أمين الهنيدي «الفهلاو» (4 من 5) «ساعة لقلبك» يضم الكوميديان الشاب

نشر في 20-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 20-01-2016 | 00:01
البرنامج كان العتبة الأولى إلى الأفلام السينمائية
في الحلقة السابقة من سيرة الفنان أمين الهنيدي، لاحظنا أنه لم يكن موفقاً في دراسته الجامعية بكلية الآداب، بسبب انشغاله بفريق التمثيل في الجامعة، وبعد عامين من الرسوب انتقل إلى كلية الحقوق، وحين رسب في عامه الأول التحق بمعهد التربية الرياضية، وأضحى مدرساً للتربية البدنية في المنصورة، واهتم بزيارة مسرح الريحاني بالقاهرة كل خميس، حتى شارك في مسرحية بطولة عادل خيري وماري منيب، وبدأ يلفت الأنظار إليه.

ورغم سفره إلى السودان بتكليف رسمي للعمل مدرسا للتربية الرياضية، لم يضيع أمين وقته به، خاصة أنه أصبح لديه الكثير من وقت الفراغ، فاقترب كثيرا من زميل عمله وصديقه محمد أحمد المصري، وتلاقت أفكارهما وميولهما معا، وتحديدا في الموهبة وحب الفن، فقررا تأسيس فرقة مسرحية في "النادي المصري" بالخرطوم، ضما لها عددا من الفنانين السودانيين الهواة، وقدما معا عددا من المسرحيات التي سبق أن قدمها الفنان والمخرج عبدالعزيز أحمد، خلال فترة وجوده بالسودان، مطلع الأربعينيات.

وفي ما يلي تفاصيل الحلقة الرابعة من سيرة الفنان أمين الهنيدي:

خرج أمين من لقاء الفنان عبدالمنعم مدبولي والمنتج والكاتب سمير خفاجي، لا يشعر بأنه يمشي، بل شعر بأنه عاد إلى المنصورة طائرا، لم يصدق ما حدث له، فقد وضع قدمه على أول طريق الاحتراف، سيعمل من خلال الإذاعة المصرية، التي تدخل كل بيت في مصر، وسيستمع إلى صوته الصغير قبل الكبير، من خلال برنامج "ساعة لقلبك".

وصل أمين إلى المنصورة، وفي صباح اليوم التالي توجه إلى المدرسة، ليتقدم بإجازة من عمله، ليحزم حقائبه ويعود إلى القاهرة، غير أنه ما إن وصل إلى المدرسة، حتى صدم بما لم يتوقعه:

= أنت فين يا أستاذ... بقالنا أسبوع بندور عليك؟

* في أيه يا أستاذ متولي... ما أنت عارف إني في إجازة... دي كمان لسه هاتخلص بكرة.

= بكرة أيه وبعده أيه؟... تعالى يا أستاذ أمضي الأول على جواب التكليف، وبعدين قول بكرة وبعده.

* تكليف أيه يا أستاذ متولي؟... أنا جاي أجدد الإجازة.

= مافيش إجازات يا أستاذ أمين... امضي امضي.

* هو أيه ده بس اللي هأمضي عليه.

= يعني هأمضيك على بيع العزبة والأطيان... امضي يا أستاذ، وبعدين اقرأ.

كانت صدمته كبيرة عندما طالع أمر التكليف، ليجد أنه بعثة إلى السودان، للعمل هناك مدرسا للتربية البدنية... لكن كيف ذلك؟ فهذا الخطاب حتما سيقف حائلا بينه وبين تحقيق حلمه، وليس هناك أي وقت للتفكير أو التأجيل، حيث اكتشف أن موعد تسلم عمله الجديد في السودان قبل أسبوع فقط... فقرر أن يتقدم باستقالته، وعدم السفر، لولا تدخل والدته، التي جاهدت كثيرا لإثنائه عن قراره، بدعوى أن ما قد يتوهم أنه فرصة لن تتكرر، من الوارد جدا أن تتكرر كثيرا، في حين أنه إذا فقد وظيفته، فلن تتكرر.

