تجاهلي الأفكار الخاطئة المتوارثة

نشر في 15-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 15-01-2016 | 00:01
No Image Caption
لا شك أنك تلقيت الكثير من النصائح بشأن التربية منذ أن أصبحت أماً. ولكن بين آراء هذا وذاك وما يمليه عليك حدسك، تشعرين بالضياع. إليك بعض النصائح التي تساعدك في التخلص من أي شكوك تراودك واختيار الأفضل لطفلك.
منذ بضعة أيام أو أسابيع يملأ كائن مميز حياتك: طفلك. لا شك في أنك تعتبرينه الطفل الأجمل والأكثر ذكاء، وتبذلين قصارى جهدك لتكوني أماً صالحة له. نتيجة لذلك، تولين النصائح كافة التي يسديك إياها محيطك اهتماماً كبيراً، حتى إنك تحفظينها عن ظهر قلب.

تكون الأم الجديدة سريعة التأثر. فلا تكف قريبتك عن التفاخر بالأطعمة المنزلية التي تعدها لطفلها، في حين تعتبرين أنت المراطبين التي تشترينها عملية جداً. كذلك تؤكد لك جدتك أن الطفل ينام نوماً عميقاً إن مددته على بطنه، إلا أن هذا يتناقض مع ما يخبرك به طبيب الأطفال. أما والدتك فتصر على أهمية الرضاعة... لكل جيل طريقته الخاصة في التربية، ويعود إليك الاختيار بحرية ما ترينه ملائماً لك ولطفلك.

في كل مرة ترين فيها جدتك، تقول لك: «دعيه يبكي، وإلا صار مدللاً جداً ونغص عليك حياتك».

ندرك جيداً اليوم أننا كلما سارعنا في تلبية حاجات الطفل خلال أسابيعه الأولى، ساعدناه على تنمية إحساسه بالأمان الداخلي. وبفضل هذا الشعور يزداد الطفل استقلالاً. تطورت معارفنا كثيراً منذ زمن جدتك، وصرنا نفهم أن الطفل يحتاج إلى الدفء، العاطفة، والحنان، لا الحليب والقواعد الصارمة فحسب، ليكبر وينمو. لذلك عليك تكييف طريقة تعاطيك معه وفق سنه وما يحيط به. عندما يبكي الطفل خلال الأشهر الثلاثة الأولى، يكون مضطرباً (يشعر بالجوع، الحر، الانزعاج...). لذلك من الضروري الاستجابة إلى بكائه من دون إرغامه على الانتظار. ولكن بعد بلوغه شهره السادس، يصبح نظام الطفل قريباً من نظام البالغ. لذلك يكون من الأفضل أن ترجئي التفاعل معه لبضع دقائق وأن تحاولي التحدث إليه قبل أن تسارعي إلى ضمه. فلا يساهم الصوت في تهدئة الطفل فحسب، بل يساعده على الاعتياد على المسافة والبعد. وبهذه الطريقة، يتحول الصوت إلى أداة فصل. أفلا نستخدم في النهاية الكلام للوداع؟

تنبهك المربية: «أخرج الأطفال لبعض الوقت كل يوم، بغض النظر عن الأحوال الجوية». فهل هذه عادة جيدة؟

يستطيع الطفل الخروج كل يوم، إلا إذا كانت دراجات الحرارة عالية أو منخفضة جداً في الخارج. إذاً، من الضروري التفكير بمنطق. فإن كان الهواء في الخارج عاصفاً والحرارة 20 درجة تحت الصفر، فلا داعي لإخراج الطفل، إلا في الحالات الطارئة. وينطبق الأمر عينه حين تكون الحرارة في الخارج خانقة والتلوث مرتفعاً. في هذه الحال، يكون الطفل أكثر انتعاشاً وهدوءاً ببقائه في غرفته. أما في الأحوال الجوية المعتدلة، فيكفي أن تتخذي بعض الاحتياطات البسيطة. في الصيف، تفادي الخروج خلال ساعات الحر (بين الثانية عشرة والرابع بعد الظهر) واختاري مكاناً مظللاً للتنزه. أما في الشتاء، فعليك أن تغطي الطفل جيداً وتلبسيه قبعة صوفية. وتذكري أننا كلما حمينا أطفالنا وأبقيناهم في الداخل في دفء منازلنا، منعناهم من تطوير وسائل الدفاع الضرورية.

