الفيلم الأجنبي يعمّق جراح السينما المصرية

نشر في 27-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 27-11-2015 | 00:01
أثار قرار وزير الثقافة المصري الدكتور حلمي النمنم زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبي بدور العرض من تسع نسخ إلى 15 نسخة جدلاً كبيراً بين السينمائيين الذين انقسموا بين مؤيد ومعارض، وعليه بدأ بعض المعارضين جمع توقيعات ضد القرار ومخاطبة الوزير للعدول عنه، ما دفع الأخير إلى تأجيل التنفيذ ومناقشة الخبراء في المجال لبيان مدى تأثير الزيادة السلبي على صناعة السينما.

 عن القرار وآثاره على صناعة السينما في مصر كانت لنا هذه المتابعة.

رأى المنتج والمخرج هاني جرجس فوزي أن لقرار زيادة عدد نسخ الفيلم الأجنبي آثاراً سلبية على صناعة السينما بمصر، فأصحاب دور العرض ومستوردو الأفلام الأجنبية هم في الأساس منتجون للفيلم المصري كانوا يخوضون تجربة الإنتاج من وقت إلى آخر، وبالقرار يتوقفون عن الإنتاج نهائياً. وأضاف جرجس {أننا في الوقت الذي نعاني فيه انخفاض الإنتاج السينمائي ونتطلع إلى زيادته يأتي القرار ليزيد من أزمة صناعة السينما، أولاً باستمرار غياب المنتجين عن الصناعة، وثانياً بفتح الساحة للفيلم الأجنبي على حساب المصري، لأن أصحاب دور العرض، وهم أيضاً المستوردون، مكسبهم من عرض  الأخير أكبر بكثير من عرض الفيلم المصري، وستُتاح له شاشات كثيرة فيرفع المصري بعد أيام، خصوصاً مع غياب الرقابة على الصالات.

المخرج محمد النجار أيضاً يرى أن القرار في ظاهره يبدو منطقياً لأن الإنتاج المصري من الأفلام لا يغطي شاشات العرض كافة، ولا بد من إتاحة الفرصة للفيلم الأجنبي كي لا يخسر أصحاب الدور أموالهم، ولكن توقيت الصدور هو الأزمة الحقيقية، ففي وقت تعاني صناعة السينما قلة الإنتاج والقرصنة والاحتكار يصبح القرار بمثابة رصاصة الرحمة عليها. وأضاف النجار {أن الأزمة تكمن أيضاً في سيطرة بعض المنتجين وأصحاب دور العرض على غرفة صناعة السينما لأن إحدى أهم وظائف الأخيرة حماية الصناعة وتنظيم المناخ حتى تنهض الصناعة. ولكن الغرفة اليوم تُدار حسب مصالح بعض أعضائها، لذا كان لا بد لنا من أن نقف أمام القرار. كذلك لا ننسى أن غياب الدولة عن الصناعة كان له الأثر الكبير في ما وصلنا إليه، وعليها أن تعود للاهتمام بالصناعة من خلال خفض الجمارك على معدات السينما وشاشات العرض ومحاربة القرصنة والاحتكار لتعود السينما إلى ما كانت عليه. لاحقاً، يمكن أن نزيد عدد نسخ الفيلم الأجنبي، لكن أولا علينا أن ننهض بالصناعة بدلاً من مساعدة البعض في تحقيق مصالح شخصية}.

في السياق نفسه، يرى الناقد وليد سيف أن لهذا القرار آثاراً سلبية على صناعة السينما، منها إتاحة المجال لثقافة خارجية ان تُعرض بكثرة مع انخفاض الإنتاج السينمائي المصري وغياب الدولة عن المجال الثقافي وعن صناعة السينما. وطالب وليد سيف بتنظيم عرض الفيلم الأجنبي في مصر مع دعم الدولة لمنتجي الفيلم المصري، بدلا من أن تتحول مصر إلى دور عرض لأفلام من كل الجنسيات دون وجود صناعة سينما لها، كما يحدث في كثير من دول الخليج التي تمثل سوقا كبيراً للفيلم الأجنبي وليس لها أي إنتاج يُذكر.