مسرح في السودان

ما إن هبط أمين في محطة قطار وادي حلفا بشمال السودان، حتى وجد اثنين من زملائه المدرسين بالسودان في انتظاره، ليركبوا قطارا آخر، لاصطحابه إلى الخرطوم:

= أهلا أهلا... حمد لله على السلامة... السودان نورت... أخوك محمد أحمد المصري... والمصري دي اسم وصفة... وده أخونا السوداني الأستاذ محمد يوسف وردي... مدرس اللغة العربية.

* أهلا بكم، وأنا محسوبكم أمين عبدالحميد محمد أمين الهنيدي مدرس التربية البدنية.

= إيه يا راجل اللي أنت عامله ده؟

* أيه خير، عملت أيه؟

= جارر كل الناس دي وراك من مصر ومشحططهم معاك.

* أنا جاي لوحدي... ناس مين؟

= عم عبدالحميد وعم محمد وعم أمين الهنيدي.

- والله أنت حكاية غريبة يا محمد أفندي... الزول هسه واصل... بعدين بيصدق.

* هاهاها... باين على الأستاذ أنه ابن نكتة، وبيحب الهزار.

= لا، ماتبصليش دلوقت... أنا أول ما جيت السودان من ست سنين كنت أد كده مرتين... بس زي ماتقول كده قشرت... ما أنا بقيت سوداني.

* لا، دا أنت ملك أوي... ماخبيش عليكم، أنا كنت جاي وقلقان إني ماعرفش أتأقلم هنا، لكن يظهر إني حبيتكم من أول محطة.

- أهلا بك في بلدك يا زول.

لم يضيع أمين وقته في السودان، وخاصة أنه أصبح لديه الكثير جدا من وقت الفراغ، فاقترب كثيرا من زميل عمله وصديقه محمد أحمد المصري، وتلاقت أفكارهما وميولهما معا، وتحديدا في الموهبة وحب الفن، فقررا على الفور تأسيس فرقة مسرحية في "النادي المصري" بالخرطوم، ضما لها عددا من الفنانين السودانيين الهواة، وقدما معا عددا من المسرحيات التي كان سبق وقدمها الفنان والمخرج عبدالعزيز أحمد، خلال فترة وجوده في السودان، مطلع الأربعينيات، وتحدث عنها طويلا مع أمين الهنيدي، خلال فترة عمله بمسرح الريحاني، فأدخل عليها بالمشاركة مع محمد أحمد المصري، بعض التعديلات، بما يتناسب مع المرحلة الجديدة، من دون أن ينسيا أن ينسباها للفنان عبدالعزيز أحمد، منها: "حلمبوحة، ملكة الغابة، فوق لنفسك، جت سليمة، زهرة الحارة"، فلاقت عروضهما نجاحا غير عادي.

أمضى أمين الهنيدي في السودان أربع سنوات، مدرسا للتربية البدنية، لم تنقطع خلالها صلته بالقاهرة، ففي كل إجازة كان يحاول أن يصل علاقاته الفنية، وخاصة أعضاء برنامج "ساعة لقلبك"، وفي كل إجازة يلحون عليه هو وصديقه محمد أحمد المصري، في أن يعودا ويستقرا في القاهرة والانضمام إلى البرنامج، وفي نهاية الإجازة وقبل عودتهما يؤكدون لهما أن مكانهما لايزال شاغرا، وأنهم في انتظارهما.

قبل نهاية السنة الدراسية لعام 1957، طلب أمين من الإدارة بالقاهرة، وكذلك في السودان، أن يكون هذا العام هو نهاية عمله بالسودان، وهو ما فعله أيضا صديقه محمد أحمد المصري، ولم ينتظرا أن يأتيهما الرد بالموافقة، وأرسلا برقية إلى فهمي عمر وعبدالمنعم مدبولي يزفان إليهما خبر انتهاء مدة ندبهما إلى السودان، بل وحددا موعد عودتهما إلى القاهرة، وقبل أن ينتهي العام الدراسي كان الرد بالموافقة قد وصلهما، فحزما حقائبهما وأمتعتهما واتجها إلى القاهرة.