«إن كان الطفل يعاني الحمى، حمميه بماء أدنى بنحو درجتين من حرارة جسمه». هذا ما نصحك به طبيب العائلة.

تشير السلطات الصحية إلى أن تحميم الطفل في محاولة لخفض حرارته لا يُعتبر طريقة فاعلة. على العكس، قد تزيد هذه الخطوة الطين بلة. صحيح أن الحمى تشكل آلية دفاع طبيعية في الجسم، إلا أنها تصبح خطرة في حالة الأطفال عندما تتخطى 38 درجة مئوية. بالإضافة إلى ذلك، إن غطيت الطفل كثيراً، فقد ترتفع حرارته بسرعة لأن جسمه ما زال عاجزاً عن ضبطها بفاعلية. إذاً، بدل أن تحميميه، قد يكون من الأفضل أن تنزعي عنه القليل من الملابس من دون أن تعريه بالكامل. أبقيه مثلاً بالحفاض وسروال وقميص رقيقين. وإن كان طفلك لم يتخطَ بعد شهره الثاني، فلا تعطيه أي أدوية، وعاودي قياس حرارته بعد نصف ساعة من خلع ملابسه. وإن لم تنخفض الحرارة، فعليك نقله في الحال إلى عيادة طبيب الأطفال. أما إذا كان قد تجاوز الشهر الثاني، فتستطيعين إعطاءه الباراسيتامول أو الأسبرين مع احترام الجرعة المحددة على العلبة. وإذا لاحظت أن الحمى لم تنخفض بعد نصف ساعة، فاتصلي بالطبيب. في المقابل، إن كانت طفلك يعاني أعراضاً أخرى إلى جانب الحمى، مثل الإسهال أو التقيؤ، فلا تنتظري انخفاض الحمى بل اتصلي بالطبيب في الحال.

ينبئك حدسك: «تحميم الطفل مساء أفضل لأنه يساعده على الاسترخاء والاستمتاع بليلة نوم هانئة».

يمكنك تحميم طفلك ساعة تشائين. اختاري ما يناسبك أنت وطفلك، لأن الأهم أن تحظيا كلاكما بوقت من الراحة والاسترخاء. لذلك خصصي الوقت الكافي لتحميم الطفل كي لا يشعر بتوترك، فيؤدي الاستحمام إلى نتائج عكسية. لا شك في أن أطفالاً كثيرين يفضلون الاستحمام مساء لأنه يساعدهم على الاسترخاء. إلا أن هذا لا ينطبق على الأطفال كافة. عليك أن تميزي أنت بنفسك الوقت الأنسب لطفلك.

تخبرك جارتك بكل هدوء وثقة: «مشاية الأطفال مذهلة. ولا شك في أنها ستساعد طفلك على المشي بسرعة أكبر».

لكن مشاية (عربة) الأطفال لن تساعد صغيرك على المشي بسرعة أكبر ولن يكون لها أي تأثير يُذكر في نموه. صحيح أنه يفرح بالتنقل فيها وسط الغرفة، إلا أن توازنه يختل بدفعه قدميه إلى الوراء. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن أن يؤدي الإفراط في استعمال المشاية إلى نتائج سلبية، مثل تشوهات في الطرفين السفليين، لأنها ترغم الطفل على حمل جزء من وزن جسمه وهو ليس مستعداً بعد لذلك. كذلك تلغي المشاية عملية تعلم الوقوف والدبدبة التي تحسن عملية التنسيق بين الذراعين والساقين. في مطلق الأحوال، لا تدعي طفلك في المشاية لأكثر من نصف ساعة يومياً، حتى لو شعرت أنه يستمتع باللعب فيها.

تشدد والدتك في محاولة لإشعارك بالذنب: «يكون الطفل الذي يرضع من حليب أمه أكثر تفتحاً. لقد أرضعتكم كلكم».

من المؤكد أن حليب الأم يبقى الغذاء الأفضل للطفل. ولكن كي تواصل الأم الرضاعة، يجب أن تكون العملية ممتعة للطرفين، وإلا فستخفق. تجمع الرضاعة بين عاطفة الأمومة وبين الحس الجسدي. لذلك تبدو مذهلة ومخيفة في آن. حتى إن بعض الأمهات تنفر من وجهها «الحيواني». لذلك إن كنت تأبين إرضاع طفلك، فلا بأس. فسيكبر ويتفتح بالاعتماد على زجاجات الحليب. وتذكري أنك إن قررت الرضاعة، يجب ألا يكون دافعك الوحيد إلى ذلك إرضاء والدتك.

