بعمل ذلك بهذه الطريقة لأن إضافة انتاج النفط والغاز والفحم ونقل الشاحنات سوف يضاعف حساب النفط المستخدم في ميادين اخرى، أما الرابعة فهي أن الحديث هنا يتمحور حول شروط اقتصادية دورية، وبالتالي فإن الأسعار المتدنية للوقود الحفري قد تمثل مشكلة لأسباب اخرى.

back to top