العودة إلى «فهلاو»

على رصيف قطار وادي حلفا بمحطة سكك حديد مصر بالقاهرة، نزل أمين الهنيدي ومحمد أحمد المصري، ليجدا مفاجأة لم يتوقعاها، فكان في انتظارهما كل من الفنان عبدالمنعم مدبولي، والكاتب يوسف عوف، ومعهما الإذاعي فهمي عمر، ولم يمهلهما أن يرتاحا من عناء السفر ووضع حقائبهما، حيث قد حجز لهما حجرة في أحد الفنادق القريبة، وضعا فيها حقائبهما، وتوجها معا إلى مسرح نادي "بنك مصر" في إمبابة، حيث يتم تسجيل حلقات البرنامج، بعد أن تم التعاقد معه على أن يتقاضى في الحلقة 99 قرشا.

كان في المسرح كل أعضاء فرقة "ساعة لقلبك"، وكل منهم يستعد بالشخصية التي سيقدمها من خلال البرنامج، فؤاد المهندس في شخصية "محمود" وخيرية أحمد في شخصية "زوجة محمود"، فؤاد راتب، الذي يقدم شخصية "الخواجة بيجو"، وأحمد الحداد في شخصية "الرغاية"، ومحمد يوسف في شخصية "المعلم شكل"، ومحمد عمر فرحات في شخصية "الدكتور شديد" حسين الفار في شخصية "سلطان الجزار"، ولطفي عبدالحميد في شخصية "فتلة"، ومعهم: محمد عوض، سعيد حشمت، عبدالمنعم إسماعيل، بدر الدين نوفل، أنور محمد، منير الفنجري، صلاح المصري، كامل أنور، نبيلة السيد، رفيعة الشال، وجمالات زايد، لينضم إليهم العضوان الجديدان، أولهما محمد أحمد المصري، الذي أعدوا له شخصية طالما أحبها وعرف بها، وهي شخصية "أبولمعة"، ذلك الرجل الذي يكذب ويدعي ما ليس فيه، حيث يبالغ في حديثه بلا حدود... أما العضو الثاني، فهو أمين الهنيدي، الذي بدأ على الفور في كتابة اسكتشات خاصة لشخصية "فهلاو"، التي كان ابتكرها قبل سفره إلى السودان، وقدمها طوال فترة غيابه الإعلامي فهمي عمر، فابتكر العديد من المواقف التي يمكن أن يقوم بها "فهلاو"، سواء في قريته، أو عندما ينزل إلى المدينة، ويصطدم بالعديد من مظاهر الحياة العصرية، لينطلق البرنامج لأول مرة بصوت "فهلاو" في التاسعة والنصف مساء (الثلاثاء) 12 أغسطس 1958.

شارك الفرقة في أغلب الاسكتشات من يقومون بكتابتها، وعلى رأسهم عبدالمنعم مدبولي، الذي يتولى أيضا الإخراج، حيث كتب وقدم العديد من الاسكتشات، من بينها: "في الملاهي، في السينما، مصوراتي على البلاج"، وشاركه في تقديم بعضها يوسف عوف، كما كتب "في مكتب متعهد الحفلات"، بالمشاركة مع أنور عبدالله، ويوسف عوف، حيث كتب الأخيران أيضا عددا كبيرا من الاسكتشات، فضلا عن الاسكتشات التي كتبها، سمير خفاجي، من بينها: "دور على غيرها، ما كان من الأول، طلعالي في البخت، أنا مين فيهم، الستات ملايكة"، بالاشتراك مع عبدالمنعم مدبولي، كما كتب "البعض يفضلونها قديمة"، بالاشتراك مع محمد دوارة، إضافة إلى ما يكتبه أحمد طاهر، ومحمد يوسف.