تتفاخر قريبتك: «أتطعمين صغيرك أطعمة مخصصة للأطفال من المتجر؟ لكن الطعام الذي تعدينه في المنزل أفضل بكثير».

يشعرك هذا الكلام بتأنيب الضمير لأنك لم تعدي الأطعمة لطفلك أنت بنفسك في المنزل. ولكن إن كنت لا تحبين الطهو أو لا تملكين الوقت لذلك، فلا مشكلة. يبقى الأهم أن تحظيا معاً بلحظات ممتعة. فما يحتويه طبقه لا يجعلك أماً غير صالحة.

تشكل هذه الأطعمة الجاهزة في المتاجر متعة الأم العاملة الكثيرة الانشغال. بالإضافة إلى ذلك، تخضع هذه الأطعمة لتشريعات دقيقة وتحتوي على الكميات المناسبة من البروتين، الملح، السكر، والفيتامينات. كذلك، تحتوي الخضراوات في هذه المأكولات على نسب أقل من النترات ومبيدات الآفات، مقارنة بالمنتجات الطازجة، فضلاً عن أنها خالية من أي ملونات أو مواد حافظة. لا شك في أن إعداد الطعام للطفل في المنزل يشكل تعبيراً مهماً عن محبة الأم لطفلها. ولكن في هذه الحال، من الضروري التأكد من مصدر الأطعمة وعدم تركها في البراد لأيام لأنها قد تفقد قيمتها الغذائية. ولعل الغذاء الأفضل المواد الطبيعية المهروسة والمثلجة. فيكفي أن تضعي بضع مكعبات منها في القدر وتسخنيها مع القليل من الزبدة والبقدونس. وهكذا تكون وجبة الطعام جاهزة.

تخبر شقيقتك: «هل أنت واثقة من أنه لا يعاني الإمساك؟ تتغوط طفلتي كل يوم».

تختلف حركة الأمعاء باختلاف الأطفال. خلال السنة الأولى، يتغوط بعض الأطفال مرة إلى ستة مرات في اليوم، في حين تقتصر حركة أمعاء آخرين على مرة في الأسبوع. ولا يعاني هؤلاء الإمساك بالتأكيد. كذلك، إن كان طفلك يتناول الحليب باستمرار، فلا يواجه خطر الجفاف. أما إذا جلس القرفصاء واحمر وجهه، فهذا أمر طبيعي.

تنصحك والدتك: «ما زال طفلك يتناول قنينة حليب عند الظهيرة. بلغ شهره الثالث. لمَ لا تطعمينه اللحم أو الخضراوات؟».

قبل نحو 20 سنة، كانت الأم تبدأ بتنويع طعام طفلها نحو شهره الثالث أو ربما قبل. ولكن أظهرت الدراسات منذ ذلك الحين أن على الأم ألا تطعم طفلها غير الحليب قبل بلوغه شهره الرابع. كذلك قد يرفع بعض الأطعمة، مثل البيض، السمك، والخلطات التي تحتوي على الغلوتين، خطر الإصابة بالحساسية، فضلاً عن أن جهاز المناعة لدى الطفل لا يكون قد نضج. علاوة على ذلك، لا يكون الطفل في هذه السن المبكرة قد طور المقدرات الكافية للاستمتاع بالطعام من دون الاختناق. لذلك من الأفضل الانتظار إلى أن يبلغ شهره السادس إلى أن تقدمي له أطعمة أخرى غير الحليب.

تسألك والدتك: «لا تزينينه؟ كيف تعرفين أنه تناول ما يكفي من الحليب؟». فهل يجب أن تزيني الطفل، كما تقترح والدتك؟

كلا، هذا ليس ضرورياً. على العكس، قد تتحول عملية قياس وزن الطفل كل يوم خلال أسابيعه الأولى إلى مصدر قلق لأن وزنه لا يزداد بطريقة منتظمة خلال هذه المرحلة. وماذا يحل بك إن لم يكتسب طفلك 25 غراماً في اليوم؟ لا شك في أنك ستصابين بالهلع. زيني طفلك قبيل خروجه من المستشفى وسيعاود الطبيب قياس وزنه خلال الزيارة الأولى مع بلوغه شهره الأول، وهذا كافٍ بالتأكيد. فإن كان يتناول كمية كافية من الحليب بشهية وينام جيداً بين الوجبة والأخرى، فهذا بدوره دليل على أنه ينمو بشكل طبيعي.