أهمية المستوى

ترى الناقدة ماجدة خير الله أن القرار لن يؤثر على صناعة السينما، لأن أزمة الأخيرة أسبابها السينما المصرية نفسها وصانعيها. وكون الفيلم مصرياً لا يجبرنا على دعمه، بل يجب أن يكون مستواه جيداً. وأضافت خير الله: {في الثمانينيات كان ثمة انتشار كبير للفيلم الهندي في معظم دور العرض السينمائي، وحقق اميتابتشان نجاحاً كبيراً وقتها. حتى إنه في أحد المواسم السينمائية استمر فيلمه 14 أسبوعاً حاصداً إيرادات كبيرة تفوق بها على عادل إمام ونادية الجندي رغم شعبيتهما، ما جعلهما يتوجهان إلى الوزير فاروق حسني الذي أصدر قراراً بعدم استمرار الفيلم الأجنبي أكثر من أربعة أسابيع حتى نضمن نجاح الفيلم المصري، وردد وقتها السينمائيون أسباباً مشابهة لما يُقال الآن، ولكن بعد منع الفيلم الهندي هل قدم كل من عادل ونادية أفلاما ذات مستوى أفضل، أم استمرا في ما يقدمانه بعد أن ضمنا غياب منافسة قوية؟}. وتابعت: {عندما كانت الدراما المصرية تُقدم مستوى فنياً منخفضاً جداً، ولأنها كانت الوحيدة المعروضة للجمهور، لم ينتبه أحد لحقيقتها ولم نر دراما مختلفة لنعرف أين نحن. ولكن عندما فتح المجال للدراما السورية وغيرها وحققت النجاح، وعرف الصانعون أهمية أن نقدم دراما ناجحة بشكل متطور تصويرا وإخراجا وتمثيلا، اضطر الجميع إلى تطوير أدائهم كي يستطيعوا المنافسة، وفعلاً عادت الدراما المصرية إلى الريادة والسيطرة على السوق العربي عموماً والمصري خصوصاً، وهذا بفضل المنافسة مع فن آخر. من لا يقدر على المنافسة وتطوير نفسه لا يلوم إلا نفسه ولا يُطالب الجميع بمساعدته ومنع أي فن آخر حتى يضمن البقاء}.

بدوره يؤيد الناقد عصام زكريا القرار بشدة معتبراً ما يتحجج الرافضون  للقرار به ادعاءات غير صحيحة، وأكد أن في مصر من لا يعمل يهاجم دائماً من يعمل، ومثال على هذا الهجوم الذي يتلقاه السبكي رغم أنه الوحيد الذي يواظب على الإنتاج، وكأننا لا نريد لدور العرض أن تعمل.

وأضاف: {من حق العاملين في دور العرض أن يديروها وأن تكون لديهم أفلام للعرض، والأعمال الجيدة هي التي ستفتح هذه الدور مرة أخرى وتعيدها للعمل}، مشيرا إلى أنه عندما ظهرت موضة أفلام الفيديو أغلقت سينمات كثيرة، لتعود عندما زادت نسخ الأفلام الأجنبية واستفاد منها الفيلم المصري أيضا وبدأ ينتعش.

وأضاف زكريا: {ثمة دور عرض تحتوي على أكثر من شاشة، والمراكز تجارية تتضمن صالات كثيرة، والفيلم المصري لا يغطي كل هذا العدد من الشاشات، لذا أصبح من حق أصحاب الدور البحث عن بديل لفتح أبواب رزقهم وتعويض ما أنفقوه من ملايين على الشاشات. أما الفيلم المصري فمع زيادة إنتاجه يعود لتصدر الشاشات}.

back to top