زاد الإقبال بشكل كبير من جمهور البرنامج في المسرح، كما هي الحال في الإذاعة، حتى إن "بنك مصر" لم يعد يتسع للجمهور، فتنتقل الفرقة من المسرح للمرة الرابعة، بعد أن بدأت في مسرح الإذاعة بشارع علوي، الذي لم يكن يتسع لأكثر من 50 فردا، كما لم يتسع مسرح "بنك مصر" لأكثر من 300 فرد، وكذلك مسرح الريحاني، الذي انتقلوا إليه للمرة الثالثة، والذي يتسع لما يقرب من 500 فرد، فاستأجرت الإذاعة مسرح "الهوسابير"، الذي يضم 1000 متفرج، حتى إن القائمين على البرنامج استعانوا بالشرطة لتنظيم الجماهير الموجودة، بل إن البرنامج توقف أكثر من مرة، لعدم القدرة على استيعاب الإقبال الجماهيري، ومن وقت لآخر قررت الإذاعة تقديمه في بعض الأماكن المفتوحة، مثل "حديقة الأندلس"، لاستيعاب أكبر عدد من الجمهور.

قرر أمين مد إجازته من المدرسة، والانتقال للعيش في القاهرة بشكل نهائي، بعد أن حققت شخصية "فهلاو" نجاحا كبيرا مع الجمهور، سواء من يحضر منه حلقات البرنامج بشكل مباشر في المسرح، حتى إنهم يستقبلونه ويودعونه على خشبة المسرح، بعاصفة من التصفيق، أو الجمهور، الذي يستمع إليه عبر الأثير، وخاصة بعد أن تمكن من إضافة نبرة صوت مميزة للشخصية، لدرجة أنها أصبحت ملازمة له في كل أحاديثه، حتى ظن الجمهور أنه صوته الحقيقي، فنزل أمين على رغبة الجمهور، وأصبح يتحدث طوال الوقت بهذه النبرة، ليصبح خلال عامين، أحد أهم أعمدة الفرقة، بعد أن اشتهر بالشخصية واشتهرت به، وهو ما دفع الإذاعة لاستغلاله مع بقية أعضاء الفرقة في المسلسلات الإذاعية، فارتبط بهم جمهور الإذاعة من دون أن يراهم، وهي المشكلة التي باتت تؤرق أمين.

 إن الجمهور يحفظ اسمه عن ظهر قلب، بل ويحفظ "إفيهاته" ويرددها، غير أن أي فرد من الجمهور إذا التقى به وجها لوجه، لن يستطيع التعرف عليه، لذا كانت السينما هي حلمه وشغله الشاغل، مثل بقية أعضاء الفرقة، حتى جاءت الفرصة التي ينتظرها وينتظرونها جميعا، عندما قام المخرج عيسى كرامة باستغلال هذا النجاح، وقدمهم من خلال اسكتش "حي حي" في فيلم "حماتي ملاك" أمام عملاق الكوميديا إسماعيل ياسين، عام 1959، ليشاهد جمهور السينما لأول مرة أغلب أعضاء فرقة "ساعة لقلبك" على الشاشة، فكان الاستقبال الرائع من الجمهور لظهورهم على الشاشة، دافعا قويا للمخرج عيسى كرامة لإعادة استغلال وجودهم بشكل أكبر من خلال منح عدد كبير منهم أدوارا يشاركون بها في فيلم "الأزواج والصيف" بطولة كمال الشناوي ونجوى فؤاد، وكتب له السيناريو والحوار حسين عبدالنبي، أحد أعضاء الفرقة، لعلمه بطبيعة شخصيات أعضاء الفرقة، وشارك فيه من أعضاء الفرقة، أمين الهنيدي، ومحمد أحمد المصري، وفؤاد راتب، وحسين عبدالنبي، وفرحات عمر، وعبدالمنعم إبراهيم، ومحمود لطفي، ومحمد يوسف.