تصرّ جدتك: «يمكنك بالتأكيد تمديده على بطنه حين ينام. ففي المسائل المتعلقة بالأطفال نسمع دوماً النصيحة ونقيضها».

لا تشكل نصيحة «تمديد الطفل على ظهره أثناء النوم» موضة. فقد أظهرت الدراسات أن هذه النصيحة ساهمت في تراجع موت الرضع المفاجئ بنحو 70 % خلال 10 سنوات. ولا شك في أن هذا دليل على فاعليتها. لذلك، عندما يكون الطفل نائماً خلال النهار أو الليل، من الأفضل ألا تتبعي نصيحة جدتك. ولكن حين يستيقظ، يمكنك إن شئت تمديده لبعض الوقت على بطنه مع مراقبته باستمرار. وهكذا يبدأ برفع رأسه وعضلات عنقه. كذلك يمكنك تمديده على أحد جانبيه (مرة الأيمن ومرة الأيسر) مع تسنيده بوسادة، ما يساعده في الاسترخاء وتنسيق حركاته بما يتأقلم مع محور جسمه. بالإضافة إلى ذلك، نوعي وضعيات نوم طفلك لتحولي دون تسطح جمجمته.

تؤنبك والدتك: «صار طفلك في شهره الثالث عشر ولم تعلميه بعد الجلوس على المبولة (النونية)!».

كي يتوقف الطفل عن التبرز في حفاضه، عليه أن يتعلم أولاً التحكم في العضلات العاصرة التي تبقي فتحتي المثانة والشرج مقفلتين. ولا يبلغ الطفل هذه المرحلة العصبية إلا نحو سنته الثانية. لذلك إن أجلست طفلك على المبولة وهو في شهره الثالث عشر، فأنت بذلك تروضينه ولا تحترمين شخصه. عند التعامل مع الأطفال، لا يكفي أن يقوم الطفل بما تريدينه منه، بل يجب أن يقوم بذلك بطيب خاطر بعد أن يكون قد بلغ النضج الجسدي والنفسي الملائمين.

تنبهك عمتك: «انتبهي! قد تصبح أسنانه بارزة نحو الأمام إن أفرط في استعمال المصاصة».

يؤكد الأطباء أن مص الطفل إبهامه أو المصاصة لا يؤثر في سقف حلقه أو عملية التسنين، شرط أن يتخلى عن هذه العادة قبل ظهور أسنانه النهائية نحو سن السادسة أو السابعة. وفي هذه الحال، يُعتبر الإبهام أفضل من المصاصة لأن الطفل يُضطر إلى إخراجه من فهمه للعب والحبو. كذلك لا يمكنك إرغام الطفل على مصه ليكف عن البكاء. في المقابل، من الممكن لاستعمال المصاصة بإفراط فترة طويلة أن يؤدي إلى إصابة الطفل بمشكلة البلع المبكر، وقد ينعكس سلباً على تطور اللسان ونمو الفك. إذاً، لا بأس إن مص الطفل إبهامه أو المصاصة قليلاً قبل النوم. ولكن خلال النهار، اقترحي عليه نشاطات متنوعة تبعده عن هذه العادة وتساعده في التفتح والاستكشاف.

في دار الحضانة، يؤكدون لك: «من غير الطبيعي ألا يحظى طفلك بلعبة يبقيها معه دوماً».

منذ متى أصبحت اللعب إشارة إلى ما هو طبيعي. صحيح أن غالبية الأطفال يحظون بلعبة مماثلة. لكن الدراسات لم تتوصل بعد إلى تحديد الاختلاف بين مَن يملكون واحدة ومَن لا يملكون. تساعد هذه اللعبة عادة الطفل على محاربة خوف الانفصال، على استحضار الأم الغائبة، وعلى الانتقال من المعلوم إلى المجهول. لكن الأولاد الذين لا يحظون بلعبة مماثلة ينجحون أيضاً في عملية الانتقال هذه لأنهم يتمتعون على ما يبدو بثقة كبيرة في النفس. في المقابل، قد يستعيض الطفل عن هذه اللعبة بمواقف معينة مثل تكرار الأصوات (بابابا بابا) أو تمليس الشعر. في مطلق الأحوال، يعود إلى الطفل اختيار لعبة مفضلة، ويجب ألا تفرضها عليه الأم لطمأنته.

back to top