الوصول للنجومية

مثلما حدث مع عبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس وعبدالمنعم إبراهيم، لفت أمين الهنيدي أنظار السينمائيين، من بين كل أبطال "ساعة لقلبك" وتوسموا فيه وجها سينمائيا جديدا، ويختاره المخرج عادل بحيري، ليشارك يوسف شعبان وليلى طاهر ومحمد عوض، بطولة فيلم "للنساء فقط" عام 1962، عن قصة ناصر حسين، سيناريو وحوار عصمت خليل، وينجح في إتقان دوره في الحدود التي رسمها لها المؤلف والمخرج، من دون منحه مساحة كافية لإظهار قدراته كممثل، وهو ما قام به أيضا عندما أسند له المخرج السيد زيادة، دورا في فيلم "زوجة ليوم واحد" أمام كمال الشناوي وحسين رياض وناهد شريف، ما جعل بعض النقاد يوجهون له انتقادات لاذعة، محاولين الانتقاص من موهبته، مؤكدين أن كل قدراته كممثل أنه مجرد "صوت"، ما أصاب أمين بإحباط، وخاصة أنه لم يكن مسؤولا عما يسند له من أدوار، سواء في السينما، أو حتى الإذاعة، وعدم منحه الفرصة كاملة ليثبت قدراته، فكان لابد من حل يمكن أن يقدم به نفسه للجمهور، بما يؤكد موهبته، غير أن ما أزال همه وإحباطه، لقاء الفنان السيد بدير، مصادفة على سلم الإذاعة، فهاله هذا الاستقبال الحميم، والترحيب الذي يليق بأحد كبار النجوم، وليس مجرد ممثل يتحسس خطواته، في بداية مشواره الفني:

* أنا مش مصدق نفسي... الكلام اللي باسمعه ده ليا أنا... ومن مين... من الأستاذ سيد بدير؟

= أنت عارف أنا مابعرفش أجامل... أنت ممثل هايل يا أمين... مشكلتك الوحيدة، أنه لازم يكتب لك مخصوص... لأنك خامة مختلفة عن كل الكوميديانات الموجودين دلوقت.

* لحظة واحدة يا أستاذ سيد أشوف حد من اللي واقفين جوه دول معاه بصلة.

= بصلة؟... تعمل بيها أيه أنت لسه مافطرتش؟

* لا، أنا بس خايف يغمى عليّ من الكلام اللي بأسمعه منك ده.

= هاهاها... ظريف والله ظريف... مش بقولك... عموما أنا هأثبتلك كلامي قريب أوي.

عمل السيد بدير مستشاراً للتلفزيون العربي ـ التلفزيون المصري ـ منذ بدء بث برامجه في مطلع الستينيات، بعد أن اختاره لهذا المنصب، د. عبدالقادر حاتم، الذي جمع بين وزارتي الإرشاد القومي (الإعلام) والثقافة، ولاحظ تعلق المشاهدين بالمسرحيات التي يقدمها التلفزيون في سهرة الخميس من كل أسبوع، غير أنه لاحظ أيضا غياب هذه المادة الفنية عن التلفزيون، فعرض على السيد بدير فكرة إنشاء مسرح التلفزيون، عبارة عن مشروع متكامل يعتمد على تكوين فرق مسرحية تتبع التلفزيون، تقدم مسرحيات للجمهور لمدة أسبوع واحد يتقن خلاله الممثلون أدوارهم، لتصور بعده المسرحية وتعرض في التلفزيون، لسد ساعات الإرسال.

أعجب السيد بدير بالفكرة، وشرع على الفور في تكوين ثلاث فرق، ضمت كل فرقة ثلاثين ممثلاً وممثلة، استأجر لها مسرح "الهوسابير" بالقاهرة، غير أنه لم يكن لدى السيد بدير وقت ليكلف مؤلفين جددا لكتابة نصوص خاصة بمسرح التلفزيون، فاعتمد في البداية على فكرة "مسرحة النصوص الأدبية" من روائع الأدب العربي من تأليف كبار الكتاب والأدباء، فقدم "الأرض" لعبدالرحمن الشرقاوي، "قنديل أم هاشم" ليحيى حقي، "أرض النفاق" ليوسف السباعي، "شيء في صدري" لإحسان عبدالقدوس، وغيرها من الأعمال الأدبية.

حققت هذه المسرحيات التلفزيونية نجاحاً مبهرا، حتى إن الجمهور كان يدفع ثمن التذكرة، ليشاهد هذه المسرحيات وقوفا، بعد امتلاء كل مقاعد المسرح، ما دفع السيد بدير لمد فترة عرض المسرحيات، من أسبوع واحد إلى عدة أشهر، والتوسع في عدد الفرق المسرحية العاملة، من 3 فرق إلى 6 فرق ثم 11 فرقة مسرحية، من مختلف المدارس والمناهج، ما صنع نهضة مسرحية حقيقية، وأحدث رواجا مسرحيا كبيرا، صاحبه ظهور عدد ضخم من الوجوه الجديدة في التمثيل والإخراج والكتابة المسرحية، فضلا عن الاستعانة بالموهوبين ممن هم على الساحة، ولم تمنح لهم فرصة لتقديم إمكاناتهم وإظهار قدراتهم الفنية، فتم الاستعانة بعدد من نجوم البرنامج الإذاعي "ساعة لقلبك" على رأسهم الفنان عبدالمنعم مدبولي، مؤلفا ومخرجا وممثلا، ويفي السيد بدير بوعده لأمين الهنيدي، ليبدأ مع عبدالمنعم مدبولي، من خلال مسرحية "أصل وصورة" عام 1963، التي اقتبسها سمير خفاجي ومحمد دوارة، وأخرجها عبدالمنعم مدبولي، وشارك في بطولتها محمد عوض، وحسن مصطفى، ونجوى سالم، ونبيلة السيد، ويرسم سمير خفاجي وعبدالمنعم مدبولي شخصية "الحانوتي أبوالعينين" بحرفية عالية، ويقدمها أمين الهنيدي.

الشيخ حسن يمنح الهنيدي الثقة

رغم أن الهنيدي لم يكن البطل الأول أو الاسم الأول في المسرحية، فإنه استطاع بقدراته الفنية، أن يسرق الأضواء من جميع العاملين في المسرحية، وينتزع الضحكات بشكل صارخ، حتى إن عبدالمنعم مدبولي لاحظ الاستقبال الفاتر له من الجمهور، عند دخوله إلى المسرح، ثم التصفيق المتكرر له خلال وجوده على خشبة المسرح، وكيف يستقبله مرة أخرى في نهاية المسرحية، فقام بزيادة مساحة دوره، حتى أصبح قبل تصويرها يتقاسم بطولتها مع محمد عوض.

هذا النجاح الذي حققه أمين الهنيدي على خشبة المسرح، وعلى شاشة التلفزيون عند عرض المسرحية، لفت أنظار الجميع إلى هذا الممثل، الذي لا يتعمد إثارة الضجيج حول نفسه، رغم ما يمتلكه من قدرات هائلة، ما جعل المخرج والمؤلف محمد سالم يختاره ليكون محور فيلمه الجديد، الذي أراد تقديمه كنوع من التحية للجنود المصريين الأبطال الذين شاركوا في "حرب اليمن"، وحقق الهنيدي شهرة كبيرة مع شخصية "الشيخ حسن" في الفيلم، الذي استحضر خلالها تفاصيل شخصية شيخ الكتاب "حسن الناجي" بالمنصورة، ليتأكد أنه كممثل لم يكن سطحيا أو مجرد "صوت"، فأعطاه الفيلم الثقة بمدى أهمية موهبته، ولفتت أنظار النقاد تجاهه بشكل أكثر أصالة، ويضعه على خريطة "كبار النجوم".

البقية الحلقة المقبلة

back to top